< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع

     مقدّمة في بيان المصطلحات:

     القطع.

     القطع الطريقي وهو ما اخذ طريقا كاشفا عن الواقع.

     القطع الصفتي: وهو ما لوحظ وصفا عارضا على النفس البشريّة مثل الشجاعة والحزن.

     الوجودات أربعة: اثنان متأصلان وهما الجوهر والعرض، واثنان غير متأصلين وهما الإنتزاعي والاعتباري.

أحكام القطع:

قبل البدء ببيان مسائل القطع واحكامه لا بأس بتمهيد بعض المقدمات:

المقدّمة الأولى: في بيان بعض المصطلحات [1] :

     القطع: والمراد منه المعنى اللغوي، أي الكشف التام، وهو نفس المعنى في اصطلاح المناطقة، وقسيمه الظن وهو رجحان أحد الطرفين، والشك وهو تساوي الطرفين. وللتقريب القطع مائة بالمائة، والشك خمسين بالمئة والظن بين الواحد والخمسين والتسعة وتسعين، والوهم في الاصطلاح المنطقي المرجحيّة، أي ما يقابل الظن. نعم أحيانا يستعمل كلمة اليقين أو العلم بمعنى المطابق للواقع لان القطع قد يخطئ فالقطع يشمل المطابق للواقع ويشمل غير المطابق، وفي الفلسفة أحيانا أو المنطق كلمة يقين تستعمل في خصوص المطابق وغالبا، كذلك العلم يستعمل في خصوص المطابق، اما القطع فيشمل الاثنين معا.

     القطع الطريقي: والمراد منه ما أخذ طرقا وكاشفا عن الواقع من دون لحاظ أي شيء آخر، ووظيفته وظيفة المرآة، فإن المرء إذا نظر إلى المرآة فانه ينشغل بالصورة التي فيها، ولا يلتفت إلى نفس المرآة ومن أي شيء هي مكوّنة وما هو إطارها وما شاكل ذلك، مع العلم انه لولا المرآة لما رأى الصورة، القطع ليس مقصودا ابدا، مثلا إذا قلت أعطني قلما، أي أعطني الذي تعتقد انه قلم، فالاعتقاد والعلم مجرّد مرآة، العلم غير ملحوظ في كلامنا. [2]

     القطع الصفتي: والمراد منه ما إخذ صفة ونظر إليه كحالة نفسيّة، بغضّ النظر عن المقطوع به. فأن الأمور كما ذكرنا سابقا الوجودات أربعة أقسام: اثنان متأصلان، واثنان غير متأصلين:

اما الوجودان المتأصلان فهما: الجوهر وهو الموجود حقيقة من دون حاجة إلى ما يعرض عليه. كالإنسان والحجر.

والعرض وهو الموجود حقيقة المحتاج إلى معروض يعرض عليه وقد حصرها الفلاسفة بالأعراض التسعة، وامثلتها:

زيد الطويل الأزرق ابن مالك في بيته ذا اليوم كان متكي

بيده غصن لواه فالتوى فهذه عشر مقولات سوى [3]

زيد جوهر، والطويل وصف أي نعت، وابن مالك الإضافة، وفي بيته ظرف المكان، ذا اليوم ظرف الزمان، كان متكي الوضع، بيده الاختصاص، غصن الواحد، العدد، لواه فالتوى الفعل والانفعال.

واما الوجودان غير المتأصّلين فهما:

الانتزاعي وهو ما كان له أصل في الخارج ينتزع منه الوصف كالفوقيّة. مثلا الكتاب فوق الطاولة، الفوقية انتزعتها من هذا الشكل مع العلم انه ليس هناك شيء في الخارج اسمه فوقيّة، الموجود شكل انتزعت منه صفة الفوقيّة، لا حقيقة له لكن له منشأ انتزاع حقيقي ولم يأت من فراغ.

والاعتباري وهو ما لم يكن له أصل ينتزع منه في الخارج كالملكيّة والزوجيّة وكالإرث والبيع والشراء، نعم الاعتبار له أسباب، فالسبب شيء ومنشأ الانتزاع شيء آخر.

فالقطع وهو عرض ووصف، حالة نفسيّة، وهي وصف تتصف به النفس البشريّة كالحزن والفرح والشجاعة. فالقطع وصف حقيقي يعرض على النفس البشريّة، فإذا أخذ كصفة سمّي بالقطع الصفتي.

إذن اصبح واضحا الفرق بين القطع الطريقي والقطع الصفتي الذي آخذه كوصف.

 


[1] انتم تعرفون ان جزءا من العلم فهم المصطلحات بعمق ووضوح، ولكل علم مصطلحاته حتى في العلوم الماديّة كالفيزياء والكيمياء والرياضيات، وكذا في العلوم الانسانيّة. وفهم المصطلح بعمقه يفتح افاق مهمّة جدا، وعدم الفهم قد يؤدي إلى إشكالات عديدة منها ان كل باحث يتكلم في واد.
[2] ملاحظة: ان المرآة وجود وليس عدما نعم وجود وانعكاس للآخر.
[3] ما تتميّز به الحضارة العربيّة الاسلاميّة: فالحضارة الإسلامية سميّت العربيّة لأنها كتبت بالعربيّة وأكثر علمائها غير عرب، من ميزاتها انها نظمت العلوم شعرا وهذا ما يؤدي إلى حفظه والالتذاذ به أكثر، مثلا نظموا علم البحار والفلك والنحو وعلم الفقه، السيد مهدي بحر العلوم صاحب " البلغة " عنده الألفية في الفقه شعرا، والأعسم نظم المآكل والمشارب. وهذه الميزة ليست موجودة في كل حضارات العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo