< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: أقسام المكلّف.

     رد السيد الخوئي (ره) على اشكال تداخل الأقسام بوجهين:

     الوجه الأول: ان المراد من الظن هو الامارة المعتبرة، وفيه: انه غير ظاهر.

     الوجه الثاني: ان التقسيم في مرحلة سابقة على البحث.

     الأنسب هو تقسيم الشيخ الانصاري (ره).

 

نعود لجواب السيد الخوئي (ره) على إشكال تداخل الأقسام الذي دفع صاحب الكفاية (ره) إلى العدول عن تقسيم الشيخ الانصاري (ره)، والتعليق عليه:

الجواب: يقول السيد الخوئي (ره) نقلا عن مصباح الأصول للسيد سرور (ره):

وأما ما أفاده صاحب الكفاية (ره) من تداخل الأقسام في تقسيم الشيخ (ره) فيمكن الجواب عنه بوجهين:

الوجه الأول: أن المراد من الظن هو الأمارة المعتبرة، والمراد من الشك عدم قيام الحجة المعتبرة على الحكم على ما صرح به الشيخ (ره) في أول بحث البراءة فلا تداخل أصلا. [1]

تعليقا على جوابه: إن كان المراد من الظن هو الأمارة المعتبرة ليس له ظهور بل الظهور على خلافه.

ثم الشيخ الانصاري (ره) قسم المكلف إلى ثلاثة أقسام متباينة: قطع وظن وشك. اما الشيخ الآخوند (ره) فقد أخذ من النتيجة ووضعها في التقسيم، فإذا كان ظنا معتبرا فهو من العلمي، وله أحكام العلم من وجوب المتابعة وغيره، وإذا لم يكن معتبرا فله احكام الشك. وهذا غير ظاهر، بل انه غير مناسب للبحث، لان البداية كانت في اقسام المكلّف، بينما نرى ان الآخوند اخذ من نتائج البحث ليجعله في البداية. فالمنحى الاصولي الصحيح هو ان نجعل المسألة في خانتها الطبيعيّة ولا نخلط النتيجة بالتعريفات.

السيد الخوئي (ره): الوجه الثاني: أن التقسيم المذكور في كلام الشيخ (ره) إنما هو في رتبة سابقة على الحكم، باعتبار أن المكلف الملتفت إلى حكم شرعي إما أن يحصل له القطع، وهو حجة بنفسه بلا جعل جاعل، وإما أن يحصل له الشك وهو غير قابل للحجية، إذ ليس فيه كاشفية أصلا، ولا معنى لجعل الحيرة حجة كما هو واضح، وإما أن يحصل له الظن وهو متوسط بينهما، فإن الحجية ليست ذاتية له كالقطع، ولا يمتنع جعله حجة كالشك، فان قام دليل على اعتباره يلحق بالقطع ويكون قطعا تعبديا تنزيليا وإلا فيلحق بالشك ويجري في مورده الأصل العملي. فالتقسيم المذكور في كلام الشيخ (ره) إنما هو في رتبة سابقة على الحكم، باعتبار أن المكلف الملتفت لا يخلو من هذه الأحوال ليتميز الموضوع في الأبحاث الثلاثة الآتية. وبعد البحث والتحقيق يظهر أن الظن يلحق بالقطع (تارة) وبالشك (أخرى) فأين التداخل في الأحكام؟ ونظير المقام ما إذا قيل: الإنسان إما مسلم، وإما مشرك (ملحد)، وإما أهل الكتاب.

أما المسلم فلا إشكال في عدم جواز الحرب معه، وأما المشرك (الملحد) فلا إشكال في جواز الحرب معه، وأما أهل الكتاب فيلحق بالمسلم (تارة) كما إذا أوفوا بالمعاهدة التي بينهم وبين المسلمين من إعطاء الجزية وغيرها، ويلحق بالمشرك (أخرى) كما إذا خالفوا المعاهدة.

فهل في هذا التقسيم قبل بيان الحكم تداخل؟ والمقام من هذا القبيل بعينه. [2]

أقول: إن الوجه الأول لا دليل عليه، بل الظهور على خلافه. وهو من مسلك ما ذكرناه في منحى التفكير الاصولي، الذي لا نشجّع عليه، وهو معالجة الآثار والخيارات.

اما الوجه الثاني فهو جيّد يؤيّد منصور، وهو يناسب ما ذكرنا من منحى التفكير الاصولي، إذ يلاحظ حال المكلّف في مرحلة سابقة على الخيارات.

والنتيجة: أن تقسيم الشيخ الانصاري (ره) أنسب وأقرب إلى واقع الأمور، لذلك سنعتمده ولا نعتمد تقسيم صاحب الكفاية (ره) وان كان تقسيمه بحسب النتائج أجود، فالمكلّف إذا واجه حكما فعليه ان يبحث عن علم وإلا فعلمي أي الامارة المعتبرة ومنه الأصل اللفظي الذي هو في آخر سلم التقديمات في العلميات وهو كقاعدة عامّة شبيه بالأصل العملي وإلا فأصل عملي، وهو ما ذكرناه في منهجيّة الاستنباط. والحمد لله رب العالمين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo