< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: التجري، حرمة الفعل المتجرى به.

     المحقق النائيني: لا مدخليّة للقطع في التحسين والتقبيح وجدانا.

     جواب السيد الخوئي (ره): بل الوجدان يحكم بالمدخليّة، وبيانه.

     تعليقنا على كلام السيد الخوئي (ره) وتأييدنا للشيخ النائيني (ره).

نعود لكلام المحقق النائيني بعد تلخيص ما مرّ في كيفيّة اثبات حرمة الفعل المتجرّى به:

أما المحقق النائيني (ره) فذكر في مقام الجواب أن القطع طريق محض إلى متعلّقه لا دخل له في الحسن والقبح، ولم يستدل بشيء، بل ذكر أنه وجداني فالقطع لا علاقة له لا بالتحسين ولا بالتقبيح، أما ان حسن ذاتا أو قبيح ذاتا، مثلا: هل أصبح شرب الماء على انه سم أصبح سما وهل أصبح قبيحا، الجواب: لا.

بعبارة أخرى: المفسدة والقبح ذاتيان لا علاقة للقطع به.

ولعمري ما ذكره النائيني (ره) سليم، فان الوجدان شاهد على أن الأفعال هي حسنة أو قبيحة بذاتها، والقطع عبارة عن انكشاف تام لهذا الحسن والقبح، فالكشف هو القطع والمنكشف هو القبح، فاين المدخليّة. بل لو قلنا بالمدخليّة لوقعنا بالدور، إذ لا يتعلّق الكاشف إلا بتمام المنكشف، ولا يتم المنكشف إلا بعد الكاشف، أو أنه يلزم منه أخذ المتقدّم في المتأخر، إذ الكاشف متأخر عن المنكشف، فلا يكون دخيلا فيه.

جواب السيد الخوئي (ره) على الشيخ النائيني (ره):

السيد الخوئي (ره) لم يرضى كلام النائيني (ره) في شهادة الوجدان على عدم مدخليّة القطع في تقبيح الفعل، فقال بأن الوجدان شاهد على خلافه [1] ، وأن العقل حاكم بقبح الفعل المتجرى به، بمعنى أنه يدرك أن الفعل المذكور تعدّ على المولى وهتك لحرمته، وخروج عن رسوم عبوديته، وان الفاعل يستحق الذم واللوم ....

تعليقنا على جواب السيد الخوئي (ره):

أقول: غريب هذا الكلام منه (ره)، فان شرب الماء على انه خمر ليس تعدّيا على المولى وهتكا لحرمته، لان التعدّي هو شرب نفس الخمر الواقعي، وهو المحرّم. وأما أن الفاعل يستحق الذم واللوم فهو إنما يستحقه لسوء سريرته - التجرّي - لا لكونه متعدّيا. مثلا: أراد ان يقتل ابن المولى فقتل عدوا للمولى فالقتل نفسه ممدوح، هذا القتل ليس تعديا بذاته نعم يستحق العقاب واللوم لانه يكشف عن سوء سريرة. وفرق بين التعدي على المولى والجرأة عليه.

وللتذكير فان العقاب يدور مدار الجرأة وليس مدار نفس الفعل، ولذا قلنا بسقوط عدالته بناء على كون العدالة ملكة، لأنها صفة نفسانيّة، من دون الذهاب إلى وجوب إقامة الحد عليه أو تعزيره أو تأديبه نعم لا مانع من ثبوت ديّة أو غيرها.

ثم إن السيد الخوئي (ره) يعزز قوله بشهادة الوجدان على أنه تعدّ بقياسه على الانقياد، حيث يقول:

كيف؟ ولا خلاف بين العقلاء في حسن الانقياد عقلا، بمعنى أن العقل يدرك أنه جري على وظيفة العبودية، وأن الفاعل مستحق للمدح والثناء ولذا أنكر عدّة من العلماء دلالة أخبار من بلغ على الاستحباب الشرعي، وحملها على أن المراد اعطاء الأجر والثواب من باب الانقياد، مع أن الانقياد والتجري - مع التحفظ بتقابلهما - من واد واحد، ... [2]

وهذا الكلام لا نسلّم به ولنا كلام آخر. وملخص الجواب: ان السيد الخوئي (ره) قال في البداية أن التجري في واد والفعل المتجرى به في واد آخر، وهذا التفصيل في البحث جيد جدا، ثم لاحقا خلط بين حرمة التجرّي والعقاب والثواب وجعلها دخيلة في حرمة الفعل من هنا وقع الخلل.

لذلك نقول: ان التجري بلا شك فيه لوم وسوء سريرة وحرام وهناك عقاب وقبح عقلا اما شرعا فلا عقاب كما سنرى.

اما في الانقياد فهو حسن عقلا وفيه ثواب شرعا كما سنرى.

الوجه الرابع في الاستدلال على حرمة الفعل المتجرّى به الروايات:

 


[1] هذا الكلام خطير كيف يمكن في الأمور البديهيّة ان نختلف على البديهيات، ومثل ادعاء التبادر من كلا الطرفين المتعارضين: القول بالصحيح والاعمّ، الصحيحي يقول بان اللفظ يتبادر منه الصحيح، والاعمي يقول انه ايضا يتبادر منه الأعم، نفس التبادر هو الدليل، وكذلك الدليل هنا هو الوجدان. وكلا من الطرفين يدّعي الوجدان على ما يذهب إليه!!.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo