< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الظن:

     بيان الفرق بين قول الشيخ الانصاري (ره) وقول الميرزا النائيني (ره).

     ذهب الشيخ إلى كون نسبة ادلّة حجية الامارات للأدلة الناهية عن العمل بالظن نسبة العام والخاص، والشبهة حكمية فيجوز التمسك بالعام.

     ذهب الميرزا إلى كون العلاقة هي الحكومة لان موضوع النهي هو العمل بغير العلم، وموضوع ادلة حجيّة الامارة هو كونها علما تعبدا، وبالتالي فهي شبهة مصداقية.

     النتيجة: الاصل عدم حجية الظنون إلا ما قام الدليل على خلافه.

 

بعد التذكير باصل المسألة نعود للفرق بين وجهة نظر الشيخ الانصاري (ره) ووجهة نظر الميرزا النائيني (ره):

الشيخ الانصاري (ره) ذكر ان المسألة من باب التخصيص لو قلنما بالمولوي، أي يمكن ان يخصص عدم العمل بالظن، اما الشيخ النائيني نفى التخصيص وقال انها من باب الحكومة، بالاجمال المؤدى واحد وهو استثناء واخراج، ولكن الفرق في الثمرات عند الشك.

فالعام هو: كل ظن ليس بحجّة أي لا يجوز العمل بالظن. والخاص هو: جواز العمل ببعض الامارات كخبر الثقة، فهل يصح هذا التخصيص؟

الشيخ الاعظم الانصاري (ره) بعدما أسس الاصل وهو عدم حجيّة الظن تمسك لاثبات حرمة العمل بالظن بالعمومات والآيات الناهية عن العمل بالظن كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾[1] وقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا﴾ً [2] وقوله تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ [3] ، فإذن الدليل هو النقل أي مولوي، ثم ذكر أن مقتضى هذه الآيات هو حرمة العمل بالظن إلا ما خرج بدليل.

ونسبة أدلة الحجيّة إلى تلك العمومات هي نسبة المخصص إلى العام، فالشك في حجيّة شيء يكون شكا في التخصيص، والمرجع فيه عموم العام وهو كل ظن ليس بحجّة إلا ما قام الدليل على خلافه.

وبعبارة اخرى: الشك هنا عند الشيخ الانصاري (ره) من باب الشك في الشبهة الحكميّة التي يجوز فيها التمسك بالعام، أي كل ما اشك فيه الاصل عدم الحجيّة.

الميرزا النائيني (ره) لم يرتض كون أدلّة العمومات وأدلة حجية الامارات من باب العام والخاص، بل ذهب إلى كونها من باب الحكومة أي توسعة وتضيقا لموضوع وليس من باب العام والخاص. فأن أدلة حجيّة الامارات حاكمة على الادلّة المانعة، لان موضوع أدلة العمومات والحرمة العمل هو غير العلم، ومفاد أدلّة الحجيّة كون الامارة علما تعبّدا، لذلك سميت العلمي، فهي نافية للحكم بلسان نفي الموضوع، ونتيجة ذلك أنه تخصيص بلسان الحكومة، فعند الشك في حجيّة شيء لا يصح التمسك بالعمومات المانعة، لكون الشبهة مصداقيّة، باعتبار أنه يحتمل أن يكون هذا الشيء علما تعبّدا.

بعبارة اخرى: أصبح البيان كالتالي: العام والدليل المحكوم: حرمة العمل بغير العلم.

الخاص والدليل الحاكم: جواز العمل بالعلم حقيقة أو تعبّدا أي خرج عن الحرمة العلم الحقيقي وما اعتبره الشارع بحكم العلم، فإذا شككت في الحجيّة أكون قد شككت في مصداق الخاص، فعادت الشبهة مصداقيّة، ولا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

أقول: هذه الآيات والروايات الناهية عن العمل بالظن إرشاد إلى ما حكم به العقل، بمعنى أن العقل يحكم بعدم الأثر للمشكوك الحجيّة، بحيث يتساوى المشكوك الحجيّة والمعلوم عدمه من حيث الأثر، نعم يفترقان بأن العقل يحكم بعدم المانع من اعتبار حجيّة غير العلم. وقلنا ان غير العلم ليس فيه مقتض للحجية بل فيه قابلية لها وهي تحتاج إلى دليل ويحكم بها العقل.

ثانيا: إننا نقول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

ثالثا: استصحاب عدم الحجيّة، وذكرنا سابقا أنه لا وجود لأصالة العدم، بل هناك استصحاب لعدم الحادث لان الممكن يتساوى فيه الطرفان العدم والوجود.

وإن أشكل الميرزا النائيني (ره) على جريان الاستصحاب بأنه لغو ولا قيمة له، لان الأثر المترتب على الاستصحاب هو نفسه كان سابقا بحكم العقل.

لكن الإشكال مردود بأن المشسكوك كان إنشاء الحجية، والاستصحاب ليس للأثر، بل لإنشاء الحجيّة وحينئذ فالاستصحاب له أثر، وليس لغوا.

النتيجة: الأصل عدم حجيّة غير العلم إلا ما قام الدليل على خلافه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo