< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     مسألة: هل يمكن أخذ العلم بالحكم في موضوع متعلقه؟

     لا يجوز أخذ الحكم في موضوع متعلّقه إذا أخذ على نحو الكاشفيّة، أو الصفتية، للزوم الدور. كذلك لا يجوز أخذه في متعلّق موضوع مثله للزوم اجتماع المثلين، إلا إذا أخذ العلم في موضوع أحد الحكمين على نحو الصفتية والآخر على نحو الكاشفية.

     كذلك في عدم جواز أخذه في متعلّق ضده للزوم اجتماع الضدين.

التذكير بما مرّ أمس من أن هناك بعض الروايات قد أخذ العلم بالحكم في موضوع متعلّق الحكم. وذكرنا ان هناك باصطلاحنا ان هناك شروط واقغعية وشروط علميّة وميّزنا بينهما. [1]

من هنا نشأ هذا التفصيل في هذه المسألة وذكرته مختصرا وتلخيصا لصفحات عن صاحب الكفاية (ره) يقول والعبارة منا: أنه لا يمكن أن يؤخذ القطع بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم، كما لو قلت: إذا قطعت بوجوب الصلاة فقد وجبت عليك. للزوم الدور. ولا يمكن أن يؤخذ القطع بالحكم في موضوع مثله، كما في المثال المذكور ولكن المراد وجوب آخر غير الوجوب الأوّل، للزوم اجتماع المثلين. ولا يمكن أن يؤخذ القطع بالحكم في موضوع ضده كما لو قلت: إذا قطعت بوجوب الصلاة فقد حرمت عليك، للزوم اجتماع الضدين.

ولا أريد أن أطيل فإن التحقيق يؤدي:

ان المسألة عقلية تبيّن لنا توجيه الروايات.

أما الأوّل وهو عدم إمكان أخذ القطع بحكم في موضوع نفس الحكم، فإنه يلزم الدور، وهو مستحيل. فهو صحيح.

واما الثاني وهو اجتماع المثلين، فيمكن تصورّه لو أريد من القطع جهته الصفتية دون الطريقية والكاشفية، فإنه في الحالة الثانية يجتمع المثلان، أما في الحالة الأولى أي الصفتيّة فلا مانع عقلا من ذلك، إذ موضوع الحكم الأول هو الكاشفية وموضوع الحكم الثاني هو الصفة النفسانية وبذلك يختلفان موضوعا، فلا وجود حينئذ لاجتماع المثلين.

في احد الوجوبين لاتقوم مقام الأمارة مقام العلم لانها طريق محض، لكن في الوجوب الآخر اخذ العلم على نحو الصفتيّة فلا تقوم الامارة مقامه كما بيّن سابقا. فإذا أخذنا الجهة الصفتيّة في العلم يمكن أخذ العلم في موضوع المتعلّق، ولا يكون من باب اجتماع المثلين، لانه لكل حكم موضوعه، فلكل وجوب وحكم موضوعه فاحدهما ليس موضوعه وجوب الصلاة بل العلم بوجوب الصلاة بمعنى القطع النفسي الصفتي الذي يدل على الحالة النفسيّة وليس على الحالة الكشفيّة والآخر موضوعه الحالة الكاشفية للقطع.

وأما الثالث هو أن يؤخذ القطع بالحكم في موضوع ضده فكذلك أي بالتفصيل بين الحالة الكاشفيّة والحالة الصفتيّة.

إذا أخذ القطع على نحو الطريقية، يلزمه اجتماع المثلين كما في الحالة الثانية، وأما لو أخذ في موضوع الحكم على نحو الكاشفيّة كما في الحالة الثالثة فيلزمه اجتماع الضدين.

إذن ملخصا: إذا كانت الأمارت اخذت على نحو الكاشفيّة، فتقوم الأمارة مقام القطع. وأن لم تقم على نحو الكاشفية بل الصفتية فهي لا تقوم مقام القطع.

أما الأصول فهل تقوم مقام القطع؟

والمراد هنا الاصول العمليّة، لان الاصول اللفظية كالاطلاق والعموم هي من الامارات.

مثلا أصل البراءة أو الاستصحاب:" إذا قلت لك إذا علمت ان زيدا ليس عليه دين فاكرمه ". الاصل عدم كونه مديونا. هل هذا الأصل يكفي؟ أي ثبت عدم الدين بالأصل وليس بالأمارة الكاشفة عن الواقع سواء كان لها لسان كالأخبار أو كانت لبيّة كالشهرة والظن المطلق والسيرة بناء على انها ليست قطعا. اما الأصل فهو مجرّد وظيفة عمليّة فقط.

والمشهور ان الاصول العمليّة باربعة: الاستصحاب والتخيير والبراءة والاحتياط. فهل تقوم هذه الاصول مقام القطع؟

اما البراءة والاحتياط والتخيير، فلا شك في عدم قيامها مقام القطع، إذ لا كشف فيها أصلا، فلا يلاحظ الواقع ولا يثبت بها ولا ينظر اليه فيها، بل هي مجرّد وظيفة عمليّة محضة.

أما الاستصحاب ففيه جهتان: طريقية، ووظيفية عملية. فهو يتأرجح بين الأمارة والأصل.

 


[1] تذكير: بمسألة إشتراك الأحكمام بين العالم والجاهل: عند ابناء العامّة بمعظمهم الأحكام خاصّة بالعالم، بينما عند علمائنا وفقهائنا الأحكام مشتركة بين العالم والجاهل. لان الواقع واقع، فالأحكام إذا كانت تابعة للمصالح والمفاسد، المصلحة موجودة علمت بها ام لم اعلم بها، الحكم شيء والعلم شيء آخر. لذلك الفطرة والوجدان والعقل والمنطق تقتضي الاشتراك في الاحكام. فإذا كانت الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد أي إن كان هناك مصلحة أمر الله بها أو كان فيها مفسدة نهى عنها، ولا علاقة لعلم المكلّف علم أم لم يعلم. مثلا: الطعام الذي فيه السمّ علمت بالسم أم لم اعلم فالسمّ يؤثر أثره، والاحكام الشرعية كذلك كونها تابعة للمصالح تبقى المصلحة لكن لا اعلمها، " ان دين الله لا يصاب بالعقول "، فالمصلحة موجودة يتبعها الحكم سواء علمت بها أم لم اعلم بها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo