< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

41/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التوثيقات العامة:

كل من وقع في الطريق إلى شخص في المشيخة:

    1. ليس كل من بدأ به الصدوق (ره) السند هو صاحب كتاب.

    2. استدل السيد الخوئي (ره) على ذلك بأمور:

    3. الاول: عدم تصريح الصدوق بذلك بخلاف الطوسي.

    4. الثاني: بعض من ورد إسمه في المشيخة وليس لهم كتب وذكر اسماء بعضهم ولم ترد اسماؤهم في اصحاب الكتب والاصول التي ذكرها الشيخ والنجاشي.

    5. الثالث: ورد أسم أسماء بنت عميس وذكر طريقه اليها، ونطمئن إلى عدم وجود كتاب لها.

    6. الرابع: بعض الرواة روى لهم رواية واحدة، أفيعقل أن لهم كتب ولم يرو إلا رواية واحدة من الكتاب!

قلنا ان هناك نقطتين: الاولى: هل كل من بدأ به السند هو ثقة؟

الثانية: هل كل من وقع في الطريق إلى شخص في المشيخة ثقة؟

نقول: " ان ليس كل من بدأ به السند صاحب كتاب، وتركيز كلام السيد الخوئي (ره) على هذه النقطة. لم يصرّح الشيخ الصدوق (ره) بان كل بدأ به السند فهو صاحب كتاب، الشيخ يقول:" كتب عليها المعوّل واليها المرجع " هل الذي بدأ به السند هو صاحب كتاب لم يصرّح بذلك، بخلاف الشيخ الطوسي (ره) الذي صرّح بذلك قال: " بدأت السند بصاحب الكتاب ". هذا فرق بين المشيختين.

ولا بأس بذكر كلام السيد الخوئي (ره) في ج 1 من معجم رجال الحديث ص 80: وقد جعل المجلسي - قدس سره - ذكر الصدوق شخصا في من له إليه طريق موجبا للمدح، وعدّه في: وجيزته من الممدوحين.

الكلام سيكون اولا في مشيخة الشيخ الصدوق (ره) ويليه الكلام في مشيخة الشيخ الطوسي (ره).

والجواب (السيد الخوئي): أنه لا يعرف لذلك وجه إلا ما يتخيل من أن من ذكر إليه طريق في المشيخة لابد وأن يكون له كتاب معتمد عليه،

السيد الخوئي سيركز على هذه النقطة وهي: انه ليس كل من ذكر له طريق فهو له كتاب مشهور عليه المعوّل، فإذا كانت الكتب مشهورة وعليها المعوّل لا يعني ان كل من له اليه طريق ممدوح وثقة، لان بعض من له اليه طريق منهم ليس له كتاب اصلا.

فان الصدوق قد التزم في أول كتابه أن يروي فيه عن الكتب المعتبرة المعتمد عليها. وعليه فيكون صاحب الكتاب ممدوحا لا محالة. ولكن هذا تخيل صرف نشأ من قول الصدوق في أول كتابه: ( وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل، وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد الله السجستاني، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مهزيار الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد، ونوادر أحمد بن محمد ابن عيسى، وكتاب نوادر الحكمة تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله، وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه، ونوادر محمد بن أبي عمير، وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي، ورسالة أبي رضي الله عنه إلي، وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم ).

هذا الكلام الذي اتكل عليه المجلسي في البناء على أن " كل من ورد في الطريق فهو ممدوح. ومن هنا يبدأ تعليق السيد الخوئي (ره).

ولكن من الظاهر أنه يريد بذلك أن الروايات المستخرجة في الفقيه مستخرجة من الكتب المعتبرة ولا يريد أنه استخرجها من كتب من ذكرهم في المشيخة، وذكر طريقه إليهم.

هنا السيد (ره) يفصّل بين من ذكرهم في المشيخة والكتب التي أخذ منها الروايات، فيلاحظ أن كلام الصدوق (ره) لا يدل على ان كل صاحب كتاب ذكر في المشيخة او كل من ذكر في المشيخة هو صاحب كتاب، لا يوجد هذا التصريح بخلاف الشيخ الطوسي (ره) الذي صرّح بان كل من بدأ به السند في كتابه التهذيب هو صاحب كتاب. ويحاول السيد الخوئي (ره) أن يؤكد هذه الملاحظة في كتب ومشيخة الشيخ الصدوق فيقول:

كيف ؟ ! وقد ذكر في المشيخة عدّة أشخاص وذكر طريقه إليهم: مثل إبراهيم بن سفيان، وإسماعيل بن عيسى، وأنس بن محمد، وجعفر بن القاسم، والحسن بن قارن، وغيرهم. مع أن النجاشي والشيخ لم يذكراهم في كتابيهما الموضوعين لذكر أرباب الكتب والأصول،

هؤلاء الذي ذكرهم في المشيخة لو كان لهم كتب لكان النجاشي ذكر كتبهم، لانه لو كانت لكانت كتبا مشهورة هذان العلمان وخصوصا في هذين العلمين، علم الحديث وعلم الرجال، لم يذكروا اصحاب الكتب. تساؤل من السيد الخوئي في محله.

النقطة التي تعرض لها السيد الخوئي والتي هي ان اصحاب الكتب شيء ومن ذكرهم في المشيخة شيء آخر، ولا تلازم بينهما ولم يصرّح بالتلازم وبالعكس هناك قرائن على العدم.

بل ولم يذكرهم الشيخ في رجاله، مع أن موضوعه أعم، فكيف يمكن أن يدعى أن هؤلاء أرباب كتب، وأن كتبهم من الكتب المشهورة ؟ ! بل إن الصدوق ذكر طريقه إلى أسماء بنت عميس، أفهل يحتمل أنه كان لها كتاب معروف ؟ بل إنه قد يذكر في المشيخة طريقه إلى نفس الرواية، مثل ذكره طريقه إلى ما جاء نفر من اليهود.وعلى الجملة فلا شك في أن الصدوق لم يرد بالعبارة المزبورة: أنه استخرج في كتابه الروايات الموجودة في الكتب المعتبرة المعروفة لمن ذكرهم في المشيخة.

ومما يؤكد ذلك: - أي ليس كل من ذكر في المشيخة هو صاحب كتاب -.

أن الصدوق لم يرو عن بعض من ذكر طريقه إليه في المشيخة إلا رواية واحدة في كتابه: مثل المذكورين، وأيوب بن نوح، وبحر السقا، وبزيع المؤذن، وبكار بن كردم وغيرهم. ومن البعيد جدا أن يكون لهم كتاب معروف ولم يرو الصدوق عنه إلا رواية واحدة ! وعليه فلا يمكن الحكم بحسن رجل بمجرد أن للصدوق إليه طريقا.

نشعر ان هناك جو انه ليس هناك داعي لعلم الرجال وهذه الكتب تكفينا، فنأخذ بهذه الروايات حتى لو كانت ضعيفة السند، وحتى لو رواها كذاب مثل وهب بن وهب، " الكافي كاف لشيعتنا ". اما النقطة الثانية: وهي وثاقة أو مدح كل من كان في الطريق وقد ذهب المجلسي (ره) إلى اعتباره ممدوحا، ولعلّه بسبب أن الروايات التي اوردها في كتابه " من لا يحضره الفقيه " جميعها من كتب عليها المعوّل واليها المرجع، فلا بد ان يكون الطريق اليها معتبرا بكامله. واورد عليه السيد الخوئي (ره) بما حاصله: ان من بدئ به السند غير اصحاب الكتب، كما تبيّن في النقطة الاولى، أي ان طرق المشيخة قد تختلف عن طرق الكتب، وعليه فإذا كانت الكتب مشهورة معتبرة فلا يعني ان الطرق المذكورة في المشيخة معتبرة. وبهذا يردّ على من اعتبر جميع الروايات الموجودة في هذه الكتب معتبرة صحيحة ولو كانت اسنادها ضعيفة لانها كتب عليها المعوّل واليها المرج

ولنذكر عبارة السيد الخوئي (ره) بنصها حيث يقول بعد ما بيّن ان من بدئ به السند ليس بالضرورة ان يكون من اصحاب الكتب: " وبما ذكرناه يظهر بطلان أمر آخر قد توهمه غير واحد ممن لم يتأملوا في عبارة الصدوق. بيان ذلك: أن جملة من طرق الصدوق ضعيفة على ما تقف عليها وعلى جهة ضعفها في ما يأتي إن شاء الله تعالى، ولكنه مع ذلك توهم بعضهم أن ضعف الطريق لا يضر بصحة الحديث، بعد ما أخبر الصدوق بأن روايات كتابه مستخرجة من كتب معتبرة معروفة معول عليها، فالكتاب إذا كان معروفا ومعولا عليه لم يضره ضعف الطريق الذي ذكره الصدوق في المشيخة تبركا، أو لأمر آخر. [1]

ما هو الامر الآخر؟ الذي أتصوره هو بعض الدواعي لكتابة كتب الموسّعة وهو ان بعض ابناء العامة شنّع على الشيعة انكم انتم لديكم روايات بلا رجال وبالتالي أحاديث ضعيفة غير مسندة، وهذا ليس علما يمكن أن يتكل عليه لاستنباط الاحكام الشرعية، وبالتالي فقهكم ليس مبنيا على علم يعتدّ به، من أين أتت هذه الروايات؟ فأضطُر بعض علمائنا ان يكتب كتابا في علم الرجال، لعلّه هذا هو الأمر الآخر. فإذن صارت كتب الرجال والمشيخات والاسناد ليست لبيان صحة الاحاديث أو ضعفها، بل كل الاحاديث الموجودة في الكتب التي أخذ منها الصدوق كتابه: من لا يحضره الفقيه، وقد ذكرها في الديباجة هي صحيحة، ولم يكن الداعي لكتابة كتب الرجال سوى التبرك، أو الدفاع عن الفقه الامامي.

ان شاء الله غدا نكمل " وقد ظهر بطلان هذا التوهم ".

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo