< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكلام في وحدة مبدأ السنة في السنين المتعاقبة وعدمه

الذي شاع بين المتشرعة في عصورنا، هو اتخاذ يوم معين وجعله رأس السنة الخمسية، والجري عليه في تمام السنين المتعاقبة، بمعنى جعل ذلك اليوم من كل سنة مبدأ للسنة الجديدة وانهاءً للسنة الماضية ومن ثم تحسب الأرباح من ذلك اليوم على انه مبدأ السنة الخمسية الى مثله من العام القادم فتستثنى المؤن المصروفة في تلك السنة برمتها من الأرباح ويخمس الباقي من دون ملاحظة ان المؤنة المصروفة كانت قبل تحقق اول ربح من هذه السنة او بعده. مع أنك عرفت ان مبدأ السنة الخمسية هو حصول الربح وهذا يقتضي حصول الفاصلة بين نهاية السنة السابقة ومبدأ السنة اللاحقة مالم يحصل ربح في اليوم اللاحق للسنة السابقة ومن الظاهر ان ذلك لا يتحقق على الدوام. ولازم ذلك امران: تغير مبدا السنة غالبا. وعدم استثناء المؤنة المصروفة قبل تحقق الربح من السنة اللاحقة لأنها لا من مؤن السنة السابقة ولا اللاحقة. وهذا لا يتناسب مع ما شاع الجري عيه بين المتشرعة.

ومن البيّن ان هذا الاشكال لا يختص بالقول بان مبدأ السنة هو اول الربح بل جار حتى على القول بان مبدأ السنة هو مبدأ العمل والكسب، لإمكان ان ينقطع المكلف عن العمل فترة ثم يعود اليه او يعود الى عمل آخر غيره. فيلزمه ما لزم سابقه.

ومن هنا ينبغي التصدي لحل الاشكال وبيان الوجه المعتمد في تصحيح ذلك.

فقد يقال في وجهه: "إن هذا ـ أعني أخذ الخمس من جميع ما عنده فعلا من الارباح وتعيين رأس سنة خاصة له ـ انما يكون بطريق المصالحة الذي يرجع الى تراضي الطرفين به فلا اشكال"[1] .

وفيه: إنك قد عرفت قيام الدليل على ان مبدأ السنة بدء الربح أو بدء التكسب ـ على الخلاف ـ فلا وجه لتعيين مبدأ لها غير المشرّع، وولاية الحاكم الشرعي ـ على تقدير القول بها ـ انما تنفذ في الموارد المشروعة في نفسها المتوقفة على اجازة الولي، كبيع مال اليتيم ونحوه، دون الموارد غير المشروعة. فلا ينفع التراضي والتصالح على امر إذا لم يكن مشروعاً.

وقد يقال في وجهه ما عن الفقيه الهمداني (ره) والذي ادعى أن عليه السيرة‌ وفتاوى المعظم وانه مقتضى اطلاقات الأدلة: "ان الحكم وارد على اخراج الخمس في كل سنة ولم يقيد ذلك بسنة معينة وعام مخصوص. وحيث يعلم عدم الوجوب في كل سنة يمكن ان تفرض للربح بنحو العموم الشمولي، بل الحكم يثبت في سنة واحدة. فمقتضى ذلك حكم العقل بان المكلف مخير بين إحدى السنين التي يضاف اليها الربح ولا يتعين عليه التقيد بسنة معينة دون أخرى لعدم المعين. مثال ذلك: انه لو ربح أولا في بدء شهر صفر ثمّ ربح ثانيا في بدء شهر ربيع الاول ثمّ ربح ثالثاً في بدء شهر ربيع الثاني، فههنا سنوات ثلاث احداها بدايتها بدء شهر صفر وثانيتها بدايتها بدء شهر ربيع الاول، وثالثتها بدايتها بدء شهر ربيع الثاني. والربح الثالث يمكن ان يضاف الى هذه السنوات الثلاث. وعليه، فللمكلف ان يختار سنة الربح (الثالث) الثالثة ويعينها فيه. ولا يتنافى ذلك مع اختياره كون متعلق الحكم هو طبيعة الربح بل يتلاءم معه، لأنه ليس التزاما بتعلق الخمس بكل ربح بنحو العموم الاستغراقي، بل هو التزام بوجوب الخمس في كل سنة لطبيعة الربح، ولكن السنة التي يضاف اليها طبيعة الربح فيها لا تتعين بسنة معينة بل يمكن تطبيقها على كل ما يصلح ان يكون سنة للطبيعة. هذا ملخص ما ذكره قدس سره"[2] .


[1] المرتقى إلى الفقه الأرقى ـ كتاب الخمس، للسيد الروحاني، ص218.
[2] المرتقى إلى الفقه الأرقى ـ كتاب الخمس، للسيد الروحاني، ص219‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo