< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

43/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     اقسام القطع: المصيب للواقع والخاطئ والقدر المشترك.

     حجيّة القطع: تنجيز وتعذير.

     البحث في النقطة الأولى: هل ثبوت الحجيّة ذاتي أو جعلي؟

لا شك في كونه ذاتيا وليس مجعولا، لا بالجعل البسيط ولا بالجعل التأليفي المركب.

     النقطة الثالثة: وجوب المتابعة والجري على طبقه وهو أمر غير الإنكشاف.

ولصلنا إلى ان تقسيم الشيخ الانصاري (ره) انسب عندما قال ان المكلّف عندما يواجه أمرا شرعيا: فإما أن يقطع، أو يظن أو يشك. وقلنا أن هذا التقسيم أنسب من تقسيم صاحب الكفاية (ره) الذي يلاحظ حسب النتائج. اما تقسيم الشيخ الأنصاري (ره) فهو يلاحظ حال البداية والمواجهة.

للقطع أقسام:

الأول: القدر المشترك الأعم من المطابق للواقع وغيره، أي مطلق القطع والجزم. سواء كان مطابقا صادقا أو غير مطابق وكان كاذبا، أي ما يشمل الجهل المركّب واليقين. ولها القسم احكام، مثلا: في شهر رمضان قطع بانه سيتضرر من الصوم، تارة هذا القطع يطابع الواقع وتارة يخالفه، فلو عمل على خلاف قطعه في حال المخالفة وصام، ما حكم هذا الصائم الذي لا يضره الصوم واقعا وعمل على خلاف قطعه؟

الثاني: الاعتقاد الجازم غير المطابق للواقع، أي القطع الخاطئ. مثلا: التجرّي فلو قطع ان هذا خمر وشربه ثم تبيّن انه ماء، ويقابله الانقياد.

الثالث: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، وهو العلم واليقين [1] . فان كلمة يقين تستعمل عند المناطقة بهذه الصورة الأخيرة دون غيرها.

فصل: في مباحث القطع:

المبحث الأول في حجيّة القطع:

الحجة لغة هي ما يستدل به أو يجعل مبررا للفعل. كقوله تعالى:" ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾ [2] ، أو مضمون آية: " تبلغكم آياتي ورسلي ".

واصطلاحا: هو ما يحتج به المولى على العبد في مقام المحاكمة أو ما يجعله العبد مبررا. وفي الاصطلاح الاضيق الأمارات أي الأدلّة ولا تشمل الأصل العملي مع انه مؤمّن.

ولا بأس بذكر ما ذكره المرحوم الجدّ أول مبحث القطع وسنعلّق عليه، يقول (ره): " لا إشكال ولا ريب في وجوب متابعته والجري على طبقه، وهو أمر بديهي وجداني، لا يحتاج إلى إقامة دليل أو برهان، وإن كان يمكن أن يستدل عليه بأمور، لكن إطالة الكلام في ذلك بلا طائل، وهو تسويف للوقت وتضييع للعمر بلا فائدة تترتب على ذلك، لأن اعتباره أمر مركوز في جبلات الصبيان والمجانين فضلا عن غيرهم، وكذا السيرة المستمرّة بين العامّة والخاصة على ذلك ".

ولنتوقف قليلا عند ما ذكره (ره): فان ما ذكره من ان إطالة الكلام في ذلك بلا طائل فلعمري انه صحيح، فان الحيوان إذا رأى خطرا هرب منه، وما ذلك إلا للقطع بخطورته.

لكن ما ذكره من السيرة المستمرّة بين العامّة والخاصّة على ذلك وإن كان صحيحا، لكن السيرة منشؤها جبلّة البشر على ذلك، لا كونها سيرة وليس كدليل كاشف عن رأي المعصوم. وقد ذكرنا سابقا ان السيرة على نوعين:

سيرة المتشرعة، وهي عملهم الناشئ من الشارع، ولا شك في عدم دليليته هنا للزوم الدور، لان السيرة إنما تكون حجّة إذا قطعنا بمطابقتها لرأي المعصوم، فتكون حجّية السيرة متأخرة عن القطع، فالدور واضح. فكيف تكون السيرة دليلا على القطع؟

السيرة العقلائية: وهي مسلك سلكه العقلاء لسدّ بعض حاجاتهم كالعمل بالخبر الواحد، وحجيّة القطع ليست كذلك أي ليست عادة لسد الحاجات كما سنرى بعد قليل أن القطع مسألة وجدانيّة ذاتيّة.

نعم، لا بأس من بعض الأبحاث لردّ بعض الإشكالات وقد قيل: " العلم نقطة كثرها الجاهلون " لكننا لن نخرج إلى ما يعدّد تضييعا للعمر.

إذن يقع البحث في حجيّة القطع في نقاط ثلاث:

الأولى: في أن كشفه عن الواقع ذاتي أو جعلي من الشارع؟

الثانية: في وجوب متابعته والجري على طبقه؟

الثالثة: هل للشارع منع العمل به؟

اما النقطة الأولى: فلا شك بكونه ذاتيا، فإن القطع هو عين الكشف، لا شيء آخر، ولذا من المحال جعل الكشف له، فهو من قبيل جعل الإنسان إنسانا، فلا يمكن جعله لا بالجعل البسيط، وهو إيجاد الشيء وخلقه، ولا بالمركب التأليفي وهو جعل لشيء لشيء كجعل الاحترام للإنسان.

اما النقطة الثانية: لا شك في ان وجوب المتابعة غير الانكشاف، بل هي عمل على طبق ما يقتضيه المنكشف، وهو ما يعبّر عنه غالبا بحجيّة القطع، وهي التنجيز والتعذير.

اما التنجيز فهو وصول الحكم إلى نهاية مراحله وصيرورة المكلف مسؤولا عنه، وذلك في حال مطابقته للواقع.

واما التعذير فهو في حال مخالفته للواقع.

مدرك وجوب المتابعة: هل هو بناء العقلاء أم حكم العقل أم غير ذلك.

 


[1] يلاحظ ان كلمة يقين في المنطلق والفلسفة تستخدم للمطابق للواقع وليس لمطلق الجزم والقطع، ذكر ذلك في الجزء الثالث من منطق المظفر والقسم الأخير من حاشية الملا عبد الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo