< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     الامتثال الاجمالي.

     المطلوب عقلائيا هو تحقق المأمور به، سواء كان الامتثال إجماليا أم تفصيليا استلزم التكرار أم لا.

     كيفية الامتثال من شؤون المكلّف، اما لو كان هتكا للمولى فالعقاب على الهتك لا على عدم الامتثال.

     النتيجة جواز الاحتياط في العبادات استلزم التكرار أم لا.

     تطبيق على مسألة تنجيز العلم الاجمالي: الدروز، واحكامهم.

 

تلخيص ما مرّ: إذن الامتثال الإجمالي هو امتثال يقيني وليس امتثالا ظنيا أو احتماليا.

صاحب الكفاية (ره) قال انه يمكن ان يكون التكرار لأمر عقلائي، واجبنا على ذلك انه حتى لو لم يكن عقلائيا بالنتيجة فهو امتثال، وكيفية الامتثال ليست من شأن المولى، نعم له الحق ان يتخذها شرطا، وحينئذ تصبح جزءا من المأمور به، فالمأمور بالامتثال هو تطبيق المأمور به على الممتثل به -ذكرنا الامثلة على ذلك سابقا-.

فبناء على كلام صاحب الكفاية (ره) لو لم يكن الامتثال لأمر عقلائي أصبح الامتثال الإجمالي باطلا وهذا الكلام غير سليم. نعم يمكن أن يكون الامر من باب الهتك للمولى لكن الامتثال قد تمّ، ولو ثبت العقاب فهو على هتك المولى وليس على عدم الامتثال.

الشيخ النائيني (ره) ذكر اننا نعلم ان الامتثال الاحتمالي هو في طول الامتثال التقيني، أي يجب ان يكون هناك امتثال قطعي يقيني فإذا لم نتمكن فالامتثال الاحتمالي، ولذلك لا يصح الامتثال الاحتمالي، ففي مثال القصر والتمام في صلاة المسافر مع الوصول في طريق عودته إلى حد الترخص وقبل الدخول إلى الدار فهل أصلي تماما أم قصرا، وحيث انه لا ريد الاجتهاد ولا التقليد يحتاط بالصلاة قصرا وتماما.

فالشيخ (ره) قال مع امكان الامتثال اليقيني لا تصل النوبة إلى الامتثال الاحتمالي، فعندما أصلي قصرا تكون باطلة لانها امتثال احتمالي، وهكذا الصلاة تماما، وبالتالي تكون الصلاتان باطلتان.

وجوابنا صحيح أن الامتثال الاحتمالي يأتي بعد الامتثال اليقيني وفي طوله، لذلك قلنا أن الموافقة الاحتمالية غير كافية لان المطلوب هو الموافقة اليقينيّة " الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني "، لكن مع الامتثال الاحتمالي في الطرفين صار امتثالا يقينيا حتى لو لم يكن امتثالا تفصيليا، فما وجه عدم كفايته؟

بعبارة أخرى: يكفي الامتثال اليقيني دون الامتثال الاحتمالي سواء كان الامتثال اليقيني تفصيليا أم اجماليا.

هذا كلّه بناء على تعريفهم للعبادة، من ان العبادة ما كان فيه قصد القربة، وداعي الامر أو غير ذلك مما ذكروه.

اما على تعريفنا للعبادة وأنه العمل والسلوك الواقع عن تذلل وخضوع، فنحن مرتاحون من كل هذه الاشكالات، فقد ذكرنا مرارا أن منشأ كثير من الإشكالات هو اشتراط قصد القربة أو قصد الأمر [1] ، ولكن ذكرنا أن قصد القربة هو من الدواعي ولا علاقة له بمفهوم العبادة. نعم يمكن ان يكون هناك هتك لأمر المولى فالعقاب ليس لعدم الامتثال بل لهتك أمر المولى فالامتثال يكون قد تمّ.

النتيجة: يجوز الاحتياط في التوصليات والتعبديات سواء استلزم التكرار كالصلاة قصرا ثم تماما، أم لم يستلزم كما في الشك في شرط أو جزء كاشتراط السورة بعد الفاتحة فاتي بالسورة بعد الفاتحة احتياطا. ولذلك في الرسائل العمليّة في مبحث الاجتهاد والتقليد، يقول المقلد والاقوى جواز الاحتياط في العبادات.

تطبيق: تطبيقا على ما ذكرناه في مسألة تنجز العلم الاجمالي سنتعرض لمسألة محل ابتلا مع شركائنا في الوطن الدروز.

الدرزو كما درسناه في المرحلة الدراسية المتوسطة وكما يقولون عن انفسهم انهم فرقة اسماعليّة، الحاكم بأمر الله الفاطمي حاكم الدولة الفاطمية القويّة في البحر المتوسط التي كانت الدول الاوروبية فيها تدفع الجزية للدولة الفاطميّة، أرسل الحاكم بامر الله الفاطمي إلى جبل لبنان التي كانت اكثرية السكان فيه من المسيحيين لينشر المذهب الشيعي الاسماعيلي، فصار محمد نشتكين الدرز المصري الحاكم، وصار داعيا مرتبطا بالحمزة وزير الحاكم واستطاع ان يكون له انصار كثيرون، إلى ان وصل إلى حالة اعجاب بنفسه فانفصل عن الحمزة وزير الحاكم الفاطمي الذي ارسله. حتى قتله انصاره في صوفر.

ذكرت ذلك للشيخ مرسل نصر الذي كان رئيس المحاكم المذهبية الدرزية ووافق على ذلك ولعن محمد نشتكين الدرزي، وقال ايضا ان الدرزو قسمان دروز نسبة لاتباع نشتكين الدرزي، واسماعلييون وهم من انفصل عنه ولم يرجعوا إليه.

وكان السؤال لاجل الاستعلام عن الوضع الشرعي بالنسبة للطهارة والزواج وعدم الزواج وغيرها، فان علينا بالظاهر وإن كانوا من فرق الباطنية. قال: انهم يؤمنون بالله ورسوله واهل البيت سلام الله عليهم ويصلون ويصومون، وفقهنا خليط من المذهب الحنفي والجعفري، اما الدروز اتباع نشتكين فلا يصومون ولا يصلون تقية كما يزعمون. أي ان الدروز قسمان قسم ينكر الضرورات وقسم لا ينكر والجميع سموا بالموحدين الدرزو مقابل التثليث المسيحي.

إذن الدروز من الناحية العقائدية قال ان الدرزو تؤمن بالله وهذا القرآن بين ايدينا.

اما مسألة التقمّص ليست من الضرورات وهم يستدلون بقوله تعالى: " ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين " و" يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي " الدخول في العباد يعني من قميص إلى قميص. إذن هم يستدلون بالقرآن، شبهات ادّت بهم إلى ذلك وليس كفرا. وايضا هم لا ينكرون المعاد يقولون بيوم القيامه، اما الحج فللتقية لا يذهبون للحج لانه من حوالي مئتي سنة ذهب الدرزو إلى الحج وقتل ستون درزيا في الطريق فافتى فقهاؤنا بعدم الحج.

نحن علينا بظاهر اعترافاتهم سواء من ناحية الرسول الاكرم وغير ذلك وأن نأخذها من علمائهم لا من عوامهم، وهذا يعتبر من علمائهم.

السؤال الاساس لتطبيق بحثنا هو لو فرضنا انني دخلت إلى بلدة درزية كيف اميّز بين القسمين، قال لا تستطيع ان تميّز بينهما، وقال: "انه لولا الخوف ممن حولنا لكان بيننا الدم".

هنا كيف نطبق مسألة العلم الاجمالي:

هنا إذا دخلت إلى بلدة وكان بعض اهلها ظاهرهم الاسلام والبعض الآخر خرج من الاسلام بانكار الضروراتوطبقنا ذلك عليهم. ماذا أفعل بالنسبة لحلية اللحم والطهارة والنجاسة والزواج وليس المسألة خاصّة فقط بالدروز يمكن ان تشمل غيرهم من اصحاب المذاهب؟

إذا كان هناك علم اجمالي بوجود كافرين ضمن أهل بلدة واحدة لا يجوز الزواج منهم ولا الاكل من ذبائحهم ولا غير ذلك من احكام الكفار. فهل استطيع فعل ذلك مع بعضهم؟

 


[1] مثلا في مبحث الضد قالوا ان الثمرة إذا كان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وكان الضد عباديا فالنهي عن العبادة يقتضي فسادها، والسبب هو اشتراط قصد القربة في مفهومها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo