< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع

     تقسيم صاحب الكفاية (ره) الثنائي.

     الفرق بين تقسيم الكفاية الثنائي وتقسيم الانصاري (ره) الثلاثي.

     الدواعي التي ذكرها صاحب الكفاية لعدوله إلى ثلاثة.

     احكام القطع تشمل الواقعي والظاهري وغير مختصة بالواقعي، الوجه الثاني: اختصاص الاحكام بالفعلي، الوجه الثالث: تداخل الأقسام في التقسيم الثلاثي للشيخ الأعظم.

     الانشائي في الاصطلاح له معنيان:

الأول: مقابل الخبر، وهذا لا تتعلّق به احكام القطع، كلزوم متابعته.

الثاني: مرتبة من مراتب الحكم، وهو الذي يمكن تعلّق احكام القطع به.

 

الامر الرابع: في عدول صاحب الكفاية (ره) من تثليث أقسام المكلّف إلى تثنيتها فيقول:

فاعلم: أن البالغ الذي وضع عليه القلم، إذا التفت إلى حكم فعلّي واقعي أو ظاهري، متعلق به أو بمقلديه، فإما أن يحصل له القطع به، أو لا، وعلى الثّاني، لا بد من انتهائه إلى ما استقل به العقل من اتباع الظن لو حصل له وقد تمت مقدمات الانسدادـ على تقدير الحكومة، وإلاّ فالرجوع إلى الأُصول العقلية (العمليّة): من البراءة والاشتغال والتخيير، على تفصيل يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

وإنما عممنا متعلق القطع، لعدم اختصاصه أحكامه بما إذا كان متعلقاً بالأحكام الواقعية، وخصصنا بالفعلي (مقابل الانشائي) ؛ لاختصاصها بما إذا كان متعلقاً به ـ على ما ستطلع عليه ـ ولذلك عدلنا عما في رسالة شيخنا العلامة (أعلى الله مقامه) من تثليث الاقسام.

وإن أبيت إلّا عن ذلك، فالأولى أن يقال: إن المكلف امّا أن يحصل له القطع أولاً، وعلى الثّاني امّا أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا؛ لئلا تتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الأحكام، ومرجعه على الأخير إلى القواعد المقررة عقلاً أو نقلاً لغير القاطع، ومن يقوم عنده الطريق، على تفصيل يأتي في محله ـ إن شاء الله تعالى ـ حسبما يقتضي دليلها. انتهى كلامه رفع مقامه. [1]

 

الفرق بين تقسيم الشيخ الأعظم (ره) والشيخ الآخوند (ره):

الفرق الأول: إن تقسيم الشيخ (ره) خاص بالواقعي كما بيّنا أمس، اما تقسيم الآخوند (ره) فيشمل الواقعي والظاهري كما نصّ على ذلك.

الفرق الثاني: إن تقسيم الشيخ يشمل الفعلي والإنشائي، بينما خصصه الآخوند بالفعلي فقط.

من هنا بررّ صاحب الكفاية (ره) عدوله من تقسيم الشيخ (ره) الثلاثي إلى تقسيم آخر ثنائي.

ووجه العدول ثلاثة أمور كما بيّنها (ره):

الوجه الأول للعدول: هو شمول الحكم الملتفت إليه للواقعي والظاهري دون الواقعي فقط، والسبب في ذلك أن أحكام القطع تشملهما، ولا معنى لتخصيص الحكم بخصوص الواقعي.

الوجه الثاني: تخصيص الحكم بالفعلي، إذ أحكام القطع هي لخصوص الحكم الفعلي دون الإنشائي، فمثل وجوب المتابعة والجري على طبقه والمعذريّة موضوعها الحكم الفعلي وتكون خاصة بالأحكام الفعليّة لا الإنشائية.

الوجه الثالث: إن الأقسام الثلاثة تتداخل في بعض الأحكام، القطع والظن والشك، فالظن غير المعتبر حكمه حكم الشك، إذ لا اعتبار له فتتداخل الأقسام، وكما درسنا في المنطق أن الأقسام يجب أن لا تتداخل وإلا فما معنى التقسيم فلكل قسم أحكامه.

المراد من الحكم الانشائي:

في الاصطلاح الإنشاء على معنيين:

المعنى الأول: هو الإنشاء مقابل الخبر، وهذا قد يكون بداعي البعث والزجر، مثل: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[2] وقد لا يكون كذلك كما في الانشاء بداعي التهديد أو التعجيز أو غير ذلك مما ذكر. [3]

وهذا القسم الأخير لا يسمّى حكما أصلا، فالأمر بداعي التهديد ليس إلا تهديدا وليس بعثا ولا زجرا، وليس حكما انشائيا ولا فعليا، كما لو قلت: " افعل كذا " مهددا، فليس إنشاء وليس جعلا لحكم بلزوم الفعل، بل هو تهديد محض.

وهذا المعنى ليس مرادا قطعا، إذ ليس له آثار القطع من المنجزيّة والمعذرّية والمتابعة والجري على طبقه وغيرها.

المعنى الثاني: هو الجعل، وهو المراد، أي التلفظ وغيره بداعي البعث والزجر، وهو من مراتب الحكم - الاقتضاء، والانشاء، والفعليّة، والتنجيز- هذا الانشاء هو محل الكلام. وهذا مراد صاحب الكفاية (ره).

وقد ادّعى صاحب الكفاية (ره) أن أحكام القطع لا تشمل هذا المعنى الثاني، لأن أحكام القطع مختصة بما كان من الأحكام قد وصل إلى مرحلة الفعليّة، أي الدفع والتحريك، ولا يصل الحكم إلى مرحلة الفعليّة إلا بوجود موضوعه، فإذا وجد الموضوع أصبح فعليا - وقلنا سابقا في مبحث التزاحم ان هناك شروط أخرى الحكم يصل إلى الفعليّة بعد وجود الموضوع ومع عدم وجود مانع من الفعليّة كوجود مزاحم او معارض، فلا يكون دفع باتجاه حكمين معا فيبقى الأول في عالم الإنشاء ويكون الآخر في عالم الفعليّة -.

فإننا نعلم أن أحكام القطع كالتعذير والتنجيز ووجوب المتابعة والجري على طبقه، خاصّة بالأحكام الفعليّة دون الانشائية.

وقد أشكل السيد الخوئي (ره) على ذلك بأن ما ذكر من الآثار لا تكون إلا للأحكام الفعليّة، ولكن آثارا أخرى للقطع تكون للإنشائية غير الفعليّة، مثل جواز الإفتاء بالمقطوع به حتى لو كان المقطوع به مجرّد إنشاء.

 


[3] وللتذكير: قلنا في انشاء هيئة إفعل، ان الهيئة موضوعة للإنشاء لكنّها تتلون بتلون الدواعي فإذا انشأت بداعي التهديد كان تهديدا بالحمل الشائع الصناعي، وان كان كذلك بداعي الوجوب والإيجاب، وشَبّهتً ذلك بالحرباء التي تتلون بلون المكان التي تكون فيه مع انها لها لون خاص في الاصل. فالطلب بداعي التهديد مثلا وانا لا اقصد جديّا الأمر والبعث لكن الطلب تلون بداعي التهديد، فيكون التهديد بالحمل الشائع الصناعي، وطلبا إنشائيا بحسب الموضوع له. وكذلك في طلب الأمر للتعجيز فلا قصد جدي من الطلب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo