< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/08/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظن:

     مباحث الظن.

     المسالة الرابعة: إمكان التعبد بالظن.

     الامكان له ثلاثة معان: الاحتمال، الامكان الذاتي، الامكان الوقوعي، والأخير هو المراد بالبحث، وهو ما يلزمه محذور.

     ذهب الشيخ الانصاري (ره) إلى إمكان التعبد بالظن لان العقلاء يحكمون على كل شيء بالامكان ما لم تثبت الاستحالة.

المسألة الرابعة: إمكان التعبّد بالظن: هل يمكن التعبّد بالظن؟

ما المراد من الإمكان: الإمكان على ثلاثة معان: الاحتمالي، والذاتي، والوقوعي.

اما الاحتمالي هو الملحوظ فيه الحالة النفسيّة الشخصيّة، ومنه قول ابن سينا والفلاسفة " كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الامكان ما لم يذدك عنه ساطع البرهان". هذا المعنى ليس مرادا في البحث، لأنه لو قطعت فالقطع حجّة ذاتيّة، ولا يبقى مجال للبحث.

أما الامكان الذاتي وهو مقابل المستحيل، حيث ان الوجودات على ثلاثة أقسام: واجب الوجود، وممتنع الوجود، وممكن الوجود. ومثال واجب الوجود هو الله عز وجل، ومثال ممتنع الوجود هو اجتماع الضدين، ومثال الممكن الوجود الانسان على سطح القمر.

فالممكن تارة بالامكان العام وهو ما سلب فيه إحدى الضرورتين وهي سلب ضرورة الطرف المقابل، وتارة بالامكان الخاص وهو ما سلبت فيه الضرورتان معا.

والامكان الذاتي غير مراد إذ لا يحكم العقل ولا الشرع باستحالة حجيّة الظن.

لم ينقل عن احد انه قال باستحالة حجيّة الظن، كخبر الواحد والشهرة، محال هذا القول ولم يحكم به أي عقل، فليس هناك سلب ضرورة المنع من الحجيّة، ولذلك الامكان الذاتي غير مراد بالبحث.

أما الامكان الوقوعي: وهو ما كان ممكنا بالامكان الخاص -سلب الضرورتين- إلا أن وقوعه يستلزم محذورا، وهذا المحذور قد يكون شرعيا، كما لو حلّل حراما، أو عقليا كما لو استلزم اجتماع الضدين، أو عرفيا أو غير ذلك.

مثلا: من استدل على وجوب المقدّمة قال: لو لم تكن المقدّمة واجبة نتيجة عدم وجوبها يؤدي إلى لوازم باطلة وهي جواز الترك، ومع الترك لا استطيع ان اتي بذي المقدّمة، فخرج الواجب عن كونه واجبا. فعدم وجوب المقدّمة غير ممكن بالامكان الوقوعي لاستلزامه محذوا عقليا.

مثال آخر: ما ذكره الشيخ الانصاري (ره): ان ظاهر اللغة العربيّة هو رجوع القيد للهيئة وهذا ممكن، إلا أنه يلزمه أمر محال وهو أنه أمر جزئي والجزئي لا يقيّد، فيلزم من وقوعه أمر محال، فلا يكون ممكنا وقوعا.

وهذا هو المراد من الامكان الوقوعي وهذا هو المراد من الامكان في البحث.

وبتعبر آخر: الامكان الوقوعي هو ممكن مسلوب الضرورتين بالامكان الخاص ولكنه إذا لم يؤد إلى مستحيل صار ممكنا، أما إذا أدّى إلى المحذور صار غير ممكن، أي هو بلحاظ النتائج.

ونقول: لقد وقع كلام كثير في إمكانية حجية الظن، ولا داعي للدخول في ذلك، بل ملخصا نقول: لا شك ولا ريب في وقوع حجيّة واعتبار بعض الظنون، الظن على قسمين: ظن مطلق بدون قيود ، وظن خاص الذي هو من اسباب خاصّة كحجيّة الشهرة، أو خبر الواحد وهو حجّة على الأقل هو المشهور المعروف المتداول، بل حتى من أنكر حجيته كالشريف المرتضى (ره) الذي نقل الاجماع على عدم حجيّة خبر الواحد، عمل به، ولا يمكن حمل جميع ما ذكره من المرويات على كونها محفوفة بقرائن قطعيّة. إذ وقع اعتبار بعض المظنونات شرعا، والوقوع أفضل دليل على الامكان.

إذن لا شك في الامكان الوقوعي التشريعي للظن.

نعم، ذكر بعضهم بعض الموانع العقلية من الحجيّة، ومنها إشكالات ابن قبة، فلنبحث عن هذه الموانع، وهي بمجملها ترجع إلى ثلاثة أمور:

    1. تفويت المصلحة والالقاء في المفسدة عند خطأ الأمارة.

    2. اجتماع المثلين عند الاصابة. لاجتماع الحكم الواقعي والحكم الظاهري على موضوع واحد. وهذا محال عقلا.

    3. اجتماع الضدين عند الخطأ. كما إذا اخطأت الأمارة وكانت خلاف الحكم الواقعي، وهذا ايضا محال عقلا.

سنبحثها الموانع في المسألة الخامسة.

ونعود للمسألة الرابعة: هل التعبد بالظن ممكن؟

ذهب الشيخ الانصاري (ره) إلى إمكان التعبد بالظن بدعوى أن بناء العقلاء على الحكم بالإمكان ما لم تثبت الاستحالة، أي كل شيء يمكن أن يكون حجّة تعبدا ما لم تثبت استحالة ذلك، ومن ذلك الظن. بعبارة أخرى هناك عموم عقلائي:"كل أمر يطرق سمعي فهو ممكن بالامكان الوقوعي إلا ان يثبت دليل على الاستحالة أو على الضرورة".

لم يرتض صاحب الكفاية (ره) هذا الكلام واستشكل بثلاثة إشكالات ملخصها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo