< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/08/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الاربعاء 16/4/2022م / 13/8/ 1443ه رقم 599

الموضوع: القطع: الجعل التكويني والجعل التشريعي:

     الجعل التكويني والجعل التشريعي:

     الجعل البسيط والجعل التأليفي:

     مباحث القطع أقرب إلى المسائل الكلاميّة منها إلى المسائل الأصوليّة:

     مبحث التجرّي مثلا ينبغي أن يكون في مسائل علم الكلام، لان البحث هو عن استحقاق المتجرّي العقاب، ولا يقع مقدّمة وكبرى لمسألة فرعيّة فقهيّة كما سنبيّنه في مبحث التجرّي.

 

التذكير بالقطع الموضوعي، يراجع الدرس السابق لتوضيح الفرق بين ان يكون العلم شرطا فيكون تمام الموضوع، وبين ان يكون العلم المطابق للواقع فهو جزء الموضوع.

ز- الجعل التكويني والجعل التشريعي:

الجعل التكويني هو خلق الشيء بنفسه، وهو عبارة عن إيجاد. مثل خلق زيد.

الجعل التشريعي هو إيجاد اعتبار وانشاء شيء لم يكن موجودا، بل يوجده نفس اعتبار الشارع كالحجيّة لخبر الواحد الظني الثقة الذي ليس حجّة فجعله واعتبره الشارع حجّة. وهذا مقابل الكشف.

     الجعل البسيط والجعل التأليفي:

الجعل البسيط هو جعل الشيء كما هو وإنشاؤه واعتباره.

الجعل التأليفي هو جعل شيء لشيء، مثل جعل الحجيّة للظن، للتقريب من قبيل جعل صفة لموصوف التي هي مسألة تكوينية، والتأليف مسألة اعتباريّة، وهذا كمصطلح.

هذه المصطلحات قدّمنا عرضها حتى تكون الاصطلاحات واضحة، وقلنا سابقا ان فهم المصطلح بعمق وجيدا له أثر كبير في فهم العلم، كل علم على الاطلاق. [1]

الامر الثاني الذي نودّ تقديمه والإشارة إليه:

إن مسائل مبحث القطع أقرب إلى المسائل الكلاميّة منها إلى المسائل الأصوليّة. ذلك لأن القطع بالحكم الفرعي هو المسألة الفقهيّة، فلا يكون هو من المقدّمات. مثلا: إذا قطعت بوجوب الصلاة فقد وجبت عليك الصلاة. هذا الكلام لا معنى له، لان التالي هو نفسه المقدّم.

من هنا، ولأن المسائل الأصوليّة هي ما تقع نتيجتها كبرى للمسائل الفقهيّة ولأن مباحث القطع لا تقع كبرى، كانت هذه المباحث خارجة تخصصا عن علم الأصول.

بعبارة أخرى: القطع بالحكم ليس إلا انكشاف الحكم بنفسه، فكيف يكون مقدّمة لانكشافه كي يكون البحث عنه من المسائل الأصوليّة؟ أي لا يكون ذو المقدّمة هو نفسه المقدّمة.

وهي بمباحث علم الكلام أنسب وأقرب، فإن البحث في المسائل الكلاميّة هو عن الثواب والعقاب، وعن المبدأ والمعاد مثلا: مبحث التجرّي. وهل يستحق المكلّف العقاب لو أراد ان يرتكب محرّما؟ فلو شرب هذا السائل على أنه خمر فبان ماء، فهل يعاقب على ذلك؟

هذه مسألة كلاميّة، لان البحث عن الثواب والعقاب هو بحث كلامي، ونحن نبحث له عن ثمرة عمليّة فقهيّة، كما سيأتي عند بحث التجرّي، فليست مسألة أصوليّة ولا فقهيّة، لان البحث في المسألة الاصوليّة هو البحث عن القواعد الممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي والوظيفة الشرعيّة، والثواب والعقاب ليس حكما شرعيا ولا وظيفة شرعيّة.

وهنا لسائل أن يسال: إذن لماذا درس علماء الأصول مبحث القطع، وجعلوه من مسائل العلم؟ [2]

 


[1] استطراد: إعادة التذكير بالمشاكل العلميّة، الفرق بين المنهج الأكاديمي والمنهج الحوزوي التراثي، وبين التلقي والحفظ والاجتهاد والتفكير والتعويد على قوّة الذهن، يراجع ذلك في دروس سابقة.
[2] الجواب على سؤال أحد الطلبة الافاضل بلزوم وجود مائز وضابط للعلوم؟ قلنا ان العلوم تتميّز بالغايات لا بحسب الموضوع ولا بحسب المحمول، وهذا كلام صاحب الكفاية (ره) وهو كلام سليم، مثلا علم الكلام هو كل ما يؤدي إلى معرفة المبدأ والمعاد والثواب والعقاب، والمسألة الأصولية هو معرفة القواعد العامّة التي تؤدّي إلى استنباط الحكم الشرعي الفرعي، بهذا تتميّز العلوم وكذلك غيرها من العلوم كعلم النحو والطب والهندسة. وقلنا أيضا انه لا مانع من ان تكون مسألة واحدة في علمين وان العلوم عبارة عن درج وسلّم بعضها يخدم البعض الآخر، ليس هناك علم لا يؤثّر ولا يؤثّر به، العلوم عبارة عن تأسيسات تخدم بعضها بعضا، مثلا علم الطب يخدمه الفيزياء والكيمياء وعلم التشريح وغيرها. أما علم المنطق لا يوجد أي علم يخدمه، ولعلّه العلم الوحيد كذلك، بل هو يخدم كل العلوم، هو يخدم الفلسفة، والفلسفة تخدم الرياضيات والرياضيات تخدم الهندسة، وإلى غير ذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo