< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     العلم الاجمالي، المخالفة الاحتمالية في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي وحكمها؟

     من مراتب الهتك غير الملزم مخالفة المستحيات والمكروهات ومخالفة الارشاديات.

     الفرق بين الله عز وجل وبين الموالي العاديين.

     الفرق بين مرحلة ما قبل التشريع وان الله ارحم الراحمين، وبين مرحلة التشريع ومنها بيان أصل البراءة.

التذكير بأن هناك هتك نعم لكن غير ملزم.

     ومن مراتب الهتك غير الملزم مخالفة المستحبات والمكروهات دائما: فهو وإن كان يجوز مخالفته إلا أن في عدم المبالاة به وعدم فعله أصلا نوع من الهتك بالرغم من وجود الكثير من الاغراءات، إذ يكشف عن عدم اعتبار له عند العبد واستهانة وعدم مبالاة بكلام المولى واحكامه، نعم ليس فيه معصية، لكنه هتك بمراتب دانية لا يصل حد الالزام.

     ومن مراتب الهتك مخالفة الإرشاديات دائما: فإن فيه نوعا من عدم الإكتراث بنصائح المولى، ألا ترى لو أن صديقا لا يأخذ بنصائح صديقه دائما، ضاربا لها عرض الحائط، ألا إن الناصح ينزعج منه ويكون في نفسه شيء (بياخد على خاطرو) وهذا نوع من الهتك، إلا أنه لا يصل حد الالزام ووجوب الاحتياط والتحريم.

     ولعلّ من مراتب الهتك ترك المباحات دائما: والترك ليس من باب الاحتياط، قد ورد في الحديث: "ان الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه" الرواية: 25باب - جواز التقية في العبادات ، ووجوبها عند خوف الضرر.

1 - علي بن الحسين المرتضى في (رسالة المحكم والمتشابه، نقلا من تفسير النعماني) بإسناده الآتي، عن علي عليه السلام، قال: وأما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار فإن الله نهى المؤمن أن يتخذ الكافر ولياً ثم مَنَّ عليه بإطلاق الرخصة له عند التقية في الظاهر أن يصوم بصيامه، ويفطر بإفطاره ويصلى بصلاته، ويعمل بعلمه، ويظهر له استعمال ذلك موسعا عليه فيه، وعليه أن يدين الله تعالى في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه من المخالفين المستولين على الأمة، قال الله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه) فهذه رحمة تفضل الله بها على المؤمنين رحمة لهم ليستعملوها عند التقية في الظاهر، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه. [1]

لفت نظر: إن روايات الحليّة والبراءة تشير إلى ما ذكرناه، فإن قوله (ع): " كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه " [2] تشير إلى النزعة البشريّة من عدم مخالفة أمر المولى الواصل ولو عن غير طريق العلم التفصيلي، وأن الاحتمال منجّز، فيتدخّل الشارع ليرفع وهم لزوم متابعة هذا الاحتمال وهذا إنعكاس لرحمة الله رب العالمين، ولبيان عدم لزوم متابعة هذا الاحتمال، وجواز المخالفة الاحتماليّة.

قد يقال: أن ارحم الراحمين نص شرعي، نوع من البراءة الشرعية. جوابه: ان البراءة الشرعية مرحلة تأتي بعد الامور العقائدية وصفات الله عز وجل، البراءة العقلية أو الشرعية مرحلة بيان أحكام، هناك مرحلتان: الاولى العقيدة والعبودية وصفات لله عز وجل ومن صفاته انه ارحم الراحمين، وتنجيز الاحتمال يخالف كونه ارحم الراحمين. اما الموالي العاديين فهم بخلاف ذلك. اما البراءة العقلية فهي تأتي في المرحلة الثانية، فالدين تشريعات ومنها "كل شيء لك مطلق" فتكون البراءة الشرعية.

أما أدلّة الاحتياط فسيأتي الكلام فيها وبإختصار نقول: إن المراد منها إرشاد إلى أهميّة التشريع والدين، وليس المراد من الاحتياط المعنى المسلكي ففي قوله (ع): "اخوك دينك فاحتط لدينك" أي اجعل له حائطا يحميه. فإن ثبت أن أمرا ما واجب أو محرّم في الدين فاجعل ما يحميه، اما إذا لم يثبت فلا معنى لجعل الحائط له.

النتيجة: لا دليل على حرمة المخالفة الاحتمالية في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي فضلا عن الشبهة البدوية، لا من عقل ولا من نقل.

وقبل أن ننتهي من مسائل العلم الاجمالي لا بد من بيان أمور:

الاول: هل يجب قصد الوجه والتمييز في متعلّقات الحكم عند الامتثال؟

مثلا عندما أصلي صلاة الظهر وصليت اربع ركعات هل يكفي هذا؟ أو أن أصلي أربع ركعات هل يجب تعيين الصلاة انها الظهر مثلا تميزا عن صلاة العصر، وهل يجب قصد الوجه انها على وجه الوجوب أو القضاء أو الاداء أو الاستحباب، ويجب بيان الداعي وقصده.

هذا البحث له ثمرة كبيرة في مسألة العلم الاجمالي.


[2] 1 سند الحديث في وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج12، ص59، أبواب ما يكتسب به، باب4، ح1، ط الإسلامية. محمد بن علي بن الحسين باسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ورواه الشيخ باسناده عن الحسن بن محبوب وباسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب مثله محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن ابن محبوب مثله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo