الأستاذ السيد حیدر الموسوي
بحث الفقه
40/04/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضـوع:المسألة 8 قصد عدم الخروج عن سور البلد/ الإقامة عشرة أيام / القاطع الثاني/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.
مسألة 8:
"لا يعتبر في نية الإقامة [1] قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد على الأصح، بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها مما لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفا جرى عليه حكم المقيم حتى إذا كان من نيته الخروج [2] عن حد الترخص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصدا للعود عن قريب بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفا، كما إذا كان من نيته الخروج نهارا والرجوع قبل الليل[3] "[4]
وقع البحث بين الفقهاء في المنافاة بين قصد الإقامة وقصد الخروج عن سور البلد، أو عن حد الترخص، وبالتالي يقع البحث في اشتراط عدمه وعدم اشتراطه، وثمة بحث آخر، وهو اشتراط عدم الخروج عن البلد في أثنائها، ثم إن صاحب الجواهر ذكر فرقاً بين المسألتين، وأنه لا تلازم بينهما، وذلك لإمكان القول باشتراط عدم قصد الخروج لمنافاته مع قصد الإقامة، مع القول بعدم اشتراط عدم الخروج في أثناء الإقامة.
وقد ذكر الميرزا (قده) أنه لا فرق بين المسألتين، إذ لو كان الخروج عن سور البلد أو الحد قادحاً بالإقامة في الأثناء، فإن العزم على عدمه شرط في الابتداء، ولو لم يكن قادحاً فليس لاعتباره وجه في الابتداء.
والمسألة ذات أقول: 1-ما نسبه في مفتاح الكرامة إلى الفاضل التوني، والذي يظهر من الحدائق أنه مشهور في عصره، أنه يعتبر عدم قصد الخروج إلى خارج سور البلد وخطته، ولو كان الخروج إلى ما دون حد الترخص.
2-ما هو المشهور بين الفقهاء، بل يُدعى الاتفاق عليه إلى زمان فخر المحققين، أنه يعتبر عدم قصد الخروج إلى خارج حد الترخص، ولا محذور في الخروج إلى خارج السور، دون حد الترخص.
3 – ما لفخر المحققين واختاره الكاشاني، وهو منسوب إلى كاشف الغطاء، واختاره جماعة ممن تأخر عنه، أنه لا مانع من قصد الخروج إلى ما دون المسافة، شرط الرجوع ليومه، أ، ليلته!
أما القول الأول فقد استدل له: بأن الإقامة المضافة إلى البلد حقيقة في عدم الخروج عن سور البلد وخطته فيما لا سور له؛ لمنافاة الخروج عن سور البلد مع الإقامة فيه، فإن البلد اسم لمجتمع البيوت والمباني والدكاكين، وما يُحيط بالبلد من سور، وعليه: فلا يجوز له الخروج إلى خارج السور، وعليه: فالمنافاة محققة ما بين قصد الخروج إلى خارج السور، ولو إلى ما دون حد الترخص، مع قصد الإقامة في البلد.
وفيه: أولاً: أن ما يكون خارج السور ودون حد الترخص من توابع البلد عرفاً، ولا يراه مغايراً لمحل الإقامة، وبالتالي لا يعتبر غائباً عن البلد، وأنه ارتحل عنه، وإنما حاضر ومتواجد فيه، وعليه: فلا منافاة ما بين الإقامة في البلد والتواجد خارج سورها، إذا ما كان ضمن حد الترخص.
وثانياً: أن الإقامة والمقام مأخوذان من القيام، فهما مصدران مزيد وميمي، والقيام قد يُطلق في مقابل القعود، وقد يطلق في مقابل الارتحال، وقد يطلق على المعنى اللازم لكل من القعود والارتحال، والذي هو عبارة عن الوقوف والسكون، فإن القائم في مقابل القاعد والمرتحل هو واقف ساكن وراكد لا يسير، والإطلاق الأول غير مقصود جزماً، إذ لا يُراد بها القيام والنهوض على قدميه في قبال القعود، فيتردد بين ما يقابل الارتحال، وما يقابل السكون والوقوف، والتقدير على الأول: جعل المكان مقراً لإقامته لا يرتحل عنه، وعلى الثاني: يُراد به ما يُقابل الخروج، وعلى الأول سوف لا يقدح في قصد الإقامة قصد الخروج إبتداءاً إلى خارج السور، ما دون حد الترخص، بل إلى خارج الحد إلى ما دون المسافة، ضرورة أنه لم ينتفِ عن المكان بسبب ذلك الخروج، كونه محلاً للإقامة، وهذا بخلافه على الثاني، إذ لا تحقق لقصد الإقامة في محل مع العزم من رأس على الخروج خارج السور، بل خارج الحد دون المسافة، والذي يظهر أن المراد بالإقامة ليس بمعنى الوقوف والسكون والركود، وإنما بمعنى عدم الارتحال، أي التواجد والحضور، ومما يدل على ذلك صحيحة زرارة فيمن قدم إلى مكة قبل التروية بعشرة أيام، ووجه الدلالة ظاهر.