< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     الامتثال الاجمالي.

     الحالة الثانية: إذا كان متمكنا من الامتثال التفصيلي:

     صحّة الامتثال الاجمالي في التعبديات.

     من الاشكالات على ذلك: اشتراط قصد الوجه والتنجيز، وجوابه.

     ومن الاشكالات ما ذكره الشيخ النائيني (ره): من طولية الامتثال الاحتمالي للامتثال اليقيني، وجوابه.

التذكير ملخصا بما مرّ من صحّة الامتثال الاجمالي في التوصليات ومنها العقود.

اما في التعبديات: فقد وقع الكلام فيها، ولا شك ولا ريب في صحة الامتثال الاجمالي فيها وجواز الاحتياط.

مثلا: في السفر يبدأ القصر بعد حدّ الترخص لكن في الرجوع من السفر هل أيضا حد الترخّص هو الفاصل كما كان في الذهاب فيتم الصلاة أو يبقى على القصر إلى أن يدخل بيته فيتم؟ هذه المسألة محل كلام والروايات فيها صحيحة ومتعارضة، بعضها يقول أن حد الترخص هو موضوع القصر في الذهاب والإياب، وهنا روايات تقول بوجوب أن يدخل بيته أو داره. فلو لم يجتهد ولم يقلّد، بل احتاط بالجمع بين القصر والتمام، فهل يصح هذا الاحتياط مع تمكنه من الاجتهاد أو التقليد؟

ذهب كثيرون إلى عدم الصحّة، لكنه مردود.

فالكلام في التعبديات على نحوين أو نظريتين:

الاولى: على تعريفهم للعبادة وهو المشهور المتداول من أن قصد القربة مقوّمة لها وشرط وجزء من المفهوم فيها.

الثانية: على ما قلناه بأن قصد القرية وداعي الأمر وغيرها كلّها من الدواعي ولا علاقة لها بنفس مفهوم العبادة، وإن العبادة تتقوم بقصد التذلل والخضوع والطاعة.

في النظرية الاولى: فلا شك في جواز الاحتياط وإن استلزم التكرار.

مثال عدم استلزام التكرار: لو دار الأمر بين وجوب السورة بعد الفاتحة أو استحبابها، جاز أن يؤتى بها برجاء المطلوبيّة، وإن دار الأمر بين وجوبها وإباحتها فكذلك. وذلك في حال أن الزيادة لا تبطل.

ومثال استلزام التكرار لو دار الأمر بين وجوب القصر أو التمام كما ذكرنا في المثال السابق، فالجمع أحوط وأكمل كما هو المعروف، وذلك لأن جميع ما ذكروه من إشكالات لا يرجع إلى محصّل.

وأهم الاشكالات:

     اشتراط الوجه أو التمييز في تحقق الامتثال. وقد ذكرنا سابقا عدم اشتراطها.

     إن التكرار لعب بأمر المولى.

وجوابه: إن المطلوب في الإمتثال هو تحقق المصداق خارجا، أما كيفية تحققه فلا علاقة للامتثال بها عقلائيا، كما في المثال العامي: " وين أذنك"، الكيفيّة ليست من شأن المولى بل من شأن العبد، نعم لو طلب المولى كيفيّة خاصّة أي كان لها موضوعيّة وثبت جزء لها متعلّق بالحكم، فحينئذ تكون الكيفيّة مطلوبة لانها جزء من المأمور به.

بعابرة مختصرة: المأمور به قد تحقق، وكيفيّة تحققه شأن العبد إلا إذا حدّدها المولى فتكون جزءا حينئذ من المأمور به.

وقد أجاب صاحب الكفاية (ره) على هذا الاشكال: "بأنه لا مانع من اللعب إذا كان لغرض عقلائي".

لكنه جواب غير تام، إذ لو لم يكن لغرض فكل ما في الأمر يكون استهزاء بأمر المولى وتسخيفا له، فيكون محرّما من جهة الهتك لا من جهة عدم تحقق الامتثال، فإن الامتثال قد تحقق بتحقق مصداقه كما ذكرنا.

     ومن الاشكالات ما ذكره المحقق النائيني (ره): " من أن الامتثال الاحتمالي يكون في طول الامتثال اليقيني، أي مع إمكان الامتثال اليقيني التفصيلي يحكم العقل بعدم صحة الاحتمالي ".

وبعبارة اخرى: موضوع الامتثال الاحتمالي عدم التمكن من اليقين وانه بطوله فإذا تعذر الامتثال اليقيني ياتي الاحتمالي، وعللّ ذلك: " بأن العقل يحكم بأنه يعتبر في تحقق الإطاعة أن يكون العبد منبعثا نحو العمل من بعث المولى لا من احتمال بعثه ".

وجوابه: أن ما ذكره صحيح ومسلّم من ألأنه مع إمكان الامتثال اليقين التفصيلي بحكم العقل بعدم صحة الاحتمالي، ولذلك قلنا بلزوم الموافقة القطعية وعدم كفاية الموافقة الاحتماليّة، إلا أن الاحتياط ولو بالتكرار امتثال يقيني وليس امتثالا احتماليا، غاية الأمر أنه امتثال إجمالي لا تفصيلي، والاحتمال عند الاتيان بالطرف الأول لا يخرجه عن كون الامتثال أصبح يقينيا عند الاتيان بالطرفين، فهو امتثال وجدانا وعقلا.

هذا كله على تعريفهم للعبادة.

اما على تعريفنا للعبادة وأنه العمل والسلوك الواقع عن تذلل وخضوع، فنحن مرتاحون من كل هذه الاشكالات، فقد ذكرنا مرارا أن منشأ كثير من الإشكالات هو اشتراط قصد القربة أو قصد الأمر، ولكن ذكرنا أن قصد القربة هو من الدواعي ولا علاقة له بمفهوم العبادة.

النتيجة: يجوز الاحتياط في التوصليات والتعبديات سواء استلزم التكرار أم لم يستلزم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo