< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المجمل والمبيّن. أفراد المجمل والمبيّن.

     مفردات المجمل: أ- آية السرقة، وكيفية التعامل مع اجمالها.

     ب- التحليل المضاف إلى الأعيان، حيث إن الاعيان لا تتعلّق بها الاحكام، بل تتعلّق بالأفعال مثل: " أحل لكم بهيمة الانعام ".

     ج- التحريم المضاف إلى الاعيان مثل: " حرمت عليكم امهاتكم ".

 

أفراد المجمل والمبيّن:

ذكرنا ان صاحب الكفاية (ره) قال انهما أمران اضافيان، وقلنا ان هناك مشكلة إذا كان المجمل والمبيّن يختلف بحسب الأشخاص لا يبقى شيء من الاوصاف ا حقيقي، ولكن في الواقع هما واقعيان للظهور العرفي في كونهما الميزان هو العرف اللغوي.

وقال أيضا ان المناط في المسألة هو المراد الاستعمالي، إذا كان هناك المستعمل فيه ظاهرا فهو مبيّن، وإلا فهو مجمل، اما نحن قلنا كما قال ان الامر لغوي فنلاحظ ان المجمل والمبيّن في اللغة هو بلحاظ المراد الجدي وليس الاستعمال.

أفراد المجمل والبيّن يقول صاحب الكفاية (ره): ولكل منهما في الآيات والروايات، وإن كان أفراد كثيرة لا تكاد تخفى، إلا أن لهما أفرادا مشتبهة وقعت محل البحث والكلام للأعلام، في أنها من أفراد أيهما؟ كآية السرقة (اقطعوا ايديهما) (المائدة: 38)، ومثل (حرمت عليكم أمهاتكم) (النساء: 23) و (أحلت لكم بهيمة الانعام) (المائدة: 1) مما أضيف التحليل إلى الأعيان ومثل (لا صلاة إلا بطهور). ولا يذهب عليك أن إثبات الاجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان، لما عرفت من أن ملاكهما أن يكون للكلام ظهور، ويكون قالبا لمعنى، وهو مما يظهر بمراجعة الوجدان، فتأمل. [1]

نحن نعلم أن الأحكام لا تتعلق بالأعيان، لان الأحكام تتعلّق بالأفعال، لا معنى أن نقول: "الخمر حرام" أي بذاته حرام، الحرام هو شربه ونقله، أي ان الفعل هو يمنع عنه اما نفس العين فلا معنى للمنع عنها، ونقول: "الولد حرام" أي حرام اذيّته، الحرمة والحليّة عن أمر ينبغي فعله أو تركه، الطلب لا يتعلّق بالأعيان لذلك لا بد من تقدير في مثل (حرمت عليكم أمهاتكم) اذيتها أو النظر إليها أو لمسها أو وطؤها، لذلك صاحب الكفاية اعتبره مجملا. وكذلك يفرض التقدير في (أحلت لكم بهيمة الانعام) الحليّة الحرمة لا تتعلّق بالأعيان، بل يقدر فعل متعلّق بها مثل أكلها أو شرب لبنها أو صيدها أو بيعها أو شراؤها. وأيضا مجمل مثل (لا صلاة إلا بطهور) لان نفي الماهيّة عنده.

ذكر صاحب الكفاية (ره) افرادا من المجملات: الأول: آية السرقة: (اقطعوا ايديهما)، حيث لم يظهر المراد من اليد ولا من القطع، هل يراد منها كل العضو أو بعضه، أم من الزندين، أم الاشاجع، والقطع واجب ومستحب؟

فهل هي من المجمل؟ كما إذا كان الموضوع له غير واضح، الظاهر انها كذلك، وقد ورد في بعض الروايات ان القطع من الاشاجع، وهذا يكفي في رفع الاجمال في المأمور به.

ونحن برأينا ان آية السرقة من المجمل لانه لو كان المراد واضحا بينا والعرف يراه واضحا لما اختلفوا، بعضهم قال ان اليد من الزند ومن المرفق ومن الاشاجع، وقلنا ان المناط في البيّن بحسب المراد الجدّي، والمراد الجدي غير ظاهر.

إذن إذا كان المشكوك مبينا حكمه أخذنا به لأخذنا بالظهور أي ما قبل زمن الشارع وإلا بقي مجملا، وكما ذكرنا في الشبهة المفهوميّة أولا نطرق باب الشارع، فان لم يكن نطرق باب العرف، فان لم يكن فباب اللغة، فان لم يكن نأخذ بالقدر المتيقّن، فان لم يكن أصبح الدليل مجملا وحينئذ نبحث عن دليل آخر. والاخذ بالقدر المتيقن ليس رفعا للإجمال بل هو الحجّة علينا والباقي المشكوك ليس بحجّة، لان الاحكام تابعة لعناوينها، بل نرجع إلى دليل آخر مثلا: القدر المتيقن من كلمة " ثيب " هل هي التي فقدت غشاء البكارة مطلقا، او فقدته بوطء مطلق أو بوطء شرعي؟ لغة لم ندرك معنى البكر وهو مجمل. ومع الشك القدر المتيقن هو خصوص من فقدت بكارتها بعقد شرعي، حينئذ يكون معنى الثيب مجملا ونأخذ بالقدر المتيقن.

فإذا ورد نص معتبر في تحديد المقطوع (اليد) أخذنا به ويكفي في رفع الابهام، ففي الصحيح من الوسائل من ابواب حد القطع وكيفيته، ح1: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من أين يجب القطع؟ فبسط أصابعه وقال من ههنا يعني من مفصل الكف.[2]

السند صحيح من الطريقين، بل مستفيض. نعم ورد القيد بعدم قطع الإبهام في الرواية الثانية وهي موثقة.

وهي ح 2: وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القطع من وسط الكف ولا يقطع الابهام، وإذا قطع الرجل ترك العقب لم يقطع. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، وكذا الذي قبله. [3]

كيفيّة معالجة المجمل: فإذا لم يتمّ اعتبار النص وبقي حكم السارق مجهولا، لجأنا إلى منهجيّة الاستنباط وكيفيّة معالجة الشبهة المفهوميّة فنحاول استظهار المراد من اليد ولو بالظهور العرفي والمستند غالبا إلى أصالة الحقيقة، أي أصبحنا بحاجة إلى تحقيق الموضوع له لفظ اليد، فلو فرضنا اننا في تحقق الموضوع له كلمة " يد " لم نصل إلى نتيجة، فحينئذ نطرق باب الشارع لذلك نلجأ إلى الروايات المعتبرة، فان لم نجد نصا حجة معتبرا نذهب إلى القدر المتيقّن وهو الاشاجع وهو يكون حجّة، اما الأخذ من عضو اليد أكثر من ذلك فهو مشكوك لا يجوز إلا مع الدليل.

المفرد الثاني: التحليل المضاف إلى الأعيان، مثل: ﴿أحلّت له بهيمة الأنعام ﴾[4] فمن مناسبة الحكم للموضوع يفهم منها: " أكلها " ذلك أن الأحكام تتعلّق بالأفعال لا بالأعيان.

الثالث: التحريم المضاف إلى الأعيان مثل: ﴿حرّمت عليكم أمهاتكم﴾ [5] أي نكاح أمهاتكم، فمن مناسبة الحكم للموضوع، القرينة العامّة كثيرا ما هي موجودة مع الموضوعات، إذا لم تكن موجودة نأخذ بالقدر المتيقّن.

 


[1] كفاية الأصول، الآخوند الخرساني، ص252. عند صاحب الكفاية (ره) وغيره ثلاثة مصطلحات نفهمها من استعمالاته: تأمل، وتأمل جيدا، وأفهم. إذا قال تأمل جيدا يعني انه يتبنى الرأي مع وجود إشكالات قوية مردودة وتنحل عنده، وتأمل تعني ان هناك اشكالات لا أستطيع ردّه، وأفهم تعني انه يتبنى الرأي لكن توجد بعض الإشكالات القويّة ويمكن ردّه عند التأمل بأصل المطلب.
[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo