< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

44/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجيّة ظواهر الكتاب:

- الكلام في حجيّة ظواهر الكتاب؟

- التذكير بالصغرى: هل للقرآن ظاهر واستعراض الوجوه الاربعة التي ذكرت؟

- البحث في الكبرى وهي أن القرآن له ظاهر، لكن ظهوره ليس حجة ولا يجوز لنا الاخذ إلا عن طريق المعصومين (ع).

- دليلان عند من قال بعدم حجيّة ظواهر القرآن: الأول: ان الظهور من المتشابه والمتشابه لا يجوز الأخذ به. وجوابنا المتشابه ليس كل ما يحتمل معنيين أو أكثر مطلقا، بل هو خصوص المعاني المتقاربة احتمالا. والظهور ليس كذلك. فان المعنى المخالف للظاهر صعيف لدرجة الإلغاء عند العقلاء.

- الدليل الثاني: الروايات الكثيرة في النهي عن تفسير القرآن بالرأي.

 

التذكير بالصغري: هل للقرآن ظاهر واستعراض الوجوه الاربعة التي ذكرت؟

والجواب: ان للقرآن الكريم ظهور، وبيّنا الأجوبة على دعوى عدم الظهور أو انه بحكم عدم الظهور..

واما في الكبرى: أي أن القرآن له ظاهر لكن ظهوره ليس حجة، ولا يجوز لنا الاخذ به إلا عن طريق المعصومين (ع).

واستدلوا على هذه الكبرى بدليلين:

الاول: ان الظاهر من المتشابه والمتشابه لا يجوز اتباعه لاحتمال الخلاف فيه، إذ أن معنى المتشابه ما كان له معنيان محتملان [1] ، فالمسلَّم الذي رمي به في تفسير المتشابه أنه ما كان له معنيان، والظاهر أيضا له معنيان، المعنى الظاهر، والمعنى الآخر عند العقلاء ملغى، وهذا هو الفرق بين النص والظاهر.

والمحكم ما ليس فيه احتمال الخلاف، ففسروا قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [2] ، فالمحكم هو النص الذي لا يحتمل الخلاف، والمتشابه ما فيه احتمال الخلاف ويشمل الظاهر.

وفيه: أن المتشابه هو تقارب المعنيين في قوة الاحتمال. لا ما ذكروه من وجود معنيين أو أكثر مطلقا. وهذا التعريف غير سلين ولذا كان ما بني عليه باطل، ألا ترى أن الشبهة سميّت شبهة لشبهها بالحقيقة، فيتبعها بعض الناس، ولولا قوة احتمالها لما اتبعها هؤلاء.

وأما الظاهر فهو وأن أحتمل المعنى الآخر لكنه إحتمال ضعيف لدرجة أن العقلاء لا يعيرونه اهتماما فيلغونه، ولذا عرّف بعضهم حجية الظهور بأنها إلغاء إحتمال الخلاف.

ونقول: أن الظهور أمر وجودي، واما إلغاء الطرف الآخر فمنشؤه أن العقلاء لا يهتمون بالاحتمالات الضعيفة. ولذا إعتبرنا أن الاطمئنان الناشئ عن الظهور علماً عرفا، فهو وإن لم يكن قطعيا بحدّ القطع، ولكنه حجّة عند الناس لانه لا يمكن الاخذ بالقطع دائما.

الدليل الثاني: محل ابتلاء كثير وهو:

الروايات الكثيرة الناهية عن تفسير القرآن بالرأي، نذكر منه:

     من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار. [3] الرأي هنا يشمل العمل بالظهور على قولهم، والرواية تدل على عدم جواز العمل به.

     من قال في القرآن برايه أو بغير علم فليتبوّا مقعده من النار. [4]

     من فسّر القرآن براية فقد افترى على الله الكذب. [5]

     من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن اخطأ سقط ابعد من السماء. [6]

     وفي النبوي العامي: من فسّر القرآن فأصاب الحق فقد أخطأ. [7]

     وعن الرضا (ع) عن امير المؤمنين (ع) قال رسول الله (ص): إن الله عز وجل قال في الحديث القدسي: ما آمن بي من فسّر كلامي برأيه، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني. [8]

وعن تفسير العياشي عن ابي عبد الله (ع): من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، ومن فسّر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر. [9]

     وقال (ع): ليس شيء أبعد من عقول الرجال تفسير القرآن إن الآية تكون أولها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متصل ينصرف إلى وجوه. [10]

     شعيب بن أنس عن ابي عبد اللله (ع) أنه قال لابي حنيفة: أنت فقيه العراق قال: نعم، قال: (ع) فباي شيء تفتيهم؟ قال: بكتاب الله وسنّة نبيّه، قال (ع): يا ابا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: نعم، قال: (ع) يا ابا حنيفة لقد ادّعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم، ويلك ما هو إلا عند الخاص من ذريّة نبينا (ص) وما ورثك الله من كتاب حرفا. [11]

     وفي رواية زيد الشحام قال: دخل قتادة على ابي جعفر (ع) فقال له: أنت فقيه أهل البصرة فقال: هكذا يزعمون، فقال (ع): بلغني أنك تفسّر القرآن؟ قال: نعم، ... إلى أن قال: يا قتادة إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وان كنت قد فسّرت من الرجال فقد هلكت وأهلكت، يا قتادة ويحك إنما من يعرف القرآن من خوطب به. [12]

إلى غير ذلك من الروايات التي ادّعى الحر العاملي في الوسائل من كتاب القضاء تجاوزها حدّ التواتر.

غدا ان شاء الله سنبيّن معنى "التفسير" و معنى "الرأي".

 


[1] إيضاح: أحيانا في مقام النقاش والجدال وأنت تريد أن توجه النقاش والجدال إلى مسار معيّن ترمي بأمر وكأنه مسلّم أو قريب منه، تجعل من المحاورين يسلّموا بهذه المسلّمة دون التفكير بأن هذه المسلّمة التي ذكرت صحيحة أو لا، وذكرت سابقا مثالا على ذلك مسألة المساوة بين الرجل المرأة التي جعلت من المسلّمات في كندا ونتج عنها مشاكل كثيرة، والجواب هنا ان ما بني عليه باطل كما في رمي المسلّمات التي بكون ما بني عليه غير مسلّم في كثير من الأحيان وهذا الأمر أيضا ينسحب على النقاشات الفقهية والاصوليّة كما في مسألة النهي عن العبادة يقتضي فسادها لان العبادة فيها قصد القربة، ونحن لم نقبل هذا التسليم لان العبادة لا قصد القربة ولا داعي الأمر، له دخالة في مفهوم العبادة، بل هما من الدواعي كما بيّنا سابقا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo