< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     العلم الاجمالي، مسألة: التناقض بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي:

     ذكر كلام السيد الخوئي (ره) في المقام وانه لا تنتافي بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري لا من حيث المبدأ ولا من حيث المنتهى، حيث انهما يختلفان موضوعا ومصلحة فهما في طول واحد لا في عرض واحد.

     تأييدا له وتعليقنا عليه.

     تفريقه (ره) بين العلم الاجمالي والشبهة البدويّة في الجميع بين الحكم الظاهري والواقعي.

ملخص كلام السيد الخوئي (ره): انه لا تنافي اصلا بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري، لان موضوع ورتبة الحكم الواقعي يختلف عن موضوع ورتبة الحكم الظاهري. الحكم الظاهري موضوعه الشك في الحكم الواقعي يعني ان هناك موضوعين وحكمين. يثبت الحكم الظاهري عندما لا يكون للحكم الواقعي ثبوت، فأين التنافي بينهما؟ لان التنافي يكون عند الاجتماع في موضوع واحد ورتبة واحدة وموقع واحد وزمان واحد.

قال السيد الخوئي (ره) في تقريرات البهسودي:

" إذا عرفت ذلك ظهر لك أنه لا تنافي بين الحكم الواقعي والظاهري في الشبهات البدوية أصلا، لا من ناحية المبدأ ولا من ناحية المنتهى. أما من ناحية المبدأ فلأن المصلحة في الحكم الظاهري إنما تكون في نفس الحكم لا في متعلقه، كما في الحكم الواقعي، سواء كان الحكم الظاهري ترخيصا لمجرد التسهيل على المكلف، أو إلزاميا لغرض آخر من الأغراض، فلا يلزم من مخالفته للحكم الواقعي إجتماع المصلحة والمفسدة في شيء واحد.

وأما من ناحية المنتهى، فلأن الحكم الظاهري موضوعه الشك في الحكم الواقعي وعدم تنجزه لعدم وصوله إلى المكلف، فما لم يصل الحكم الواقعي إلى المكلف لا يحكم العقل بلزوم امتثاله، فلا مانع من امتثال الحكم الظاهري. وإذا وصل الحكم الواقعي إلى المكلف وحكم العقل بلزوم امتثاله لا يبقى مجال للحكم الظاهري، لارتفاع موضوعه بوصول الواقع.

وبعبارة أخرى: حكم العقل بلزوم الامتثال إنما هو بعد وصول الحكم إلى المكلف، بلا فرق في ذلك بين الحكم الواقعي والظاهري. ووصول كلا الحكمين إلى المكلف في عرض واحد محال. لكون الحكم الظاهري دائما في طول الحكم الواقعي، فمع وصول الحكم الواقعي ينتفي الحكم الظاهري بانتفاء موضوعه، فلا يحكم العقل الا بلزوم امتثال الحكم الواقعي، ومع عدم وصول الحكم الواقعي لا يحكم العقل إلا بلزوم امتثال الحكم الظاهري، فلا تنافي بين الحكمين في مقام الامتثال ابدا ". انتهى كلامه رفع مقامه. [1]

تعليقنا: هذا كلام متين. إلا أنه لنا تعليقا على ما ذكره (ره) من كون المصلحة في الحكم الواقعي في المتعلّق، فإننا قد ذكرنا سابقا أن المصلحة والمفسدة قد تكون في المتعلق كما في حرمة شرب الخمر وقتل النفس المحرّمة، وقد تكون في الحكم والجعل كما في القصاص والعقوبات والاوامر المتحانية، فقطع يد السارق ليس لمصلحة في نفس القطع، ولكن في نفس جعل قصاصا، والتشدد بهذا القصاص ردع للناس عن السرقة، كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [2] ففي القصاص ردع.

كذلك سنبيّن أنه في الامارات لا يوجد حكم ظاهري أصلا، بل هي مجرّد كاشف، والمجعول هو نفس الحكم الواقعي فقط إن اصابت الامارة، ووهم حكم إن اخطأت، أي لا يوجد جعل للحكم في الأمارات، نعم الجعل يمكن تصوره في الأصول العملية، كـ "كا شيء مطلق" و "لا تنقض اليقن بالشك"، وسنتعرّض لهذا الأمر لاحقا في مباحث الاصول.

فالسيد الخوئي (ره) بعد ان بيّن عدم المنافاة بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي في الشبهة البدويّة لا من حيث المبدأ ولا من حيث المنتهى، وبانها من حيث المبدأ يختلفان موضوعا ومصلحة، ومن حيث المنتهى لا يكونان في عرض واحد، وحينئذ لا مجال للحكم الظاهري مع وجود الحكم الواقعي.

بعد هذا الكلام فرّق بين العلم الاجمالي والشبهة البدويّة في الجميع بين الحكم الظاهري والواقعي. فذهب إلى التنافي بينهما في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي في خوص المنتهى أي في عالم الامتثال.

سنبّن غدا ان شاء الله كلامه والاجابة عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo