< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/10/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظن:

     انفتاح باب العلم.

     اما على القول بالطريقية. فمصلحة تبادل المعلومات أقوى من مصلحة إدراك المصالح الشخصية في كل مورد.

     إشكال اجتماع المثلين أو الضدين مدفوع بعدم انشاء حكم ظاهري أصلا. ما يجمع محاولات دفع الاشكال هو جعل موضوعين مختلفين للحكمين.

     بيان جمع الشيخ الانصاري (ره) للحكمين، وجمع صاحب الكفاية (ره) في ذلك.

 

التذكير بمعاني السببية والرد على اشكالات ابن قبة وغيره، وان هذا المعنى باطل إجماعا عندنا لانه خلاف طبيعة الخبر، ولان معناه أن الاحكام مختصة بالعالم، لان المصلحة الغالبة إنما تكون مع وصول الامارة، أي مع علم المكلّف، ذلك ان الروايات عندنا دالة على اشتراك الاحكام والمصالح بين العالم والجاهل، ولكنّ هذا المعنى خلاف طبيعة الامارة عقلائيا لانها لا تؤسس مصلحة بل هي مجرد كشف، حيث أن الواقع لا يتغيّر بحسبه.

فلو فرضنا اننا لم نستطع ان نحل اشكالات ابن قبة وغيره، فتكون شبهة مقابل بديهة لان الخبر والامارة هما مجرد كشف، مثلا: "لو قلت لك ان في الحائط فأرة والفأرة لها أذنان إذن الحائط له أذنان" هذه الشبهة مردودة وجدانا بأن الحائط ليس له اذنان. فإذا لم نعرف الخلل في مسألة ما ولم نجد الحل فلنقل انها شبهة مقابل بديهة. لذلك انا اقول فلنرجع الامور والمسائل إلى خانتها، وان علم الاصول سهل صعب، علم الاصول موجود في الشارع بين الناس وفي حياة الناس فإذا بقي على هذا المستوى فلا يكون صعبا، نعم يحتاج إلى تصفية الفطرة والرؤية.

أما على القول بالطريقيّة: كما هو طبيعة الاخبار وما هو المفروض وكما هو المختار، فنقول: إن مصلحة العمل على طبق الامارة وهي التسهيل مع الاقريبّة للواقع وتيسير تبادل المعلومات مع العلم ان الامارات ظنيّة وليست قطعيّة، فهذه الحاجة العقلائية هي التي أدّت إلى تبنّي العقلاء الامارات كوسيلة لذلك غالبة ومقدّمة على الالزام بالواقع لتحصيل مصلحة، وبهذا تختلف عن المصلحة السلوكيّة، أو ترجع المصلحة السلوكية إلى الطريقيّة، فإذا الغيت العمل بخبر الواحد لتكون النتيجة انني لا استطيع تبادل المعلومات فالقطع والعلم قليل ونادر.

وهذا أمر لا قبح فيه وهو أن اجعل الخبر حجّة، ويتفق مع طبيعة الامارة، فأن الخبر مثلا ليس سوى كاشف عن الواقع، فلو أخبرني ثقة بأن المطر نزل في العراق فهو كاشف عن واقع خارجي، ولا يؤدّي إلى حصول مصلحة أو مفسدة في هطول المطر.

كذلك في عالم الأحكام، فلو أخبرني ثقة أن الفقاع حرام فهو لا يؤدي إلى إنشاء حكم ظاهري بحرمة الفقاع يغاير الحكم الأصلي الانشاء الواقعي سواء كان مثله أم مخالفا له.

وبهذا أيضا ترتفع كل إشكالات ابن قبة وغيره، ملخصها ان بعض الامارات حجّة لا قبح فيه عند العقلاء لعدم تيسر العلم فنحتاج للعمل بحجية الخبر وهذا منشأ عدم القبح.

واعتقد أن هذا المقدار كاف في بيان المسألة، إلا أنها أخذت حيزا في كلمات العلماء، والسبب الحقيقي في المسألة جنوح علماء العامة إلى مسألة السببيّة والتصويب.

ونستطيع تلخيص كلام العلماء في رد الاشكلات على الاخذ بحجية الظن خصوصا إشكال اجتماع المثلين عند صدق الامارة واجتماع الضدين عند كذبها، بأن الامارة إذا لم تستتبع حكما فالأمر كما ذكرنا من وجود حكم واحد وهو الواقعي ولا وجود إنشاء لحطكم ظاهري اصلا، وإن استتبعت حكما فقد حاولوا (رضوان الله عليهم) أن يجعلوا موضوع الحكم الواقعي مختلفا عن موضوع الحكم الظاهري. فمثلا: الشيخ الانصاري (ره) ذهب في حلّ الاشكال إلى ان موضوع الحكم الواقعي هو الاشياء بعناوينها الاوليّة بغض النظر عن الالتفات إليها والعلم بها، وموضوع الحكم الظاهري هو الاشياء بعنوان انها مشكوك بحكمها، أي أخذ عنوان المشكوك في الموضوع، وبهذا يختلف موضوع الحكم الواقعي عن موضوع الحكم الظاهري، فلا يقع التضاد ولا التناقض.

أما صاحب الكفاية (ره) فهو أيضا يحاول أن يجعل موضوع الحكم الواقعي يختلف عن موضوع الحكم الظاهري، فقد عبّر بتعبيرات مختلفة: فتارة عبّر بأن الحكم الواقعي شأني، أما الحكم الظاهري ففعلي بمعنى أنه دفع إليه وقامت عليه الامارة واصبح حجة على المكلّف. وتارة عبّر بأن الحكم الواقعي إنشائي والحكم الظاهري فعلي، وأخرى عبّر بأن الحكم الواقعي فعلي من بعض الجهات والحكم الظاهري فعلي من جميع الجهات، وأن المضادة بين الحكمين إنما هي فيما إذا كان الحكمان كلاهما فعلي من جميع الجهات.

النتيجة: نقول انه ليس هناك انشاء حكم ظاهري من الامارة اصلا مقابل الحكم الواقعي فلا داع لكل هذه الاشكالات لكن أبناء العامة قلوا بالسببية والتصويب، وحاولنا ان نجيبهم فوقع إشكال اجتماع المثلين أو الضدين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo