< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: التجري.

     الوجه الرابع في حرمة الفعل المتجرى به الروايات.

     منها: نيّة الكافر شر من عمله: الذي يدل على كون العمل فيه شر.

ومنها: إنما الاعمال بالنيات. والجواب: في المراد من هذه الروايات وهو تركيز النظر على النيّة لا على الفعل.

     تعارض هذه الروايات مع الروايات الدالة على عدم العقاب على الخاطئ منّة من الله عز وجل.

قلنا اننا رفضنا الوجه الأول وهو تحريم الفعل المتجرى به بعنوانه الأولي، ورفضنا الأوجه الثلاثة وهي تحريمه بعنوان آخر وهو بان قبح السريرة يسري إلى الفعل فيصبح الفعل قبيحا، وما قبح عقلا قبح شرعا، او قبح التجري، او ان القطع بالمفسدة يؤدي إلى مفسدة.

الوجه الرابع في الاستدلال على حرمة الفعل المتجرّى به الروايات:

ربما يستدل على حرمة الفعل المتجرّى به ببعض الروايات الدالّة على العقاب بقصد المعصيّة:

منها ما في وسائل الشيعة: ح 3 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه (ثقة)، عن النوفلي (عامي لم تثبت وثاقته، روايته معمول بها)، عن السكوني (ثقة عامي)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله، وكل عامل يعمل على نيته.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن النوفلي مثله. [1]

من حيث السند: الرواية قريبة الاعتبار، بل معتبرة، مقبولة.

ومن حيث الدلالة: فقد قيل بدلالتها على حرمة العمل بمجرّد النيّة، حيث يقول: نيّة الكافر شرّ من عمله. أي عمله شر ونيّته اشر. يقال ان " خير " و "شر " كلاهما وصف، افعل تفضيل فيه مشاركة وزيادة،" خير " اصلها " اخير " خذفت الهمزة تخفيفا. كذلك كلمة " شر " فاصلها " اشر " وحذفت الهمزة تخفيفا. والتفصيل فيه مشاركة وزيادة، وهذا يعنى ان فعل الكافر شر، ولكن الاشر منه هو النيّة.

وهذا يشير إلى ما يمكن الاستدلال به على حرمة العمل، فبداية يبدأ بالنيّة ثم ينتهي بالفعل، فإذا كان العمل شرا صار محرما.

لكن هذا التعبير لا يستعمل دائما لاثبات قلّة الفضل في المفضل عليه.

والجواب: إنها لا تدّل على أكثر من الإشارة إلى نفس النيّة، اشارة إلى سوء سريرته، أو العقاب على إقدامه على الجرأة على المولى، والأخير هو مناط العقاب كما سبق وذكرنا، ولا علاقة للرواية بحرمة الفعل المتجرّى به، لان الرواية غير ناظرة للفعل نفسه بل تركز النظر على النيّة، وتريد ان تقول ان النيّة هي الاساس وهي الميزان في الخير والشر، فالتفتوا إلى نواياكم. نعم، من ناحية التركيب اللفظي تدل على وجود الشر في الفعل.

نعم قد يدّعى انصراف الرواية عن مسألتنا، لانها تدل على كون النيّة أش من الحرام الواقعي. ونفس الفعل المتجرّى به لا دليل على حرمته، فلا استطيع ان استدل على الحرمة بنفس الرواية لانها مصادرة على المطلوب.

ومنها: ح 4 – محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد (مردد بين الضعيف والثقة)، عن المنقري (لم يثبت توثيقه)، عن أحمد بن يونس (لم يثبت توثيقه)، عن أبي هاشم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنما خلد أهل النار في النار، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا قوله تعالى: ( قل كل يعمل على شاكلته ) قال: على نيته.

ورواه البرقي في (المحاسن) عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد. ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد مثله. [2]

من حيث السند: الرواية ضعيفة خارجة عن الاعتبار. ومجرد انها قريبة إلى الوجدان ومطابقة للكتاب، هذا لا يعني انها صادرة أو انها معتبرة.

ومن حيث الدلالة: تدل على ان العقاب كان على مجرّد النيّة.

ومنها: روايات: " إنما الأعمال بالنيّات. وغير ذلك، كل هذه الروايات تركز على النيّة ولا تنظر إلى العمل بنفسه.

هذه الروايات تتعارض مع روايات أخرى تدّل على عدم العقاب.

الروايات التي تدّل على عدم العقاب:

ما في الوسائل: ح 8 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بكير (ثقة فطحي)، عن أبي عبد الله عليه السلام، أو عن أبي جعفر عليه السلام: إن الله تعالى قال لآدم عليه السلام: يا آدم! جعلت لك أن من همّ من ذريتك بسيئة لم تكتب عليه. فإن عملها كتبت عليه سيئة، ومن همّ منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة وإن هو عملها كتبت له عشرا. الحديث. [3]

من حيث السند: الرواية معتبرة موثقة.

والدلالة: واضحة في عدم العقاب، ووجود منّة من الله عز وجل. والظاهر من لفظ " همّ " انها مجرّد النيّة، إذا شربت الماء على انه خمر اكون قد هممت بالمعصية لكن لم افعلها. قد يقال انه إذا شرب اثنان الماء على انه خمر، تبين فيما بعد ان احدهم شرب الخمر والثاني شرب الماء، في البداية عقلا لا فرق بين الشاربين، لكن الله منّ علينا ان من همّ بمعصية لم تكتب عليه. والرواية لا تدل على ان نفس العمل صار محرما، بل تدل على عفو الله عز وجل ومنّه ورحمة على من ساءت سريرته إذا همّ بالمحرم ولم يفعله. وهكذا يشمل عدم الفعل، ويشمل ما لو تبيّن الخطأ، كان تبيّن انه شرب ماء بدل الخمر.

وهكذا الحديث 6و7و 20 من نفس المصدر.

إذن هناك تعارض بين ان الاعمال بالنيات، والثانية انك إذا نويت ولم تفعل العمل ولو عن غير قصد لا يوجد عقاب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo