< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

39/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مشايخ الثقات.

     ادلة التضعيف ثلاثة: أ –كونه من الواقفة، ب- في العقيدة، ج- في النقل والحديث.

     الضعف في العقيدة لا ينافي الوثاقة.

     روايتي ابن فضال في تضعيف ابن ابي حمزة محمولة على الحسن ابنه على الارجح لقرائن ومؤيدات.

     ذكر المؤيدات.

     الخلاصة: عدم سقوط القاعدة لاحتمال وثاقة البطائني.

قلنا ان ادلة التضعيف في ابي حمزة البطائني ثلاثة: اولا انه من الواقفة وقلنا اننا نحتمل انها حركة امنية لحفظ نفس الامام (ع) ثم إن الانحراف في العقيدة لا يدل على اسقاط الوثاقة. ثانيا: الاخبار التي تدل على انه ضعيف في العقيدة. ثالثا: الاخبار التي تدل على انه ضعيف في الحديث كذاب.

إذن الدليل الاول انه من الواقفة قلنا انها ليست دليلا على التضعيف.

الدليل الثاني وهو انهم ضعاف في العقيدة، هناك روايات متعددة في ذلك، الرواية الاولى وهي المشهورة التي يستدل بها: في كتاب اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) الشيخ الطوسي، ج2: يذكر علي بن أبي حمزة البطائني:

- محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن، قال: حدثني أبو داوود المسترق، عن علي بن ابي حمزة، قال، قال ابو الحسن موسى (ع): يا علي أنت واصحابك شبه الحمير. [1]

في حديث آخر قال: حمدان بن أحمد قال: حدثنا معاوية بن حكيم، عن ابي داوود المسترق، عن عقبة بياع القصب، عن علي بن ابي حمزة، قال: قال ابو الحسن يعني الاول (ع): يا علي أنت وأصحابك أشباه الحمير.

اما السند في الروايتين هناك نقطتان: الاولى في التوثيقات، والنقطة الثانية في قوله ابو الحسن موسى التفاته قد يكون لها اثر في الدلالة.

اما في الرواية الاولى: ابو داوود المسترق ثقة نقله الكشي حيث قال: اسمه سليمان بن سفيان المنشد كان يذكر اهل البيت باشعار وابيات. يقول في المجلد عشرين من الوسائل تحت رقم 553: سليمان بن سفيان المسترق ابو داوود وهو المنشد وكان ثقة، قال حمدويه وهو سليمان بن سفيان بن السمط قاله العلامة، ونقل الكشي توثيقه عن العياشي عن ابن فضال. [2]

معاوية ابن حكيم ثقة. وعقبة بياع القصب هو عقبة او عتيبة أو عيينة ابن ميمون، الرواية وردت عن هؤلاء الثلاثة. عيينة محدث وثقه الكشي، وعتيبة ايضا ثقة. عتيبة وعيينة روى عنهما ابن ابي عمير وقلنا ان القاعدة تامة فابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة. والمهم ان هؤلاء الثلاثة رووا نفس النص مما يعني انهم شخص واحد، يبدو انه خطأ من النساخ أو انه يوجد فعلا رواة ثلاثة. السند صحيح.

وفي حديث آخر، عن محمد بن احمد الاشعري، عن عبد الله بن محمد (اخ احمد بن محمد بن عيسى) كان يلقب ببنان لم يرد فيه توثيق شخصي لكن هناك قرائن كثيرة لتوثيقه هو من عائلة علمية ثقات وكبار ووجيهة وصاحبة نفوذ،- احمد بن محمد بن عيسى عندما يطرد سهل بن زياد من قم يدل على كونه صاحب نفوذ، فكان فقيها ومحدثا -. عن الحسن بن موسى الخشاب (ثقة) عن ابي داوود المسترق (ثقة) قال: كنت انا وعقبة عند على بن ابي حمزة البطائني قال لهم كيت وكيت.

سند الرواية: الرواية معتبرة.

من ناحية الدلالة: انه قال ابا الحسن موسى (ع)، عادة عندما يقال ابو الحسن سنرى أن "ابو الحسن" كنية لموسى بن جعفر (ع)، ولعلي بن ابي طالب (ع) ولعلي الرضا (ع)، ولعلي الهادي (ع)، لكن عندما يقال" ابو الحسن" فقط مجردة فالمقصود بها في كتاب الحديث هو خصوص الكاظم (ع) ذكر ذلك الحر العاملي في خاتمة الوسائل، يقصد الامام موسى بن جعفر (ع). في هذه الروايات يذكر "ابو الحسن" من دون إطلاق بل ببيان انه الامام موسى (ع) فيقول: قال ابو الحسن موسى، وهذه من الروايات النادرة ان يقال ابو الحسن موسى ولعلّ السبب حتي يبيّن انه موسى بن جعفر الامام المعصوم باعتقاده، ويؤكد عليه.

الرواية في دلالتها مهمّة ابو حمزة يذم بنفسه من امام مفترض الطاعة عنده أي الامام الكاظم وليس عن الامام الرضا، ماذا يعني هذا؟! خصوصا انه في السند قال: عن ابي الحسن موسى، وكأن على بن ابي حمزة يريد ان يقول لهم ان الكاظم (ع) ذمَّني وليس الامام الرضا (ع)، هنا يؤكد ان الذام هو الامام والمؤكد هو على بن ابي حمزة.

الحديث الثاني: قال ابن مسعود العياشي، قال ابو الحسن علي بن الحسن بن فضال: علي بن ابي حمزة كذاب متهم.[3]

من حيث السند: معتبر.

من حيث الدلالة: إطلاق كذاب متهم تشمل العقيدة والحديث.

هذا النمط الثاني من الاحاديث، في النمط الاول ممكن ان يكون متهم في عقيدته، فلنرى الروايات الواردة في الاتهام في ضعفه في الحديث في كذبه، إلا انه يحتمل جدا بل انا مطمئن ان الذي ورد فيه انه كذاب في الحديث هو الحسن بن علي بن ابي حمزة البطائني.

الاحاديث التي قيل انها تضعيف في الحديث:

- علي بن محمد (بندار)، قال: حدثني محمد بن أحمد (الاشعري)، عن أبي عبد الله الرازي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال، قلت: جعلت فداك اني خَلَّفتُ ابن أبي حمزة وابن مهران وابن أبي سعيد أشد أهل الدنيا عداوة لله تعالى. قال، فقال: ما ضرك من ضل إذا اهتديت، انهم كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وكذَّبوا أمير المؤمنين وكذَّبوا فلانا وفلانا وكذَّبوا جعفرا وموسى، ولي بآبائي عليهم السلام أسوة.

قلت جعلت فداك إنا نروي أنك قلت لابن مهران أذهب الله نور قلبك وأدخل الفقر بيتك.

فقال: كيف حاله وحال بزه؟ قلت: يا سيدي أشد حال هم مكروبون وببغداد لم يقدر الحسين أن يخرج إلى العمرة، فسكت. وسمعته يقول في ابن أبي حمزة: أما استبان لكم كذبه؟ أليس هو الذي يروي أن رأس المهدي يُهدى إلى عيسى بن موسى وهو صاحب السفياني؟ وقال: إن أبا الحسن يعود إلى ثمانية أشهر؟. [4]

من حيث السند: علي بن محمد (بندار) ثقة معروف، عن الاشعري ثقة معروف، عن ابي عبد الله الرازي هو محمد بن احمد الجاموراني ضعيف في الحديث لم يوثقه احد، عن محمد بن ابي نصر، عن محمد بن فضيل مشترك بين اثنين احدهما مشهور ثقة والاخر ضعيف، لكن بن ابي نصر روى عنه وهو كما ذكرنا لا يروي إلا عن ثقة. وعلى أية حال الرواية ساقطة على أي حال بالجاموراني.

من حيث السند: " عدو لله تعالى " ظاهرها انه ضعيف في العقيدة، ويشير اليه انه " كذَّبوا رسول الله " ولم يقل " كذَبوا رسول الله " هناك فرق بين " كذَّب " و " كذَب "، عندما اقول انه " كذَّب " أي قلت انه كاذب، بينما " كذبته " أي حدثته بشيء خلاف الواقع. في الحديث المروي " كذَّبت " أي كذبهم في عقيدتهم، عندما يقال للرسول انت كذاب هذا تكذيب في العقيدة والعياذ بالله.

النتيجة: ان ادلة التضعيف التي وردت مثلا في رواية " امتلأ قبره نارا " سب الامام (ع) لاحد اصحابه احيانا يكون لحفظ هذا الشخص كما ورد في زرارة بن اعين هذا الجليل العظيم احد الاركان الاربعة لولاهم لاندرس فقه آل محمد فيه من الذم الشيء الكثير، وذكره ابن الغضائري.

نعم أهم رواية اذكرها الآن في انه ضعيف في الحديث:

قال ابن مسعود (العياشي): سمعت علي بن الحسن ( بن فضال): ابن أبي حمزة كذاب ملعون، قد رويت عنه أحاديث كثيرة، وكتبت تفسير القرآن كله من أوله إلى آخره، الا أني لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا.

من حيث السند: معتبرة.

والانصاف أن يقال هذه الرواية أوضح الروايات في ضعف البطائني في الحديث، إلا أنه يمكن حملها على ضعف العقيدة كما ذكره بعض علماء الرجال. لكن هذا ليس دليلا فالرواية لا تزال في اطلاقها، ضعيف في كل شيء " لا استحل أن اروي عنه حديثا "، في العقيدة وفي الحديث. وهنا ما يشير إلى كون الرواية خاصة في ضعف العقيدة وهو أنه يستبعد أن يكون قد اكتشف كذبه متأخرا بعد رواية الاحاديث الكثيرة عنه وبعد كتابة تفسير القرآن كاملا كما ورد في متن الحديث، فهل من المعقول في هذه المدّة من الزمن الطويلة لم يكتشف أنه كذاب إلا في آخر عمره!!! وكما يقال: حبل الكذب قصير. هل علي بن ابي حمزة هذا الرجل كان يخفي كذبه إلى هذه الدرجة ولم يكتشف؟ عقلائيا هذا الامر مستبعد، لذلك من المستبعد ان يكون الكذب في الحديث.

لكن لو سلمنا دلالتها على ضعفه في الحديث فإنه معارض بتوثيق الشيخ الطوسي (ره).

ومع التعارض بين توثيق الشيخ وتضعيف ابن فضال، فالمفروض تقديم تضعيف ابن فضال لكونه أقرب، فهو يروي بلا واسطة، أي أنه يعرفه جيدا، وقد عاشره وعاش معه زمنا، بينما كان الشيخ الطوسي (ره) بعده بأكثر من مائتي عام. ومع تقديم التضعيف يقع التعارض مع أدلة التوثيق. والتضعيف يقدّم من باب تقديم الخاص على العام ( أي توثيقات الشيخ الطوسي لأنه توثيقات عامة).

إلا أن يقال: إن المراد من ابن أبي حمزة هو الابن الحسن، وليس الأب عليّا، وهذا تعبير متداول عند العرب، بل كثير جدا، بأن ينسب الشخص إلى جدّه أو آبائه، مثلا الفرزدق قال: " هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله " عن الامام زين العابدين (ع) الذي هو ابن ابن فاطمة (ع).

إذن يحتمل ان يكون الحسن بن علي بن فضال احتمالا كبيرا، اولا: هذا التعبير موجود ان يذكر الحفيد، وثانيا: هذا التعبير متداول عند العرب بل كثير جدا، وهو غير بعيد لامور:

أولا: أن على بن الحسن بن فضال يقول:" ابن ابي حمزة " ولم يعيّن الاب ولا الابن.

ثانيا: إن نفس التوصيف (كذّاب ملعون إلى آخره ) قد ورد في ترجمة الحسن بن علي بن ابي حمزة، وقد نقل ذلك الكشي حيث يقول: قال العياشي: سالت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن ابي حمزة البطائني؟ فقال: كذّاب ملعون رويت عنه احاديث كثيرة ....

ثالثا: إن علي بن ابي حمزة توفي قبل أن يولد علي بن الحسن بن فضال، فكيف يمكن أن يكتب عنه أحاديث كثيرة وتفسير القرآن من أوله إلى آخره، وليس بالواسطة.

حديث ابن فضال الذي ينص على ضعف علي بن أبي حمزة وعلاجه:

اما الحديث الثاني الذي ضعف على بن ابي حمزة البطائني برواية ابن فضال فهو نصّ في علي أي في الأب، إلا أنه يحتاج لامرين: الول: عدم وجود تصحيف من النساخ وذلك بزيادة علي. والثاني: إطلاق الكذاب لتشمل العقيدة والنقل.

فنقول: إن احتمال التصحيف وإن منع باصالة عدمه وعدم اعتداد العقلاء به، بل يبنون على ما يجدونه مكتوبا، والظهور في الاطلاق كذلك، إلا انها موهونات بقرائن عديدة:

منها: إن علي بن ابي حمزة كان معروفا بالوثاقة، والملكات لا تنقلب بسهولة ففي مثل الصدق والكذب والشجاعة والجبن والكرم والبخل، لا تنقلب في لحظة، نعم قد ينقلب الانسان في العقيدة او السياسة لمنافع هو يقدّرها فينقلب.

ثم إن الارجح كون الاتهام بالكذب هو في مقام العقيدة وبسبب الوقف خصوصا إذا لاحظنا الروايات الاخرى الذامّة له : " إنه يقول أن موسى بن جعفر سيعود بعد ثمانية اشهر، وأن رأس المهدي سيهدى إلى عيسى بن موسى، مما يوحي أن الكذب والاتهام هو بلحاظ الانحراف العقائدي، وهذا يوهن أصالة الظهور، فلا تشمل الرواية الكذب في النقل.

والنتيجة: إن الظهور في الاطلاق اصبح موهونا، ومع ملاحظة توثيق الشيخ الطوسي له ورواية ابن ابي عمير عنه، يصبح حمل الرواية على التصحيف من النساخ او عدم الاطلاق في الرواية عدم بعيد.

ملخص الاكلام: ان ادلة التضعيف ثلاثة: كونه من الواقفة وذكرنا انه يحتمل انها حركة لحفظ الامام، ثانيا: ان التضعيف في العقيدة وهذا لا يخدش، لانه قد يكون ضعيفا في العقيدة ولكنه صادق في الحديث، ثالثا: الضعف في الحديث نفسه هذا صحيح لكنه يحتمل قويا انه ورد في الحسن بن علي بن ابي حمزة، ومع الاحتمال يبطل الاستدلال. فعلي كان ثقة وثقه الطوسي وقال انه من الثقات الكبار، لذلك نميل إلى وثاقته خلاف ما ذهب اليه الكثيرون.

لكن بالنتيجة ما يهمنا ان كثيرون كالسيد الخوئي قالوا ان هذه القاعدة " ان ابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة هو واصحابه " ساقطة عن الاعتبار لانه قد رووا عن غير ثقة مثل علي بن ابي حمزة.

والجواب: ان احتمال وثاقة علي بن أبي حمزة كبيرة جدا، ومعه لا تسقط القاعدة.

هذا ردنا بالنسبة لعلي بن ابي حمزة وسنستعرض الباقين كيونس بن ظبيان ان شاء الله غدا وسنبيّن وثاقته.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo