< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     وجوب الموافقة الاتزاميّة.

     ذكر كلام السيد الخوئي (ره) والتعليق عليه.

     النتيجة: لا دليل من عقل أو نقل على وجوب الموافقة اللالتزامية، ولا مانع من جريان الاصول كما سنرى في منجزية العلم الاجمالي.

 

نكمل الكلام في وجوب الموافقة اللالتزاميّة، وقلنا اننا نعبّر بعنوان: هل تجب الموافقة القلبيّة؟ اللالتزام بمعنى اللالتزام القلبي. ووصلنا إلى نتيجة ان الموافقة القلبية لا دليل عليها لا في النص ولا في مكان آخر، وغير مطلوبة.

ذكر كلام السيد الخوئي (ره) والتعليق عليه:

يقول قي تقريرات البهسودي: ثم لو تنزلنا وسلمنا وجوب الموافقة الالتزامية، لا يترتب عليه ما ذكروه من الثمرة، وهي عدم جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحذورين وفي أطراف العلم الاجمالي بارتفاع التكليف الإلزامي في بعضها، وذلك لأنه إن كان مراد القائل بوجوب الموافقة الالتزامية هو وجوب الالتزام بما هو الواقع على الاجمال، فهو لا ينافي جريان الأصل في الموارد المذكورة، إذ مفاد الأصول أحكام ظاهرية ووظائف عملية عند الجهل بالواقع، ولا منافاة بينها وبين الالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه، فإذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة، لا منافاة بين الالتزام بالإباحة الظاهرية للأصل، والالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة، ... [1]

توضيح قوله (ره): قال بعضهم أن الثمرة هي انه لو دار الأمر بين محذورين لا استطيع الاحتياط، وفي أطراف العلم الاجمالي ايضا كذلك لان أي طرف عندما ارتكبه وامتثل به فلا اعلم انه هو المطلوب، فلا يمكن امتثاله، بالنتيجة فلا يكون صحيحا إذا اشترطنا الموافقة الالتزاميّة.

ذكروا مثالا: لو دار الأمر بين ثوبين أحدهما طاهر واحدهما نجس، فإذا صليت بثوب منهما يمكن أن لا يكون هو المطلوب، حينئذ كيف التزم أنه هو المطلوب وقد قلنا بوجوب الموافقة الللالتزامية ؟ يمكن أن يكون باطلا، فلا استطيع إجراء الأصول لتصحيح الصلاة فلا يصح اجراء الاصل في اطراف العلم الاجمالي.

السيد الخوئي (ره) يقول أن هذه الثمّرة غير تامة هنا حتى لو قلنا بوجوب الموافقة اللالتزامية. لانه إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة، واجريت في الطرف الأول أصالة عدم الوجوب - البراءة – واجريت في الطرف الثاني أصالة عدم الحرمة، فتكون النتيجة أن الحكم لا واجب ولا حرام وحينئذ تثبت الاباحة الظاهرية.

السؤال: ما هي المشكلة بأن التزم بالاباحة الظاهرية وأن الحكم الواقعي إما الوجوب أو الحرمة، طالما أن مجرى الأصل هو الجهل بالحكم الواقعي؟

توضيح: هناك موضوعان: علم من جهة الحكم الواقعي وجهل من جهة الحكم الظاهري. فالحكم الواقعي هو جعل من المولى مرتبط بالمصالح والمفاسد ولا علاقة له بعلم المكلّف أو جهله. اما الحكم الظاهري فموضوعه الجهل بالواقع، ولا مانع من اجتماعهما، لتمامية موضوع كل من الحكم الواقعي والحكم الظاهري.

فيمكن حينئذ جريان الأصول في طرفي العلم الاجمالي حتى مع القول بوجوب الموافقة اللالتزاميّة، هذا ملخص كلامه (ره).

تعليقنا: الاباحة الظاهرية موضوعها الشك، فإذا أنا قطعت بعدمها وقطعت أن الحكم إما الوجوب وإما الحرمة فقد انتفى موضوع الاباحة الظاهرية. [2]

ثم يكمل السيد الخوئي(ره): وكذا الحال في جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي، فإنه لا منافاة بين الالتزام بنجاسة الإناءين ظاهرا والاجتناب عنهما، للاستصحاب والالتزام بطهارة أحدهما واقعا إجمالا.

تعليقنا: كما سبق وذكرنا إن موضوع أصل الاستصحاب هو الشك، فإذا جرى الاستصحابان يتصادمان بالعلم الإجمالي بطهارة أحدهما، فيسقط الاستصحابان. نعم، لا مانع من جريان الاستصحاب في أحد الطرفين دون الآخر إلا ما ذكروه من عدم ترجيح الاستصحاب لاحد الطرفين.

ثم يكمل السيد الخوئي (ره): وإن كان مراده هو وجوب الالتزام بكل حكم بعينه وبشخصه، فهو ساقط، لعدم القدرة عليه، لعدم معرفته بشخص التكليف حتى يلتزم به، وبعد سقوطه لا مانع من جريان الأصل.

وان كان مراده وجوب الالتزام بأحدهما على نحو التخيير، فهو معلوم البطلان إذ كل تكليف يقتضي الالتزام به، لا الالتزام به أو بضده على نحو التخيير، مضافا إلى أن الالتزام بالوجوب - مع عدم العلم به، أو الالتزام بالحرمة مع عدم

العلم بها - تشريع محرم. [3]

تعليقنا: هذا كلام متين.

النتيجة: لا دليل من عقل أو شرع على وجوب الموافقة الالتزاميّة.

 


[1] مصباح الأصول، تقرير بحث السيد الخوئي للبهسودي، ج2، ص52.
[2] توضيح: العلم الإجمالي مركب من امرين: عبارة عن علم وجهل، فلا أستطيع أن أهمش العلم كليا، وكذلك لا أستطيع أن أهمش الجهل كليا. بالكلام الذي ذكر أكون قد همشت العلم كليا، لان الاباحة الظاهرية تنافي العلم قطعا لا يوجد اباحة أصلا إذ يدور الأمر بين الوجوب والحرمة. وسنتعرض لأقوالهم في المسألة، وانا أقول انه يجوز المخالفة الاحتمالية لان العلم الإجمالي عبارة عن خليط علم وجهل، هناك علم تفصيلي بالمجمع، وهناك جهل بالأطراف. يجب ان اعطي العلم حقه والجهل حقه. فإذا قلت ان العلم الإجمالي علّة تامة للتنجيز كما هو أكثر الأصوليين المعاصرين فلا يجوز ارتكاب أحد الطرفين، فأكون قد همشت الجهل كليا لان العلم الإجمالي ليس كالعلم التفصيلي. اما إذا قلت ان العلم الإجمالي كالجهل فأكون قد همشت العلم كليا. الجواب: أن العلم يقتضي أن التزم به تفصيلا لذلك تجب الموافقة القطعية وتجوز المخالفة الاحتماليّة وتحرم المخالفة القطعية، فإذا كان أحد الإناءين مغصوبا يجوز عندي أن أتوضأ بأحدهما لعدم العلم تفصيلا بغصبيته، نعم إذا توضأت بكليهما يقع الاشكال. لذلك نقول: ان المخالفة الاحتمالية جائزة أما المخالفة القطعيّة حرام.
[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo