< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     التجري.

     عنوان المسألة.

     إذا كان البحث عن عقاب المتجرّي خرجت المسألة عن كونها اصوليّة، وأصبحت كلاميّة.

التجرّي:

التجرّي مبحث قديم، وهو لغة من الجرأة وتكون امام القوي فيتمرّد عليه، وهو ينطبق على مخالفة من له حق الطاعة.

واصطلاحا: قصد مخالفة أمر المولى مع عدم إصابة الواقع، لأنه إذا أصاب الواقع صار معصية، وإذا لم يصب الواقع صار تجريا، ويقابله الانقياد، ويقابل الانقياد الطاعة.

اما المعصية والطاعة في الاصطلاح فيقابلان التجرّي والانقياد، أي أن المعصية هي المخالفة مع إصابة الواقع، والطاعة هي متابعة أمر المولى مع الإصابة أيضا.

وبناء على هذا الاصطلاح في التجرّي يظهر جيدا أنه كما يشمل مخالفة القطع، كذلك يشمل ما قامت عليه الأمارات والأصول.

بعبارة أخرى: إذا خالف الحجّة بالمعنى الأعم التي تشمل الأمارة والاصل، فقد تجرأ على المولى، أيا كانت الحجّة، سواء كانت قطعية أم ظنيّة.

ومثال التجرّي: أن أشرب ماء على أنه خمر وبان أنه ماء فهل يستحق العقاب أو يكون الفعل محرما أو لا؟ هل هناك ثمرة عملية لهذه المسألة؟

عنوان المسألة:

بعد هذا جرى الكلام في مسألة التجرّي؛ وقد عنونها الاصوليون بانه: هل يستحق العبد عقابا على مخالفة أمر المولى في حال الخطأ أو لا؟ فإذا قطع العبد بأن هذا المائع خمر فشربه ثم تبيّن انه ماء فهل يستحق عقابا أم لا؟

وثانيا: هل أن الفعل الذي تجرأ به حرام أو لا؟

وعنون المسألة صاحب الكفاية(ره) بقوله: الامر الثاني: قد عرفت أنه لا شبهة في أن القطع يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة، والمثوبة على الموافقة في صورة الإصابة، فهل يوجب استحقاقها في صورة عدم الإصابة على التجري بمخالفته، واستحقاق المثوبة على الانقياد بموافقته [1] ، أو لا يوجب شيئا؟

أنه يوجبه، لشهادة الوجدان بصحة مؤاخذته، وذمه على تجريه، وهتكه لحرمة مولاه، وخروجه عن رسوم عبوديته، وكونه بصدد الطغيان، وعزمه على العصيان [2] ، وصحة مثوبته ومدحه على قيامه بما هو قضية عبوديته، من العزم على موافقته والبناء على إطاعته، .... [3]

والمرحوم الجدّ (ره) كذلك جعل البحث حول الثواب والعقاب، فيقول في كتابه " مباحث الحجّة والأصول العمليّة: " قلت ذهب بعضهم إلى أنه لا يستحق عقاب، لان العقاب يكون على المعصية الحقيقية وعدم امتثال الأمر لا على نفس المتجرّى به.... ثم يقول: وذهب آخرون إلى أنه يستحق على نفس المتجرّي، وهو الحق لأن الثواب والعقاب إنما يترتبان على الانقياد وعدمه والطغيان وعدمه، والخروج عن زي العبودية، لا شيء آخر غير هذا.

وهكذا صاحب الرسائل الشيخ الانصاري (ره) وغيره.

وهنا نتوقف لنسأل: إذا كان البحث عن الثواب والعقاب فها هنا إشكالان ونحاول ان نجد لهما الجواب:

الأول: أن المسألة أصبحت من مسائل علم الكلام الذي من جملة مسائله الثواب والعقاب، وليست من مسائل علم الأصول الذي يبحث في الأمور التي تؤدي إلى حكم شرعي طبيعي، وهذا العنوان لا دخل له بالحكم الشرعي بل له دخل في علم الكلام.

الثاني: إذا كانت في ثبوت العقاب على المتجرّي وعدمه، فلا أثر عمليا لهذه المسألة.

أي انني إذا شربت السائل أنه ماء فتبيّن انه خمر فلا أثر عمليا لفعلي غير آثار الخمر نفسها من نجاسة وغيرها.

وقد بحثت في ثمرة المسألة، وقد وجدت من ثمارها سقوط العدالة عند التجرّي لأنها كشفت عن سوء سريرته، فلو تجرأ المكلف على شرب الماء معتقدا أنه خمر، فعلى القول بانه التجرّي محرّم سقطت عدالته، وإلا فلا.


[1] من قبيل: " من بلغه ثوابا على عمل كان له ذلك وإن كان رسول الله لم يقله " هذا نوع من الانقياد، وهذا الانقياد هل فيه ثواب أو لا؟ نلاحظ ان المسألة عنونت في التجري نفسه وليس في حرمة الفعل.
[2] هذا العصيان يكشف عن سوء سريرة يعاقب عليها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo