< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     هل تقوم الأمارة المعتبرة أو الأصول العملية مقام القطع؟

     القطع الموضوعي والقطع الطريقي:

     في القطع الطريقي تقوم الأمارة مقامه بمعنى ترتيب آثار القطع من وجوب متابعته والجري على طبقه، والمجزية والمعذرية.

     في القطع الصفتي لا تقوم الأمارة مقامه لعدم تحقق الموضوع وهو الصفة النفسية والكشف التام.

القطع الموضوعي والقطع الطريقي:

قلنا ان الكلام تارة في الأمارات وتارة في الأصول، هل تقوم الأمارات مقام القطع أو لا؟

قلنا أن القطع مأخوذ فيه ناحيتان: تارة الجهة الكشفيّة، وتارة الجهة الوصفيّة.

القطع كشف تام وايضا هو حالة نفسيّة أي هو من العوارض كالفرح والحزن، فتارة نأخذه بما هو كاشف عن واقع وتارة بما هو حالة نفسيّة، وعبرنا عنه بالقطع الطريقي والقطع الصفتي.

الحالة الكشفية وهي ان يكون القطع مأخوذا على نحو الطريقية والكاشفية عن الواقع، وهو الغالب في البيانات. هل الأمارة تقوم مقامها؟

الجواب: نعم الأمارة المعتبرة بعد اعتبارها تنزل منزلة القطع، ولذلم عبّر عنه " بالعلمي "، كما ذكرنا في منهجية حلّ الشبهات الحكميّة: ان تبحث عن علم فان لم تجد فعلمي فان لم تجد فاصل لفظي والاصل اللفظي من العلميات نسبة إلى العلم، لانه نزل منزلة العلم وهذا التنزيل يكفي في ان الامارة تقوم مقام العلم، فان لم تجد فاصل عملي.

إذن: القطع الطريقي المحض، كمعظم البيّانات، أي ما تعلم انه قطع حتى يثبت العنوان، كما في العقد وغير ذلك من الموضوعات، فلا شك في جواز قيام الأمارة الظنية مقامه، بمعنى ترتب آثار القطع مقامه، وذلك لشمول دليل اعتبارها، سواء كان دليلا اعتبارها لبيا كالخبر الواحد الذي دليله هو السيرة العقلائية، أو الإجماع، أم لفظيا إذا كان دليله النص القرآني أو الأخبار، فلا شك في قيام الأمارة مقام القطع من الناحية الكشفية. كما في حجيّة خبر الواحد في الموضوعات، أو البينات، أو في الاحكام. وهكذا بقيّة الامارات المعتبرة من الشهرة بناء على اعتبارها أو الظن المطلق، كل هذه ادلّة لبيّة ظنيّة، اما الإجماع فهو دليل لبي لكن ليس ظنيا، بل يجب ان يكون حالة قطعيّة، لانه لا يكون حجّة إلا بالحدس بالكشف عن رأي المعصوم (ع) على نحو القطع.

وهكذا بقيّة الأمارت، فبعد ثبوت اعتبار الأمارة، الأمارة تقوم مقام القطع.

ومعنى ان تقوم مقام القطع هو ان تأخذ آثاره من وجوب الجري عليه ووجوب متابعته ومن المنجزية والمعذرية. ولو بقي الشك والجهل في متعلّقها.

أما القطع الصفتي:

وهو ما أخذ القطع فيه كصفة نفسانيّة، وهي من العوارض الحقيقيّة الخارجية، تكون هي الموضوع، فلا شك في عدم قيام الأمارات المعتبرة مقامه حتى بعد اعتبارها. بمعنى ترتيب آثار القطع من وجوب الجري على طبقه من المنجزيّة والمعذريّة، فالشارع قال خذ بالأمارة المعتبرة كالأخذ بخبر الواحد أي ان ارتب الآثار حتى دون حصول القطع، فان الشك والجهل باتيان وجدانا.

فإن قيام الأمارات مقام القطع يتصور على نحوين:

إما أن تؤدي إلى قطع، وهذا غير متحقق وجدانا، ولو تحقق كما يحتمل عند بعض الذين يحسنون الظن كثيرا بالمخبر الثقة، فحينئذ تكون الأمارة سببا لتحقق القطع، فإذا تحقق تحققت آثاره، لا أنها تكون قائمة مقامه.

ودليل اعتبار الامارة مثل: " صدّق العادل " يتكفل بترتيب آثار القطع بمجرّد تحقق الامارة الظنيّة المعتبرة مثل خبر الواحد الحجّة. وهذا غير ثابت ولا دليل عليه إلا عند من يحسن الظن، بل الدليل على خلافه، لان طبيعة الأمارة كشف محض ناقص، ودليل الاعتبار هو الأخذ به بما أنه كاشف وتتميم الكشف اعتبارا لا حقيقة، ولا يشير دليل اعتبار الخبر على الاخذ به وكانه صفة نفسانية.

بعبارة اخرى: دليل الاعتبار أخذ جهة الكشف من القطع فاتمها، ولم يأخذ الجهة النفسانية الصفتيّة.

والنحو الآخر: ان يبقى الظن والكشف الناقص ولو مع قيام الأمارة المعتبرة، فهنا لم يحصل القطع الصفتي، أي لم يحصل موضوع الحكم، فلا تقوم الأمارة مقام القطع الصفتي.

واعتقد أن هذا يكفي في المقام، فإذا اخذ القطع طريقيا فالأمارة تقوم مقامه، اما إذا اخذ صفتيا فلا تقوم الأمارة مقامه. ولا داعي للخوض في تربيع الأقسام كما ذهب صاحب الكفاية (ره)، أو تثليثها كما ذهب السيد الخوئي (ره)، أو تثنيتها، أو غير ذلك، فان في ما ذكرناه كفاية.

نعم لا بأس بالاشارة إلى ما ذكره صاحب الكفاية (ره) ملخصا " انه لا يمكن ان يؤخذ القطع بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم ، كما لو قلت: إذا قطعت بوجوب الصلاة فقد وجبت عليك. للزوم الدور... نكمل غدا ان شاء الله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo