< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القطع:

     الامتثال الاجمالي، تطبيق المسألة على الدروز.

     المسألة مبنائية: فبناء على ان العلم اإجمالي علّة تامة في التنجيز لا تجوز المخالفة الاحتمالية إذا كانت الشبهة محصورة، لا يجوز ارتكاب أي فرد ويحكم بحكم الكافر.

     نطبق هنا مسألة التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة: كل درزي مسلم إلا من انكر الضرورة، وهنا شككنا في فرد بحسب الظاهر.

     تختلف المسألة بحسب الأقوال في مسألة التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

 

كتطبيق فقهي لمسألة العلم الاجمالي على الدروز أمس ذكرنا ما هو ظاهرهم بغض النظر عن باطنيتهم والمطلوب منا الظواهر:

فبناء على انكار بعضهم للضرورات كالصلاة بالمعنى المتشرعي وصوم رمضان والحج، لكن بعضهم كما أقر بعض كبار علمائهم لا ينكرون ذلك وهم اسماعيليّون، فلو دخلت بلدة درزية منها ولم استطع تمييز من ينكر الضرورة ويحكم بكفره من غيرهم، هنا اصبح عندي علم اجمالي في هذه البلدة بوجود بعض من لهم حكم الكافر وبعض من له حكم المسلم ولا استطيع تميز البعض من الآخر.

فلنطبق احكام العلم الإجمالي ونقول: المسألة مبنائية:

     بناء على أن العلم الإجمالي علّة تامّة في التنجيز كما هو المشهور والمعروف والمتداول أو أنه مقتض كما ذهب إليه صاحب الكفاية (ره) الذي ذكره في مباحث العلم الإجمالي، فبمجر أن اعلم بوجود بعض من له حكم الكافر من النجاسة وحرمة أكل الذبيحة والتزاوج فانه لا يجوز ارتكاب أي طرف، فلا يجوز أكل شيء أو شرب شيء مما لامسه أي شخص منهم، ولا التزاوج منهم.

لان ذلك حينئذ من باب المخالفة الاحتماليّة؟ فبناء على انه علّة تامّة في التنجيز لا يجوز ارتكاب أي طرف.

إلا أن يقال: إن الجميع محكوم بالإسلام لكونه تشهد بالشهادتين واعتبر نفسه مسلما، خرج منهم من أنكر الضرورات وهو بحكم الكافر، لأن من أنكر الضرورة له حكم كمن أنكر الإسلام نفسه، كمن أنكر نبوّة النبي محمد (ص) وانكر الصلاة والصوم لشهر رمضان في الاسلام.

ثم شككنا في فرد أنه أنكر الضرورة، هل أصبحت المسألة من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية؟

العام: "كل درزي مسلم " انطبق على كل الافراد، والخاص: "إلا من أنكر الضرورات" هنا لو شككت في فرد درزي في كونه ممن أنكر الضرورات، أي انطبق عليه حكم العام في البداية وشككت في خروجه منه بإطباق المخصص عليه.

هنا أصبحت المسألة مبنائية: فمن قال بجواز التمسك بالعام في المخصص الليبي دون اللفظي ذهب إلى بقاء احكام الإسلام، إذ لا بد من ملاحظة ان المخصص "الا من أنكر الضرورة" مخصص لبي.

وإن ذهبنا إلى ما ذهب إليه مشهور المتأخرين من عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة سواء كان المخصص لبيا أم لفظيا ذهبنا إلى عدم ثبوت أحكام المسلم له فلا يجوز الاكل من ذبائحهم ولا الزواج منهم وغير ذلك، فيتنجز العلم الإجمالي، وعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة أي ليس لي الحق أن أطبق احكام العنوان العام وهو المسلم، وهذا لا يعني أنه نجس خبثيا [1] .

وحينئذ يكون لكل حكم دليله الخاص به، ونطبق القواعد العامّة عليه:

     بالنسبة للطهارة نحكّم قاعدة الطهارة، الصدوق (ره): "كل شيء لك طاهر (إلا ما علمت) حتى تعلم انه قذر" [2] . فالقرد المشكوك عدم جواز التمسك فيه لا يعني انه صار نجسا.

وكذلك في الحديث الموثق: ح4 - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) قال: كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر، فإذا علمت فقد قذر، وما لم تعلم فليس عليك.[3]

وحديث حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر. [4]

     بالنسبة للنكاح وعدم الجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة فلا يجوز لوجوب إثبات موضوع عقد النكاح وهو كون الزوجة مسلمة أو كتابيّة -محل خلاف- أو كون الزوج مسلما.

وإن ذهبنا إلى جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة حكمنا للمشكوك بحكم المسلمين من الطهارة وحليّة ذبائحهم، وجواز نكاحهم، إلا أننا عمليا نحتاط في مقام الفتوى.

     بناء على أن العلم الإجمالي كالجهل، جاز عليهم أحكام المسلمين.

     بناء على ما نذهب إليه من كون العلم الإجمالي مركبا من علم وجهل، وبالتالي حرمة المخالفة القطعية، وجواز المخالفة الاحتماليّة، ووجوب الامتثال اليقيني وعدم كفاية الامتثال الاحتمالي.

فبالنسبة للطهارة والاكل والشرب فاقتحام بعض الافراد جائز. أما بالنسبة للنكاح فالكلام فيه هو بعينه ما ذكرناه في مسألة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

بالمبدأ يجوز المخالفة الاحتماليّة أي الجواز الاكل من ذبائح بعضهم، وطهارة بعضهم وجواز نكاح بعضهم.

والنتيجة: عند الشك تجوز مؤاكلتهم والتزوج منهم، إلا أن الاحتياط في مثل هذه الأمور وخصوصا النكاح طريق النجاة. وهذه المسألة تشمل كل من كان مشكوكا.

نعم، قد يفرق الأمر في بعض المراحل، مثلا: لو دخلت بلدة فيها ملحدون وفيها مسلمون، وشككت في شخص هل هو ملحد أو مسلم، فما هو حكمه؟

في هذه المسألة لا يوجد حكم عام: "كل من في البلدة مسلم" فمسألة الشبهة المصداقيّة تنتفي هنا. وعندما نطبق القاعدة العامّة من كونها شبهة غير محصورة، أو محصورة وتنجيز العلم الإجمالي، أو القواعد الفقهية مثل الاحتياط في الفروج وأصل الطهارة وغير ذلك.

 


[1] ردا على استيضاح من أحد الطلبة الافاضل، بان الدخول إلى أي بلد سنّي مثلا يكون له نفس الحكم لعدم العلم بناصبية بعضهم؟ الجواب: ما ذكرناه ينطبق عليهم تماما، لكن بشكل عام النواصب قلّة جدا في العالم الإسلامي، وهناك فرق أيضا بين الطهارة والزواج، ولكل حكمه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo