< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     من الثمرات سقوط العدالة عن المتجري على القول بكونها ملكة أو على القول بحرمة الفعل المتجرى به.

     الكلام في مقامين: الأول: في حرمة الفعل، والثاني: في استحقاق العقاب.

     الدليل الأول على حرمة الفعل كون متعلّق الحكم هو المقطوع بالطبيعة لا نفس الطبيعة. لان التكليف يتعلّق بما اتحرك تجاهه، ولا يكون التحرك إلا عند العلم بالنفع وتصور المتعلّق.

من الثمرات: هل تسقط العدالة بالتجرّي؟:

والتحقيق: ان هذه الثمرة فرع عن مفهوم العدالة ومبتنية عليها، وهي احد الثمار، وهل هي تسقط بالتجرّي أو لا؟.

العدالة لها تعريفان:

الأول: انها ملكة أي صفة نفسانيّة تمنع صاحبها عن ارتكاب المعاصي وتدفعه إلى فعل الطاعات والواجبات [1] ، فإن التجرّي لا شك يثبت عدم وجود الملكة ويكشف عن سوء السريرة وخبث الباطن للمتجرّي، وبالتالي عدم العدالة، وحينئذ تكون المسألة مثمرة.

وإن قلنا إن العدالة فعل الواجبات وترك المحرمات، فلا تسقط لعدم فعل المحرّم. نعم على قول ان الفعل المتجرّى به أصبح محرّما بعنوان التمرّد، حيث إن بعضهم قال ان نفس الفعل بعنوانه الاوّلي أصبح حراما بسبب التمرّد أو بسبب سريان القبح الذاتي إلى قبح الفعل وبالتالي تسقط العدالة، وقال آخرون انه بالعنوان الثانوي أصبح حراما وبالتالي أيضا تسقط العدالة.

اما كما نذهب اليه ونعتقد انه صحيح ان الفعل يبقى على حليّته وعلى اباحته كشرب الماء بنيّة انه خمر، لكن كل ما في الأمر انه كشف عن سوء سريرته، فبالتالي العدالة تبقى.

فلنجعل البحث، كالسيد الخوئي (ره) في مقامين:

المقام الأول: البحث عن حرمة المتجرى به وعدمها. هل أصبح محرّما بالتمرّد، وقلنا انه مع القول بالحرمة هناك ثمار كسقوط العدالة على قول، ووجوب الحد والتعزير، فللبحث ثمرة وليس باب الترف الفكري.

المقام الثاني: البحث عن أن التجري هل يوجب إستحقاق العقاب على جهة كونه هتكا وجرأة على المولى نفسه، مع بقاء الفعل المتجرى به على ما هو عليه في الواقع من المحبوبيّة والمبغوضيّة أم لا؟

ولا بأس بجعل ذلك برنامجا للبحث:

أما المقام الأول وهو حرمة الفعل المتجرّى به: فيمكن أن يستدل له بعنوانه الأوّلي، وقد يستدل له بالعنوان الثانوي وهو كونه وقع على وجه التمرّد بكلا العنوانين.

أما الاستدلال على كونه محرما بالعنوان الأوّلي: فهو يدور حول جعل القطع له مدخليّة في متعلّق التكليف. أي أن المكلّف به ليس مجرد الفعل خارجا، بل ما اقطع أنه من تطبيقات المأمور به، فيكون متعلّق الاحكام ليس نفس العناوين الواقعيّة الخارجيّة.

وتقريب ذلك: إن التكليف لا يتعلّق إلا بما يمكن أن يتحرك المكلّف نحوه بملء اختباره، إذ أن عدم الاختيار يمنع من التكليف به، وعدم إمكان التحرّك نحوه أيضا يرفع التكليف به. أي يجب أن يكون مقدورا عليه، والتحرّك نحوه يتوقف على القطع بنفعه بتصور عنوانه وليس نفس الطبيعة، أي ان تحريك العضلات باتجاه الفعل يتوقف على تصور المنفعة والتصديق والشوق لتحقيقها، يعني الطبيعة فصار متعلق التكليف هو القطع بالطبيعة. مثلا: إذا كنت عطشانا اتصوّر الماء، واتصوّر الارتواء، واصدق به واقتنع بنفعه، وارغب فيه، فانطلق لتحقيقه.

إذن ملخص الدليل: التكليف لا يتعلّق إلا بالمقدور المقطوع بنفعه ويكون تحت اختيار المكلف. إذن صار للقطع مدخلية في متعلّق التكليف، سواء صادف الواقع أم اخطأه. فصارت حرمة المتجرّى به بعنوانه الأوّلي وليس الثانوي. أي أصبح بكل الأمور التكاليف انما تتعلّق بالمقطوع بالطبيعة لا بنفس الطبيعة بعنوانها الأوّلي.

والجواب: نقضا وحلا:

 


[1] الفرق بين الملكة والعصمة: كلاهما صفة نفسانيّة، وعند العادل نفسه تمنعه على نحو الاقتضاء، مثلا: " فلان كريم ويمكن يوما ما ان ينتفي عنه الكرم، فهناك مجال للتزاحم عند تحقق ما يمنع من فعليّة الملكة. أما عند المعصوم تمنعه الملكة على نحو العلّة التامّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo