< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المجمل والمبيّن.

     معنى المجمل والمبيّن هو المعنى اللغوي.

     هل هما إضافيان؟

     الاجمال والتبيّن عند صاحب الكفايّة (ره) يدوران مدار الظهور الاستعمالي، لكن الاصح انهما يدوران مدار المراد الجدي.

 

وصلنا إلى الباب الأخير في مباحث الالفاظ وما يتعلّق بها.

المجمل والمبيّن: والكلام: في معناه، وفي مفرداته بعض مصاديقه الأمثلة على المفردات.

معنى المجمل والمبين: والبحث فيه حتى لا يتكلّم كل واحد منا في واد. أما من ناحية المعنى الاصطلاحي الظاهر عدم وجود معنى خاص اصطلاحي عند الأصوليين، ولذا فهو باقٍ على الحقيقة اللغوية.

ووقع الكلام في هل المجمل والمبين هما وصفان إضافيان بحسب الجهات والأشخاص أم واقعيان لهما جهة واحدة لا تختلف كما في مثال الحرارة والبرودة؟ ففي الحرارة يمكن ان يكون معناها إضافيا فالماء بنفسه بالنسبة لشخص معتاد على البرودة يرى ان الحرارة معتدلة، وكذلك يمكن ان يكون معنى الحرارة واحدا لا يختلف بغض النظر عن الأشخاص والأشياء، بالحرارة مثلا عشرة مئويّة.

ذهب صاحب الكفاية إلى كونهما وصفان إضافيان حيث يقول: " ثم لا يخفى أنهما وصفان إضافيان، ربما يكون مجملا عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره مما حف به لديه، ومبينا لدى الآمر لمعرفته وعدم التصادم بنظره ". [1]

وهذا كلام سليم، إذ قد يطّلع أحدهم على القرينة المبيّنة فيكون مبينا عنده، ولم يطّلع الآخر عليها فيكون مجملا عنده، لكن هذا الكلام يتنافى مع ما ذكره في صدر البحث حيث يقول: " فصل في المجمل والمبين: والظاهر أن المراد من المبين في موارد إطلاقه، الكلام الذي له ظاهر، ويكون بحسب متفاهم العرف غالبا لخصوص معنى، والمجمل بخلافه،... [2]

أي أنهما أمران واقعيان من جهة واحدة، وهي العرف، والفهم اللغوي العرفي، وليسا بالإضافة إلى الأشخاص وإلى السامع، أي ليسا أمرين إضافيين. كما في الوضع فانه أمر واقعي وليس إضافيا وهنا نفس الشيء العرف يرى ان هذا مجمل أو مبيّن فالجهة واحدة.

نعم، قد يقال: إن المجمل والمبيّن وإن كانا يرجعان إلى العرف وهو جهة واحدة، لكنهما بالنسبة للأشخاص مختلفان، فيكونان إضافيين.

ولكن، إذا كان هذا هو الميزان فمعظم الأشياء في الدنيا هو كذلك، إضافي وغير إضافي، فالأمور نسبية، فالقوّة نسبيّة والضعف كذلك، والغنى نسبي والفقر كذلك، وهكذا.

ثم إن صاحب الكفاية (ره) يحصر المبيّن بما له ظهور استعمالي، حيث يقول: فما ليس له ظهور مجمل وإن علم بقرينة خارجية ما أريد منه، كما أن ماله الظهور مبين وإن علم بالقرينة الخارجية أنه ما أريد ظهوره وأنه مؤول ... [3]

بيان كلامه (ره): الظهور ظهوران استعمالي وجدي، فالذي له ظهور استعمالي صار مبيّنا وإن لم يكن ظهور في المراد والجدي، كما ان ما ليس له ظهور استعمالي كان مجملا وإن كان له ظهور جدي.

هل المبيّن هو ما ظهر فيه المراد الجدّي او ما ظهر فيه المراد الاستعمالي وان كان المراد الجديّ غير معلوم؟

إذن انحصر المبيّن فيما كان له ظهور استعمالي سواء كان المراد الجدي معلوما أم لا. ففي المثال الذي دائما اذكره: " انشبت المنيّة أظفارها بزيد " يفهم الناس من هذه العبارة موته، وبعد ذلك يرتبون آثار موته من دون سؤال عن كيفيّة حصول هذا البيان، حيث إن المتكلّم شبّه المنية بالأسد، وحذف المشبّه به " الأسد " واثبت بعض لوازم المشبه به للمشبّه " المنيّة " فهذه العمليّة (الاستعارة بالكناية) لا يهتم بها العقلاء إلا من كان من أهل الاختصاص كعلماء البلاغة، فالمراد الجدي وهو الموت معلوم وهذا بالنسبة لصاحب الكفاية مجملا وليس مبينا لان الظهور الاستعمالي غير معلوم عند عامة الناس.

ومع التأمل قال ان المجمل والمبيّن معنى لغوي، وهل المعنى اللغوي يدور مدار الاستعمال او المراد الجدّي؟

الظاهر انه يدور مدار المراد الجدّي، فإذا كان المراد معلوما كان البيان واضحا ولا يسأل كيف استعمله.

وعلى أي حال، فالأمر سهل، إذ المسألة اصطلاحيّة، ولا مشاحة في الاصطلاح. نعم، نضطّر لبحث معنى اللفظ وتحديد العنوان فيما لو وقع موضوعا لحكم شرعي في نص شرعي من قرآن أو سنّة، لان الأحكام تابعة لعناوينها، ومسألتنا ليست من هذا القبيل، إذ لم يرد عنوان المجمل والمبيّن في نص شرعي. نعم، ورد عنوان المحكم والمتشابه في القرآن فنحتاج لفهم معناهما، ومعناهما يختلف عن المجمل والمبيّن في المصطلح الاصولي. وورد مثلا في النصوص: " ان الولد يرث " ومعنى " ولد " يشمل ولد الزنى أو لا؟ وهل يشمل الولد الناشئ بعد وفاة ابيه بزرع الحيمن في البويضة بعد وفاة الاب؟ أو مثلا معنى كلمة " البكر " التي أمرها بيد أبيها في الزواج على قول؟

الذي ينفعنا في بحث المجمل والمبين بحث المفردات مثلا: ﴿حرّمت عليكم امهاتكم﴾ [4] عند تعلّق الاحكام بالاعيان ظاهرا ما هو المعنى المقصود، الاكل، الشرب، النظر، الوطء. غدا نبيّنها ان شاء الله.

 


[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo