< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: اقسام المكلّف.

     اشكال السيد الخوئي (ره) على صاحب الكفاية (ره) الذي ادعّى اختصاص احكام القطع بالفعلي بأن بعض احكام يختص بالفعلي كوجوب المتابعة والتعذير والتنجيز، ولكن بعضها الآخر يعمّ الانشائي كجواز الفتوى على طبقه.

     جواب السيد الخوئي (ره) على تداخل الأقسام في تقسيم الشيخ الانصاري (ره).

     الوجه الأول: ان المراد من الظن هو الامارة المعتبرة دون غيرها. وتعليقنا على ذلك.

 

نعود للكلام عن عدول صاحب الكفاية (ره) عن تقسيم الشيخ الانصاري (ره).

قد أشكل السيد الخوئي (ره) على ادعاء صاحب الكفاية (ره) أن احكام القطع من قبيل التعجيز والتنجيز ووجوب المتابعة والجري على طبقه لا تشمل الحكم الانشائي، لكن السيد الخوئي (ره) قال بل تشمله، والآثار التي ذكرها صاحب الكفاية وام كانت مختصّة بالحكم الفعلي لأن المطلوب أن امتثله بخلاف الانشائي لا يطلب امتثاله، ولكن هناك آثارا أخرى للقطع تكون للإحكام الانشائية غير الفعليّة، مثل جواز الإفتاء بالمقطوع به حتى لو كان المقطوع به مجرّد إنشاء وان لم يصل إلى مرحلة الفعليّة.

مثلا: قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [1] حكم انشائي يصل مرحلة الفعليّة مع وجود موضوعه المستطيع، وأما مع عدم وجود موضوعه فهو يبقى في إنشائيته، ومع ذلك يجوز للمجتهد أن يفتي بوجوب الحج على المستطيع. وهذا أثر شرعي للحكم الانشائي فلا تنحصر أحكام القطع بالحكم الفعلي كما ذكر صاحب الكفاية (ره).

وهكذا حدّ السرقة: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ [2] حكم انشائي فإذا لم يوجد سارق ولا سارقة فانه يجوز للمجتهد أن يفتي بوجوب قطع يد السارق.

فملخّص إشكال السيد الخوئي (ره) أن أحكام القطع لا تختص بالفعلي، بل قد تشمل الإنشائي أيضا.

حيث قال: وإن شئت قلت: إن الآثار العقلية للقطع بالحكم - من لزوم متابعة القطع والتنجيز مع المطابقة والتعذير مع المخالفة - مختصة بما إذا كان القطع متعلقا بالحكم الفعلي. وأما جواز الافتاء مع القطع بالحكم فغير مختص بالحكم الفعلي بل يترتب على الأحكام الانشائية أيضا كما عرفت، فلا وجه للالتزام بأن المراد من الحكم هو خصوص الفعلي، بل الصحيح هو الأعم منه ومن الإنشائي كما يقتضيه اطلاق كلام الشيخ (ره). [3]

أقول تعليقا: إن ما ذكره السيد الخوئي (ره) التفاتة جيّدة، ولكن الفتوى بالحكم هي أقرب ما يكون للخبر منها للإنشاء. ذلك أن المجتهد يبحث عن الحكم الشرعي الواقعي المجهول في عالم الواقع وفي اللوح المحفوظ، فإذا قطع به يقول: هذا هو الحكم، وهذا كشف عن واقع لا جعل آخر من المجتهد.

بعبارة أخرى: الفتوى عبارة عن بيان وليس إنشاءا، بل نقل وكشف عن واقع. وجواز بيان الواقع يشمل كل الاخبار في الدنيا، ولذا فليس خاصا بالحكم الانشائي بل لا يلتفت إليه. بعبارة أخرى: هكذا أثر - لو سلمنا انه حكم - لا يلتفت إليه الباحث.

نعم في القوانين الوضعيّة حيث المشرّع هو غير الله عز وجل، بل يكون هو مجلس النواب مثلا، تكون فتواهم جعلا وإنشاءا، أما في الشرع الإسلامي فالشارع والجاعل هو الله عز وجل، وليس المجتهد سوى باحث ومكتشف.

ومرادنا من الإنشاء اصطلاح خاص وهو مرحلة جعل الحكم.

صاحب الكفاية (ره) بيّن الدواعي لعدوله عن تقسيم الشيخ الانصاري (ره)، الأولى: تخصيصه بالفعليّة، ثانيا: الحكم الواقعي والظاهري، وثالثا: تداخل الأقسام، لان بعض الظن كالشك، فيكون التقسيم ثنائيا.

جواب السيد الخوئي (ره) على إشكال تداخل الأقسام والتعليق عليه:

الجواب: يقول السيد الخوئي (ره) نقلا عن مصباح الأصول للسيد سرور (ره):

وأما ما أفاده صاحب الكفاية (ره) من تداخل الأقسام في تقسيم الشيخ (ره) فيمكن الجواب عنه بوجهين:

الوجه الأول: أن المراد من الظن هو الأمارة المعتبرة، والمراد من الشك عدم قيام الحجة المعتبرة على الحكم على ما صرح به الشيخ (ره) في أول بحث البراءة فلا تداخل أصلا. [4]

تعليقا على جوابه: أنه ليس هنا ظهور، الشيخ الانصاري (ره) قسم إلى ثلاثة أقسام متباينة: قطع وظن وشك. فالشيخ اخذ من النتيجة ووضعها في التقسيم، فإذا كان ظنا معتبرا فهو من العلمي، وله احكام العلم من وجوب المتابعة وغيره، وإذا لم يكن معتبرا فله احكام الشك. وهذا غير ظاهر، وقد يقال انه غير مناسب للبحث، لان بداية كانت في اقسام المكلّف، وهو اخذ من نتائج البحث ليجعله من مباحث البداية.

والوجه الثاني في التخلّص من اشكال التداخل في الاقسام.


[4] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo