< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     قطع القطاع.

     اعتبار قطع القطاع، والتحقيق به.

     قياسه على كثير الشك والظن.

     هل يجوز تضييق حجيّة القطع؟

     الردّ على ما يتوهم أنه من كلام من يسمون بالأخباريين.

     لا يجوز رفع حجيّة القطع سواء كان من جهة السبب، أو المراد، أو المكان، او الزمان أو غير ذلك، بعد كونه كشفا تاما.

في قطع القطاع:

موضوع البحث: القطاع ليس كل من كان كثير القطع.

القطاع قسمان: قسم يقطع بسرعة لكثرة علمه مثلا.

وقسم من طبيعته ان يقطع بسرعة. كلامنا في هذا القسم، وهو خصوص من كان يحصل له القطع كحالة نفسيّة خاصة به خارجة عن المألوف عند العقلاء، بل يعتبره العقلاء شاذا أو مريضا نفسيا، وبذلك يكون على نمط [1] الشكاك والظنين، فالمراد من الشكاك من كثير شكه لحالة نفسيّة غير عقلائية، أي هو نوع من الوسواس الذهني، وهكذا كثير الظن.

فلا يشمل القطاع في مبحثنا من كثر قطعه لكثرة علمه ودرايته بحيث يعلم ما لا يعلمه الناس.

كذلك كثير الشك، فلا تشمل احكامه في الحديث الشريف " لا شك لكثير الشك " من قلّ علمه بتفاصيل الموضوعات، ـ " فلا شك لكثير الشك " مطلقة ليست للصلاة فقط، فباطلاقها تشمل كل كثير الشك. وقلّة العلم تدفع إلى الشك. وهكذا كثير الظن.

الكلام في اعتبار قطع القطاع:

فهل قطع القطاع معتبر ويجب اتباعه والجري على طبقه، ويكون منجِزا ومعذِرا، وما إلى ذلك؟

ذهب صاحب كشف الغطاء (ره) وتلميذه صاحب الجواهر (ره) وكذا صاحب الفصول (ره) إلى أن قطع القطاع لا عبرة به، كما أن كثير الشك لا عبرة بشكه. أي قاسوا قطع القطاع بشك الشكاك الذي وردت روايات فيه، لكن لم يرد بالروايات: لا قطع لكثير القطع، مع ذلك قاسوا كثير الشك على قطع القطاع، ويمكن ان يمكون من نوع المناط الواحد.

وقد يتوهّم ان حكم العقلاء كذلك، فإن العقلاء لا ينظرون إلى قطع القطاع باحترام، فيقولون: هذا قطاع، أي لا تأخذ بما يقول.

والتحقيق: أن القطاع إما أن لا يلتفت إلى مرضه النفسي أو يلتفت.

فإن لم يلتفت فالقطع حجّة ذاتيّة، ولا يمكن أن نسلخ عنه كاشفيته، والقطع غير قابل للرفع كما سبق وذكرنا.

وإن التفت، فإما أن بيقى القطع، فكذلك لا يمكن سلخ الاعتبار عنه والكاشفية عنه. وإن انتفى القطع حينئذ انتفت كاشفيته، فانتفت أحكامه لانتفاء موضوعها.

أما قياسه على كثير الشك والظن فنقول: الأمر كذلك، فإن التفت إلى مرضه النفسي، فإن بقي الشك كان موضوعا للحكم في الحديث " لا شك لكثير الشك "، وإن لم يبق فهو شاك وتبقى أحكام الشك.

هذا المقدار كاف في البحث عن قطع القطاع ولا داعي للمزيد. فقطع القطاع بالنسبة له طالما هو قاطع يعني ان لديه انكشاف كامل فهو حجة عليه، إذا تزلزل القطع ذهب، فالقطع حجّة ذاتيه.

هل يجوز تضييق حجيّة القطع؟

بعبارة اخرى: هل يمكن أو يجوز مخالفة القطع، فنقول أن القطع ليس حجة إلا ما كان عن طريق الكتاب والسنّة، ولا قيمة للقطع الشخصي سواء كان بأمر عقلي أو لقرائن وغير ذلك.

الردّ على ما يتوهم أنه من كلام ما يسمون بالأخباريين [2] :

منشأ هذا التوهم من بعض الروايات التي ظاهرها جواز مخالفة القطع كرواية " درهم الودعي " و " ان دين الله لا يصاب بالعقول " أي ما كان من غير الكتاب والسنّة لا قيمة لقطعك فيه، وغيرها من الروايات، والامثلة الواقعية اليوميّة المعاشة فصار القطع ليس حجّة ذاتية ويجوز مخالفته.

الجواب: لا شك أن القطع حجة، ولكن هل يجوز نخصيص هذه الحجيّة، من حيث القاطع أو من حيث المورد، أو من حيث السبب؟

فمن حيث القاطع، قيل بعدم حجية قطع القطاع، وقد سبق ذكره والجواب عليه.

ومن حيث المورد، بأن يقال بأن القطع حجة في زمن الغيبة مثلا دون زمن الحضور، أو في مكان دون آخر.

ومن حيث السبب، بأن يقال بأن القطع حجّة إذا نشأ من الكتاب والسنّة، أما من غيرهما فلا، وهو منسوب للأخباريين.

والتحقيق: إن القطع لما كان كاشفا كشفا تاما، فلا يعقل أبدا سلب الاعتبار عنه، سواء كان من كتاب أو سنّة أو عقلٍ أو عقلاء، بل حتى من طير طائر، فانه ليس بعد القطع شيء وجداناـ وليس بعد " عبادان قرية ".


[1] المراد هنا من النمط المعنى اللغوي لا الاصطلاحي المنطقي.
[2] إنما عبرّت هذا التعبير لانه الأخباريين والأصوليين ليستا فرقتين كما سبق وبيّنا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo