< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: دليل الانسداد

 

محاكمة المقدمات الأربع والبحث فيها:

المقدمة الثالثة صحيحة، وهي بطلان وجوب الاحتياط، والعمل بالقرعة، والرجوع إلى الغير، واجراء الأصول العمليّة في كل مورد.

 

قلنا بالنسبة إلى المقدمات أن انسداد باب العلم صحيح، أما انسداد باب العلمي فقد ثبت عندنا حجيّة خبر الواحد، خبر الثقة أو الموثوق، وخبر الثقة كفيل بكل أطراف العلم الإجمالي، فالأحكام الشرعية التي نعلم اجمالا بثبوتها موجودة في أخبار الثقات، وما غير اخبار الثقات هل توجد احكام او لا؟ لا يمكن اثبات ذلك، وعليه لدينا علم اجمالي بخصوص أخبار الثقة، وخبر كل ثقة هو حجّة، النتيجة اننا لا نسلّم بانسداد باب العلمي. وان سلمنا بعدم حجيّة القياس، الاستحسان، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة وغير ذلك، هذا يكفي في حل العلم الإجمالي، لذلك تسقط المقدّمة الثانية وهي انسداد باب العلمي فيسقط دليل الانسداد فيها عن الحجيّة.

قد يقال: هل الظن ارتفعت حجيته كليا؟

نقول: أن الظن له موارد يكون فيها موضوعا أو حجّة: إما موارد شرعيّة، كما في الصلاة، ورد: " افعل ما ذهب اليه وهمك" في حال الشك بين الركعات ورجحت الثالثة في الشك بين الثلاث والاربع، يبني على الظن.

وأما في الأصول للظن أيضا حجيّة في بعض الحالات منها في الخبرين المتعارضين، في خبر الثقة وقلنا اننا نعمل بما هو ارجح، أي الذي أظن أنه هو الأقوى، وروايات "خذ بأفقههما واوثقهما واعدلهما"، أي ما تميل اليه نفسك بصدقه ومطابقته، أي الظن. فإذا دار الامر بين خبرين واظن في صدق هذا يكفي في الترجيح مهما كان سبب الظن. وكلامنا هذا مطابق لكلام الشيخ الانصاري (ره) الذي يقول بالترجيح، مع بعض التعديل، إذ نقول بالمرجحات المنصوصة وغير المنصوصة بشرط أن تكون عقلائية تؤدي إلى ظنون، والظن حينئذ يكون حجّة في الترجيح.

النتيجة: انسداد باب العلمي غير تام، نعم الظن يكون حجّة في بعض الموارد.

اما المقدمة الثالثة: وهي الرجوع إلى الغير، والعمل بالقرعة، والرجوع للاحتياط، وجريان الأصول في كل مورد لو تمّ انسداد باب العلم والعلمي.

فانه يقال ببطلان كل هذه الموارد.

إنما بطلان الرجوع إلى الغير القائل بالانفتاح فلأنه من باب رجوع الجاهل إلى الجاهل، إذا لوحظ الرجوع في الأحكام، أو رجوع العالم إلى الجاهل إذا لوحظ انسداد باب العلم والعلمي كما قرر عن بحث السيد الخوئي (ره)، فإن من يرى الانسداد يرى من يقول بالانفتاح مخطئا.

وأما العمل بالقرعة: فإننا نعلم على نحو وجداني أن دين الله لا يعرف بالقرعة [1] ، وهذا أمر بديهي ضروري، مع أن القرعة لم يثبت الرجوع إليها إلا في موارد قليلة جدا من الشبهات المصداقية الخارجية. اما الرجوع إلى القرعة في الشبهات الحكمية فهو فاسد بالضرورة.

وأما الاحتياط: فهو إما محرّم بذاته في لو أخلّ بالنظام العام الإنساني.

أو لا مجرى له إذا أدّى إلى فساد عبادة بناء على اشتراط قصد الوجه والتمييز في العبادات كما عند ابن ادريس (ره) وذكرنا ذلك سابقا.

وأما غير واجب أي يسقط وجوبه كما إذا ادّى إلى العسر والحرج.

أو غير ممكن فيسقط حينئذ عن التكليف به، لقبح التكليف بغير المقدرة.

نعم، يمكن القول بلزوم الاحتياط في حال لم يلزم منه أحد الأمور المذكورة. لكن ذهب بعضهم إلى وجوب الاحتياط في العمل بالخبر الموجود في الكتب المعتبرة لوجود العلم الإجمالي، والعمل بالكتب المعتبرة لا يؤدي إلى العسر والحرج بدليل ان بعض (الاخباريين) يقول بصحّة الكتب الأربعة ووجوب العمل بها جميعا دون الوقوع في العسر والحرج.

واما العمل بالأصول الجارية: في كل مورد بحسبه.

هناك مدرستان: مدرسة الشيخ الآخوند (ره) ومدرسة الشيخ الانصاري (ره).

فعلى حسب القولين:

قول الشيخ الآخوند (ره) بان خروج احد اطراف العلم الإجمالي عن التكليف يسقط العلم الإجمالي، حينئذ تجري الأصول.

وقول الشيخ الانصاري (ره) بجريان الأصول حتى مع العلم الإجمالي وسقوط احد طرفيه يبقى الطرف الآخر لجريان الاصل. فإذا انسد باب العلم والعلمي نعمل بالأصول وكل طرف بحسبه، فإذا كان هناك حالة سابقة نستصحبها، إذا كان الشك في التكليف نقول بأصل البراءة، فنعل بالاصول ولا داعي للأخبار ولا الشهرات ولا لكل العلميات. بل حتى للظن، حينئذ تصبح التكاليف على قسمين:

قسم مضطرّ اليه، سقط التكليف به، وقسم غير مضطّر اليه وغالبا يكون مجرى البراءة، وجينئذ تسقط الغالبيّة العظمى عن التكليف نعلم اننا قد خرجنا عن الدين وانتفت التكاليف والفروع فنصبح كالبهائم والمجانين.


[1] ورد: ان القرعة لكل أمر مشكل، أو مشتبه"، وفرق بين "مشكل" و"مشتبه"، المشكل يكون إذا استحكم الاشكال، اما المشتبه يمكن ان يحل الاشكال بإحراء الأصول العمليّة، أو بالاحتياط أو بغير ذلك، فإذا انسد تماما ولا مجال لا للاحتياط ولا للأصول العملية يصبح الأمر مشكلا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo