< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     الامتثال الاجمالي.

     الحالة الثانية: إذا كان متمكنا من الامتثال التفصيلي:

     الكلام تارة في التوصليات وتارة في التعبديات. ولا شك في صحة الامتثال اإجمالي في التوصليات.

     الشيخ الأعظم (ره) إستشكل في خصوص العقود والايقاعات التي يعتبر فيها الجزم، وذلك للترديد فيها.

كان الكلام في الحالة الاولى وهي عدم التمكن من الامتثال التفصيلي.

مثلا كنت مطلوبا بدين لزيد ولا استطيع التميز لمن، هل هو لزيد بن عمرو أم لزيد بن بكر؟ فاحتاط بإعطء درهم للأول ودرهم للثاني. قلنا ان العقل والمعروف والمتداول جواز الامتثال الاجمالي في حال عدم التمكن من الامتثال التفصيلي سواء كان في التعبديات أم التوصليات.

أما الحالة الثانية: إذا كان متمكنا من الامتثال التفصيلي: كما لو دار الأمر بين القصر والتمام، وكان متمكنا من الاجتهاد أو التقليد [1] ، فهل يجب عليه أن يجتهد أو يقلّد لتعيين الواجب، أو يستطيع أن يحتاط بالإتيان بهما معا من دون أن يجتهد أو يقلّد؟

وقع الكلام في هذه الحالة تارة في التوصليات، وتارة في التعبدّيات كما في المباني المعروفة.

أما التوصليات: التي لا يشترط فيها داعي القربة ولا داعي الأمر ويكفي فيها الفعل الخارجي كما هو، كما في العقود والايقاعات وغيرها كبر الوالدين، يسقط الأمر بمجرد الفعل الخارجي.

فلا شك في كفاية الإمتثال الاجمالي فيها، فلو أن أحد الماءين مطلق والآخر مضاف واختلط الأمر عليّ، أستطيع أن أطهّر بكل منهما على حدّة، وتحصل طهارة الثوب.

هذا هو المعروف، وهو واضح لا شك فيه في كل التوصليات سواء كانت في العقود أو الايقاعات أم الأحكام الأخرى كالطهارة والنجاسة الخبثيّة. وما ذلك إلا لأن الغرض من التوصليات حصول المطلوب في الخارج، وبإتيان جميع المحتملات يكون قد حصل جزما.

إشكال الشيخ الانصاري (ره):

لكن الشيخ الأعظم (ره) إستشكل في خصوص العقود والايقاعات التي يعتبر فيها الجزم، والترديد يستلزم الإخلال بالجزم في الإنشاء، وأيّد كلامه (ره) بعدم صحة التعليق في الانشائيات إجماعا.

توضيح كلامه (ره): إن العقد هو إرتباط وثيق بين إرادتين، وهذا الإستيثاق لا يمّ مع الترديد. فلو فرضنا ترددت صيغة عقد الزواج بين لفظين وأردت أن أحتاط وآتي بالسببين، فعند الإتيان بـالأول لا أكون جازما بحصول العقد، فكيف يكون عقدا؟ فيقع باطلا، وهكذا الثاني. ومثلا لو فرضنا وجوب بيع عين لزيد، وشككت في مصداق زيد هل هو زيد ابن عمرو أو ابن بكر، فعند الاتيان بالبيع الأول لا أكون جازما أنه هو الصحيح، فلا يتحقق الجزم المطلوب في العقود، وهكذا الثاني.

ثم إنه (ره) أيّد كلامه بعدم صحة التعليق في الإنشائيات إجماعا لعدم الجزم.

ولذا لا يصح التعليق في الإنشائيات إجماعا لعدم الجزم، فلو قال مثلا: "وهبتك هذا المال إن كنت ابن زيد، أو إن كنت مؤمنا" بطلت الهبة إجماعا، وما ذاك إلا لعدم الجزم بوقوع الهبة،[2] وسيأتي الجواب غدا.

 


[1] مثلا: في السفر يبدأ القصر بعد حدّ الترخص لكن في الرجوع من السفر هل أيضا حد الترخّص هو الفاصل فيبدأ بإتمام الصلاة أو يبقى على القصر إلى ان يدخل بيته ويتم. هذه المسألة محل كلام والروايات فيها صحيحة ومتعارضة، بعضها يقول ان حد الترخص هو في الذهاب والإياب، وهنا روايات تقول بوجوب ان يدخل بيته أو داره. فلو لم يجتهد ولم يقلّد، بل احتاط بالجمع بين القصر والتمام، فهل يصح هذا الاحتياط مع تمكنه من الاجتهاد أو التقليد؟.
[2] ونحن ذهبنا إلى جواز التعليق في الايقاعات والعقود حتى في عقد النكاح فلا اشكال في ذلك، فالإشكال الرئيسي في التعليق هو انفصال الانشاء عن المنشأ، وهو محال عقلا فيبطل العقد. وقلنا أن هذا غير سليم فلا مانع أن تكون صيغة العقد الانشاء أو السبب الآن وتتم فعلية العقد المنشأ بعد مدّة. وتلخيصا قلنا أن المنشأ على قسمين: المنشأ بيع معلّق أو المنشأ بيع فعلي. وبلا شك هناك أشياء معلّقة ومن يقول غير ذلك فهو مكابر. والدليل على صحّة ما نقول ان هناك بعض الإيقاعات يصح فيها التعليق كالظهار وغيره والروايات على ذلك. فلو كان التعليق محالا عقلا لما صح في بعض العقود، ولمنا وقع الخلاف فيها، نعم الفعلية لا تقع معلّقة والبيع المعلّق يقع حتما. استطراد: يمكن أن نطبق مسألة العلم الإجمالي في آخر البحث على حكم شركائنا في الوطن من المذهب الدرزي، الإسماعليين والدروز، وسيأتي تنقيح المسألة تفصيلا من حيث انكارهم للضرورات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo