< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

وجوب الموافقة الاتزاميّة أي القلبية.

زمعناها في حال وجوبها وجود واجبين وطاعتين: احداهما في لزوم انعقاد القلب على الحكم الشرعي، والثاني في لزوم الاتيان بمتعلقه.

لا دليل عندنا على وجوب الموافقة الالتزامية، لا شرعا ولا عقلا، والأوامر تعلقت بنفس الافعال.

في وجوب الموافقة الاتزاميّة:

لتوضيح البحث نعبّر بعنوان: هل تجب الموافقة القلبيّة؟ اللالتزام بمعنى اللالتزام القلبي.

منشأ البحث: أنه في موارد العلم الاجمالي، مثلا الواجب إما صلاة الجمعة واجبة أو صلاة الظهر، احدى الصلاتين هي الواجبة، فلو فرضنا صليت احتياطا صلاة الجمعة وصلاة الظهر، لكن في صلاة الظهر لا يوجد عندي قطع بأنه هو المطلوب فلا يوجد داع لأمرها، لعدم معلوميته الأمر، فيمكن القول ببطلانها لعدم ثبوت كونها طاعة. فهذه المسألة يمكن أن تشمل أبواب الاحتياطات بأكملها حتى الشبهة البدويّة. وهذا أيضا يشمل مسألة: هل تصح بعض العبادات بالتكرار؟

لذا قالوا: إذا قلنا بوجوب الموافقة الالتزامية ذهبنا إلى بطلان العبادة في الحالات المذكورة.

يقول الشيخ الآخوند في الكفاية: الامر الخامس: هل تنجُز التكليف بالقطع يقتضي موافقة التزاما والتسليم له اعتقادا وانقيادا، كما هو اللازم في الاصول الدينية والأمور الاعتقادية بيحث كان له امتثالان وطاعتان أحدهما بحسب القلب والجنان وأخرى بحسب العمل بالاركان؟ [1]

بيان المسألة: لا شك في وجوب الاعتقاد فيما أخبر به النبي (ص) في كل ما جاء به، من الأحكام الالزاميّة، وغير الالزاميّة، وحتى في الأمور التكوبينيّة، وأخبار الماضين وغير ذلك. وهذه من مسائل العقيدة تبحث في علم الكلام، اما عندنا فهي مسألة خارجة عن علم الأصول.

وفي علم الاصول نبحث وجوب الموافقة الالتزاميّة والمراد منها هو الالتزام القلبي، أي الاعتقاد بكون الواجب المدلول عليه بالادلة والأصول هو الحكم الشرعي، مثلا: " ما عبد الله بشيء أشد من المشي "، هل يجب أن اعتقد قلبيا أن هذا هو الحكم الشرعي، ومثال آخر: من شك بين الثلاث والاربع، بنى على الاربع وياتي لاحقا بركعة من قيام. هذا الحكم موجود في الروايات كعمل يمتثله المكلّف، ولكن هل يجب ان اعتقد ايضا ان هذا هو ايضا هو الحكم الشرعي؟

فينحل كل وجوب على تقدير وجوب الموافقة الالتزاميّة إلى واجبين:

احدهما متعلّق بالجوارح وهو طلب الفعل الخارجي.

والثاني متعلّق بالجوانح والقلب وهو طلب الالتزام القلبي بكونه هو الحكم الشرعي.

الثمرة من هذا البحث: ذكروا أن الثمرة على القول بوجوب التزام القلبي هي عدم جريان الأصول العمليّة في أطراف العلم الإجمالي، وفي دوران الأمر بين المحزورين، فعند الإتيان بأحد أطراف العلم الإجمالي لا أستطيع التلتزام بأنه هو المطلوب، فلا يصح العمل حينئذ لأنه لا يكون طاعة.

فلو دارت النجاسة بين ثوبين أحدهما نجس والآخر طاهر، هل تصح العبادة بالصلاة في الثوب الأول ثم بالصلاة في الثاني؟ فلو أردت الاحتياط والصلاة بهما كلا على حدة، فإن الصلاة بالثوب الاول لا يمكن الالتزام بكونها هي الصلاة المطلوبة حين القيام بها، فلا تكون امتثالا، وهكذا الصلاة بالثوب الثاني، فلا تصح الصلاة فيهما لانها لا تكون طاعة.

اما على القول بعدم وجوب الموافقة الالتزامية، فلا مانع من الطاعة بالصلاة بهما كلا على حدة. لذلك اشتهر بين المتأخرين في الرسائل العمليّة انه يجوز على الاقوى الاحتياط في العبادات بالتكرار.

ولعلّه لذلك نقل عن ابن إدريس (ره) عدم جواز الصلاة بالثوبين، ووجوب الصلاة بآخر طاهر إن وجد حينئذ وإلا فالصلاة عاريا.

اما المختار: عدم وجوب الموافقة الالتزامية، لعدم الدليل عليها لا شرعا ولا عقلا ولا عقلائيا. لان المطلوب هو العمل وليس بحاجة في تطبيق العنوان للالتزام بأن هو الحكم الشرعي.

أما شرعا، فليس في النصوص ما يدّل على ذلك، وكل نصوص الأحكام تدل على وجوب الإتيان بها خارجا، مثل: " اقيموا الصلاة، واوفوا بالعقود "، وهو الفعل الخارجي ولا دليل على اشتراط النيّة في تعيين الوجه ولا التمييز ولا غير ذلكتطبيق العنوان المأمور به. [2]

وأما عقلا فكذلك، لأن المولى يريد الإتيان بالفعل خارجا، وأما عقد القلب عليه فلا مانع منه، ولكنه يحتاج إلى دليل خاص.

ولذا، كل ما زاد على الامتثال الخارجي للمأمور به لا نقول بوجوبه إلا بدليل. من هنا تمّ نفي اشتراط الوجه والتمييز في العبادات وغير ذلك.


[2] قلنا في دروس سابقة ان العبادة لا علاقة لها كمفهوم بقصد القربة، العبادة يقومها نيّة الخضوع الكامل لله " مخلصين له الدين "، اما غير الخضوع فلا يكون دخيلا في المفهوم نعم قصد القربة داع للعبادة، وليست من مفهوم العبادة التي هي عبارة عن عمل يدل على الانقياد والخضوع، نعم متى افعلها؟ اعبد الله عندما يوجد دواع كالتقرب او الخوف من النار أو طمعا في الجنّة أو لأن الله أهل للعبادة. وفي حال ان قلنا بان العبادة بداعي التقرب لله تكون هناك نيّتان: الاولى هي نيّة الخضوع والاخلاص الله وهي دخيلة في مفهوم العبادة، والثانية نيّة الفعل قربة لله تعالى التي هي من الدواعي، فاعراب " قربةً " مفعول لاجله في قولنا: اصلي فرض الظهر قربة إلى الله تعالى، أي هو داع لذلك ولا معنى لأن يكون الداعي نفس المدعو اليه فيكون هناك دور.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo