< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: التجري.

     المقام الثاني: حرمة التجرّي بنفسه.

     النتيجة: بحسب ما نذهب إليه:

الفعل المتجرّى به ليس حراما لا بالعنوان الأولي ولا الثانوي، ولم يقم المكلّف بمعصية.

التجرّى يعاقب عليه عقلائيا، اما عند المولى عز وجل فقد منّ على العباد باسقاط استحقاق العقوبة.

     الثمرة: هل تنتفي العدلة بالتجرّي؟

     استحقاق التأديب.

 

المقام الثاني: حرمة التجرّي.

قلنا في المقام الأوّل ان الفعل المتجرّى به هل هو حرام، قلنا لم يثبت عندنا دليل واضح على الحرمة لا بالعنوان الأولي ولا الثانوي بل يبقى شرب الماء شرب ماء، والقطع بالمفسدة لا يؤدي إلى مفسدة كما ان القطع بالقبح لا يؤدي إلى قبح.

اما المقام الثاني: التجري نفسه حرام ام لا هل عليه عقاب ام لا؟

لا شك في استحقاق العقاب عليه، لأن العقاب يدوران مدار الجرأة على المولى، والثواب يدور مدار الانقياد. هذا عقلائيا. ولكن مرّ معنا سقوط العقاب منّة من الله على العباد.

يقول المرحوم الجد في كتابه " مباحث الحجة والاصول العمليّة ": التجرّي: قلت: ذهب بعضهم إلى انه لا يستحق عقابا، لان العقاب انما يكون على المعصية الحقيقية وعدم امتثال الأمر لا على نفس المتجرّى به، لان المتجرّى به المفروض انه ماء فلم يستحق عليه شيئا، غايته انه يلام على تجرّيه فقط.

وذهب آخرون إلى انه يستحق على نفس التجري، وهو الحق لان الثواب والعقاب إنما يترتبان على الانقياد وعدمه والطغيان وعدمه، والخروج عن زي العبوديّة، لا على شيء آخر غير هذا.

فإذن العقاب على النوايا وهو شيء وجداني لا نقاش فيه ونسلّم به، فالتجري حرام معاقب عليه عقلائيا. لكننا مع وجود الروايات التي تقول ان نفس التجري إذا لم يرتكب معصية بان الله عز وجل منّ علينا بعدم العقاب.

فقوله (ع) في الحديث الثامن: " يا آدم جعلت لك أن من همّ من ذريتك بسيئة لم يكتب عليه ... " فإن كلمة " لك " ظاهرة بانها منّه من الله تعالى على العباد. فإذا خالف المكلّف الواقع بما قطع به، كما لو شرب الماء على انه خمرا لم يفعل سيئة، ولكنه يستحق العقاب عقلائيا للتجرّي ومع ذلك فان لله برحمته رفع هذا العقاب، وفي المقابل ابقى الثواب، بل جعله عشرا " فله عشر امثالها " وهذا من كرمه عز وجل.

وذكرنا أمس أن هناك ثلاثة اقوال في الجمع: الاول انه إذا اشتغل بالمقدمات يعاقب وإلا فلا، الثاني القصد من دون فعل فيعاقب وإلا فلا، الثالث وجود المانع القهري فيعاقب، اما إذا امتنع من نفسه لا يعاقب، واستدلوا عليه برواية إذا التقى مسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال (ص) لانه أراد قتل صاحبه.

لكن جمعنا بين الروايات وقلنا انه عقلائيا يوجد عقاب وقلنا ان الثواب والعقاب يدور مدار الانقياد وعدمه والطغيان وعدمه، لكن الله منّة على العباد اسقط هذا العقاب.

النتيجة: بحسب ما نذهب إليه:

     الفعل المتجرّى به ليس حراما لا بالعنوان الأولي ولا الثانوي، ولم يقم المكلّف بمعصية.

     التجرّى يعاقب عليه عقلائيا، اما عند المولى عز وجل فقد منّ على العباد باسقاط استحقاق العقوبة.

الثمرة: يمكن ان يكون للبحث ثمار ومنها:

     هل تنتفي العدلة بالتجرّي؟

إذا قلنا بان العدالة ملكة نفسانيّة فلا شك في انتفائها لثبوت عدمها مع التجرّي، وانا اذهب إلى ذلك.

اما إذا قلنا إنها فعل الواجبات وترك المحرمات فإنها تسقط على القول بالحرمة بحرمة المتجرى به، دون من لا يقول بحرمتها فتبقى العدالة.

الثمرة الثانية استحقاق التأديب:

بناء على ان الفعل المتجرّى به محرّم ومعصية، فهو يستحق التأديب والتعزير، ولا يثبت عليه الحد، فمن أراد أن يقتل مؤمنا فقتله ثم تبيّن أنه كافر محارب، فإنه لا يقتل ولا يقام عليه قصاص.

اما بناء على عدم حرمته شرعا، بمعنى تجاوز الشارع عنه، فليس عليه شيء ولا يؤدّب ولا يعزّر.

الثمرة الثالثة: ومن الثمار إذا قطع بان صومه مضرّ، فصام، ثم تبيّن عدم الضرر، فهل يصح صومه أم يجب عليه القضاء؟

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo