< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظن:

     تلخيص مباحث القطع.

     مباحث الظن.

     المسألة الاولى: في قابلية الظن للحجيّة، وبهذا يفترق عن الشك.

     الآيات الناهية عن العمل بالظن إرشاد إلى ما عند العقلاء.

     المسألة الثانية: جعل الحجيّة للظن شرعي لا عقلي.

تلخيص مباحث القطع.

أولا: ذهبنا إلى أن العلم الاجمالي مركّب من علم وجهل، والعلم التفصيلي هو العلم بالجامع وله أحكامه، فهو علّة تامّة في التنجيز، وبالنسبة إلى الجهل له أحكامه فتجري الأصول العمليّة فيه ولذلك قلنا بجواز المخالفة الاحتماليّة وعدم جواز المخالفة القطعيّة، ووجوب الموافقة القطعية وعدم كفاية الموافقة الاحتماليّة.

اما بالنسبة للأمتثال الاجمالي قلنا لا مانع منه ابدا لا يشترط الامتثال التفصيلي، نعم الامتثال اليقيني مطلوب لكن تارة يكون بنحو تفصيلي وتارة يكون بنحو اجمالي ولا مانع من ذلك عقلا، سواء كان في المعالات أو في العبادات.

بالنسبة للعبادات قلنا لا يشترط فيها لا الوجه ولا التمييز.

مباحث الظن:

مباحثه واسعة تشمل الخبر الواحد، الشهرة، الظن المطلق وغيرها.

وتشمل مباحث الظن حوالي ثلاثة عشر بابا. نبدأ بمباحث الظن بعد أن بحثنا القطع.

المراد من الظن هو الرجحان، وهو الظن المنطقي أي من الواحد والخمسين بالمئة إلى التسعة وتسعين بالمئة، وليس الظن اللغوي الذي يطلق احيانا على الاعتقاد والوهم والحدث والحكم بلا دليل. فهل هو حجّة، بمعنى يجب العمل به واتباعه؟

وهنا البحث في مسائل:

الاولى: في قابليته للحجيّة، وبهذا يفترق عن القطع والشك.

الثاني: في كون جعل الحجيّة شرعيا أم عقليا؟

الثااثة: هل يوجد فرق في حجيّة الظن، بين ثبوت التكليف وبين سقوطه؟

الرابعة: في إمكان التعبد بالظن المطلق أو الخاص كالخبر الواحد أو الشهرة أو قول الصحابي على قول، أو قول اهل المدينة على قول، والاستحسان، والقياس، وسد الذرائع، إلى آخره من الظنون. وعلى القول بإمكانه فهل هو الإمكان الذاتي، أو الاحتمالي، أو الوقوعي التشريعي؟

الخامسة: في وقوع التعبد بالظن، والبحث عن الموانع في ذلك كما هي شبهات ابن قبا؟

اما المسألة الاولى أي في القابليّة للحجيّة:

القطع: فيه كشف تام حجيته معه، لذلك قالوا أنه علّة تامّة في التنجيز، أو مقتضٍ لذلك في بعض الحالات لاننا لا نعمل بالقطع كما في رواية دينار الودعي، كما ذهب إليه الشيخ الآخوند (ره) في الكفاية في مبحث العلم الاجمالي.

أما الشك: فليس فيه أي كشف ولا رجحان لأنه متساوي الطرفين، فلا يمكن أن يكون حجّة، ولا يمكن جعل الحجيّة له، أي ليس فيه لا علّة ولا إقتضاء، ولا قابليّة للحجيّة، نعم يمكن أن يجعل موضوعا لحكم كما في أن الشك يقتضي الاحتياط.

الظن: هو رحجان أحد الطرفين مع إحتمال الطرف الآخر، فلا شك في أنه ليس علّة تامّة في التنجيز، وليس فيه أيضا إقتضاء التنجيز، وهذا بخلاف القطع، ومجرّد الرجحان لا يعني الإقتضاء، لأن الإقتضاء معناه أنه مع ثبوت المقتضي وابحث حينئذ عن مانع، فإذا تيقنت بعدم المانع ثبت تأثير المقتضي وتمّت العلّة ووجد المعلول.

أما في الظن فمع تحققه أبحث عن دليل على حجيّته، أي أنه لا إقتضاء فيه، ولذا قالوا أن الأصل عدم حجيّته.

نعم الظن فيه قابلية لأن يكون حجّة، أي قابليّة تتميم الكشف جعلا، ولذا نبحث عن دليل على الحجيّة والاعتبار، وهذا شيء يختلف عن الاقتضاء.

ولذا لا حاجة إلى تعلّق المنع الشرعي عن العمل به.

قد يقال: فما بال الآيات والروايات الناهية عن العمل بالظن كقوله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ [1] أليس هي منع شرعي عن العمل بالظن؟

فانه يقال: بناء على ما ذكرنا من عدم إقتضاء الظن للحجيّة، فإن الآيات والروايات حينئذ تكون إرشادا إلى ما عند العقلاء، وإلى حكمهم وليس نهيا مولويا شرعيا.

والدليل على أنه إرشاد أنه يستدل عليهم بما عندهم وليس بما عنده، فمثل إذا اردت الأحتجاج على النصراني أحتج عليه بالانجيل وليس بالقرآن الكريم الذي لا يؤمن به، مثلا احتج عليه بأن عيسى عليه السلام ليس ابن الله، عندما يقول في الانجيل عن لسان عيسى (ع): " الهي وإلهكم، وابي وابيكم" النسبة واحد لنفسه ولعامّة الناس. فإذا كان عيسى بن مريم ابن الله ودليلهم هذا النص الانجيلي فانا ايضا ابن الله، فلماذا لا تعبدوني؟!

ففرق بين مقام الاحتجاح ومقام البيان، فإن مقام الاحتجاج يجب أن يكون مسلما عند الطرف المقابل.

المسألة الثانية: هل جعل الحجيّة للطن عقلي أم شرعي؟

لمّا لم تكن الحجيّة تكوينيّة أي ذاتية ولا عقليّة، أي لا يحكم العقل لا بكونها علّة تامّة ولا بنحو الاقتضاء، كان جعلها شرعيا إعتباريا، أي أن الشارع اعتبرها، نعم لا بد من دليل على إعتبار الشارع لها، فتارة يستدل بالآيات وظواهرها، وتارة بالروايات، وتارة بالادلّة اللبيّة كالاجماع والسيرة، وتارة بالعقل بمعنى أن العقل يدرك أن الشارع إعتبرها، لا أن العقل يدرك حجيّتها.

وبهذا يظهر الخلل في تعبير صاحب الكفاية (ره) حيث قال: إن ثبوت مقدمات دليل الانسداد موجب لاقتضاء حجيّة الظن عقلا.

في هذا التعبير خلل نبيّنة غدا ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo