< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المطلق والمقيّد. الصورة الثالثة ان يكون الأمر في دليل المقيّد متعلّقا بنفس التقييد لا بالقيد:

     الصورة الثالثة: ان يكون الأمر الثاني متعلقا بنفس التقييد لا بالقيد.

     السيد الخوئي (ره) يرى انه في الصور الثلاث نحمل المطلق على المقيّد في المستحبات، وهو خلاف المشهور.

     المختار في الصور الثلاث هو المشهور، وهو الحمل على اميز الأفراد.

 

نكمل الكلام في الصورة الثالثة في تصوير السيد الخوئي (ره): وهي ان يكون الأمر في دليل المقيّد متعلّقا بنفس التقييد لا بالقيد، هذه الصورة تختلف عن الصورة الثانية اجمالا الامر متعلّق بالتقييد لا بالقيد، [1] وفي مسألتنا يكون الامر متعلّقا بالتقييد أي في العلاقة بين القيد والمقيّد لا بالقيد، كما إذا افترض انه ورد في دليل ان الإقامة في الصلاة مستحبّة، وورد في دليل آخر فلتكن في حال القيام أو في حال الطهارة، أي نظر إلى الامر الاوّل – الإقامة في الصلاة - وجعله متعلّقا لأمر آخر كالجلوس والقيام والطهارة.

الظاهر ان الفرق بين الصورة الثالثة والصورة الثانية ان الثالثة ينظر إلى حكم المطلق، فيقول: الأمر بالإقامة الذي أمرت به مقيّد بعدم كونها في حدث. اما في الثانية فليست ناظرة اليه بل نجمعها مع عنوان آخر، فيقول: الامر بالإقامة التي أمرت بها مقيّد بعدم كونها في جلوس أو حدث.

فالكلام في هذه الصورة هو الكلام في الصورة الثانية حيث ان الأمر في قوله " فلتكن " ظاهر في الإرشاد إلى شرطية الطهارة أو القيام في استحباب الاقامة، ولا فرق من هذه الناحية بين كون الإقامة مستحبّة أم واجبة.

فالنتيجة اما ان نحمل المطلق على المقيّد فيكون هذا القيد مقيدا للمطلق فلا يكون المطلق على اتساعه، ويكون القيد خارجا عن حكم المطلق فنحمل المطلق على المقيّد، وتكون الإقامة في مثالنا جلوسا ليست مستحبّة، هذا وجه للجمع، والوجه الآخر للجمع ان الإقامة جلوسا أخس الافراد.

السيد الخوئي (ره) في تعليقه على كلام المشهور حيث قالوا من انه لا يحمل المطلق على المقيّد في باب المستحبات، بل يحمل على انه اميز الافراد. يقول (ره): لا أصل له في الأقسام المتقدّمة الثلاثة، اما في القسم الرابع فهو يوافق المشهور.

أقول: تعليقا على ما ذهب اليه السيد الخوئي (ره): في الأقسام الثلاثة التي ذكرها السيد (ره) إن لم توجد قرينة عامّة على حمل المطلق على المقيّد، ولو بأن يكون - كما يدعي السيد (ره) - القيد إرشاديا إلى الجزئية أو الشرطيّة أو المانعيّة، فيحمل المطلق على المقيّد حتى في المتخالفين من المستحبات كما في الواجبات لوجود التنافي القوي. فإذا لم توجد هكذا قرينة أصبح هذا الحمل بلا دليل.

اما نحن فنذهب إلى ما ذهب اليه المشهور في المطلق والمقيّد في المستحبات في الصور الثلاثة من انه لا يحمل المطلق على المقيّد بل يحمل على ان المقيّد اميز الافراد، والحمل على أميز الأفراد اظهر وأهون من رفع اليد عن الإطلاق بل لا تنافي أصلا بين المطلق والمقيّد المتوافقين إذا كان ذلك في المستحبات. إذ أن المقيّد فرد من أفراد المطلق، وليس فيه وجوب تعييني لكي يتنافى مع المطلق.

نعيد للتوضيح: المطلق والمقيّد إذا كانا متخالفين فهما يتنافيان في المقيّد كما ذكرنا في مثال الإقامة في الصلاة، الإقامة في الصلاة مستحبّة وورد لا تقم وانت جالس، فتكون النتيجة انه حال الجلوس الإقامة منهي عنها، وبحسب العموم هي مطلوبة فيقع التنافي في هذا الفرد. وإذا كانا ايجابيين فتكون الإقامة في الصلاة دائما مستحبة وورد انها في حال القيام مستحبّة وهي ظاهرة في الاستحباب التعييني وهذا الظهور في التعيين ينافي الاطلاق وبقيّة الافراد، لذلك التنافي موجود بين المطلق والمقيّد سواء كان سلبيا او إيجابيا.

وهذا التنافي كيف أرفعه؟

إما بحمل المطلق على المقيّد أو يحمله على اميز الافراد.

وحمل المطلق على المقيّد يقتضي رفع اليد عن الاطلاق، والحمل على أميز الافراد يقتضي بقاء الاطلاق على اطلاقه ورفع اليد عن التعيين، فايهما أولى؟

قلنا امس ان رفع اليد عن الاطلاق اصعب لأنه اظهر، وقلنا انه من أسباب الاظهريّة ان بعضهم اعتبر الاطلاق جزءا من الموضوع له في الماهيّة، قالوا ان اللفظ موضوع للماهيّة المطلقة.

نعم، قد يقال: إنه ظاهر في الاستحباب التعييني، فيتنافى مع استحباب المطلق التخييري.

ونقول: إنه لا يتنافى إلى على القول بالمفهوم أي مفهوم اللقب، وحينئذ يتنافيان في الإيجاب والسلب ويصبح من الصورة الأولى.

ثم انه لا باس بلفت النظر إلى ان هذه الصورة الثالثة قليلة الحصول، وامثلته موجودة، ففي كيفيّة الزيارات مثلا عندما يقول الامام (ع) يا فلان زر الحسين (ع) فيقول له وكيف أفعل؟ فيقول له: اغتسل والبس اطهر ثيابك واذهب عطشانا، باكيا ماشيا حاسرا خاشعا....

تطبيقا لمسالتنا هنا إذا قلنا يحمل المطلق على المقيّد تعني ان الزيارة بدون اغتسال ومشي وحاسرا وغير ذلك لا تكون زيارة مأمورا بها، وهذه الحالات تكون قيدا لاستحباب الزيارة المطلقة، أو ان نقول بالحمل على أفضل الأفراد فتكون الزيادة بدون الاوصاف المذكورة مأمورا بها.

لذلك حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة انه خلاف المشهور لا نسلم للسيد (ره) في ذلك، ونقول ان الحق مع المشهور في المستحبات ونحمل على اميز الافراد إلا مع القرائن.

غدا إن شاء الله نبحث الصورة الرابعة.

 


[1] وللتوضيح: ذكر النائينئ (ره) في الفرق بين الجزء والشرط، في الجزء يكون القيد والتقييد داخلين في المركب، اما في الشرط فيكون التقييد داخلا دون القيد أي ان القيد يكون خارجا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo