< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع: التجري.

     توضيح التباس: التجرّي نفسه محرّم والتجري لا يكون إلا مع متعلّق أي مع فعل. فبمجرّد انه اقدم اصبح التجرّي فعلا محرما لانه صدر عن نيّة، فصار نفس الفعل محرما.

     توضيحها: ان العقاب لا يكون إلا على التجرّي، اما الفعل فهو متعلّق لا بد منه، ولا عقاب عليه لانه ليس معصية في الواقع.

 

ولا بأس قبل انهاء المطلب من توضيح التباس على بعض الأخوة:

توضيح: التجرّي نفسه محرّم، والتجري لا يكون إلا مع متعلّق أي مع فعل أي لا بد من فعل يتعلّق به التجري. فبمجرّد انه اقدم اصبح التجرّي فعلا محرما لانه صدر عن تمرّد، فصار نفس الفعل محرما.

توضيح الفكرة لانها تنفعنا في البحث غدا في القطع الموضوعي ووتنفعنا في القطع في فهم كا كان المأخوذ فيه جزء الموضوع وما كان تمام الموضوع. وهذا دليل على حرمة الفعل المتجرّى به.

إذن التجرّي ليس مجرّد سوء السريرة وسوء النيّة والرغبة في المعصية، بل هو رغبة وشوق يتبعه عمل، أي لا يسمّى الأمر تجريا إلا مع الاقدام على فعل، ولذا فإذا صحّ العقاب على التجرّي فمعناه أنه صحّ على الفعل.

ما الفرق بين هذا التصوّر وبين ما قلناه بأن الفعل المتجرى به ليس محرما لا بالعنوان الأوّلي ولا بالعنوان الثانوي.

والجواب: لا شك أن الرغبة أمر نفسي يحتاج إلى مرغوب به فلا بد له من متعلق، وهذا ليس معناه أن المتعلّق أصبح حراما. والرغبة في المعصيّة تارة يصدر عنها المتعلّق او مقدمات المتعلق، وتارة لا يصدر، إذا لم يصدر فلا شك في عدم العقاب على مجرّد سوء سريرة. اما إذا صدر عن الرغبة شيء فصار يؤخذ عليه.

مثال لتوضيح الفكرة: في النحو يقال ان الجملة الفعلية أو الاسميّة تتكون من ركنين ضروريين لتمام الكلام: " المسند والمسند اليه "، فإذا قيل: " ضرب زيدٌ " فالركنان قد تمّا الفعل والفاعل، المسند والمسند اليه.

فقد يقال: إن الجملة لم تتم بعد، إذ لا من مضروب فاين بيانه؟

نقول: ان ضرب عمرو ليس من الاركان بل هو من المتعلّقات، وايضا لا بد من مكان ضرب فيه، ولا بد من زمان. اللابدية في المتعلّق شيء والركنيّة شيء آخر.

فلنقس الموضوع في التجري على ما نحن عليه، التجري شيء وان يقع عنه الفعل المتجرى به شيء آخر، هذه الرغبة تارة يصدر عنها شيء مرغوب به وتارة لا يصدر، المحرم هو ما يصدر عنه شيء.

وهذا معناه ان الرغبة التي صدر عنها شيء محرّم، وهذا يختلف تماما عن كون الشيء نفسه محرما.

متعلّق الحرمة هل هو الفعل أم التجري الذي يصدر عنه الفعل؟ هناك فرق شاسع بين الحالتين.

ان هذا التفريق هو الذي خفي على بعضهم حتى اطالوا الكلام في بحث التجري.

الرغبة تكون مع تحرّك نحو المعصية هنا حالتان:

فتارة تصيب المعصية، وهنا يكون العقاب على نفس المعصية فالمعصية محرّمة قبل تعلّق القطع بها، وبالوجدان لا يستحق عقابين: عقاب على التجرّي وعقاب على نفس الفعل المعصية. بالوجدان ولا حاجة لدليل عقاب واحد.

كما انه لا يوجد ثوابان: ثواب على الانقياد وثواب على الفعل، هناك ثواب واحد، فإذا اكرمت عالما فلك ثواب واحد وليس لك ثوابان ثواب الانقياد ونفس الاكرام.

وتارة تخطئ المعصية، فالعقاب هنا على التجري نفسه، ولا يسري إلى نفس الفعل شيء من المفسدة والقبح كما بيّنا وقبح النيّة لا يسري إلى الفعل، لكن العقاب على هذه النيّة وهي التي تسمى بالتجرّي.

قد يقال: إن الفعل لا ينفك عن التجري فإذن هو محرّم؟

فأنه يقال: إن التجرّي يؤخذ تارة على أنه تمام الموضوع أي هو متعلق الحكم، وإن كان لا بد من فعل متجرى به، وحينئذ يكون العقاب عليه بالخصوص.

وتارة يؤخذ على أنه جزء الموضوع فيكون العقاب عليه وعلى الفعل.

نضرب مثالا لتوضيح الفكرة: إذا أردت أن اشتري دارا واعلم أن للدار جارا خيرّا، فهنا حالتان:

تارة اشتري الدار بذاتها، واما الجار فيكون من الدواعي واللوازم. وحينئذ تكون الدار تمام العوض في عقد البيع، ولذا لا ينبسط الثمن إلا على الدار. وهذا يكون من قبيل كون الدار تمام المتعلّق.

وتارة اشتري الدار ويكون وجود الجار جزءا من متعلّق الشراء، اي يكون العوض هو الدار والجار. وحينئذ يختلف الأمر. وللمسألة آثار، إذ ينبسط الثمن على الدار والجار حينئذ.

غدا ان شاء الله نبحث هل تقوم الأمارة المعتبرة أو الأصول مقام القطع؟

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo