< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

42/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: التخيير بين القصر والتمام عند الماتن/ المسألة 10 / القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

وقد اختار الماتن من بين هذه الوجوه، التخيير بين القصر والتمام، والوجه في ذلك أن الفائت منه طبيعي الصلاة في مجموع الوقت الذي كان، فرضه في بعضه القصر، لمكان السفر، وفي بعضه الآخر التمام، لمكان الحضور، وبما أنه لم يجمع في الوقت بين القصر والتمام، والقضاء لا يزيد على الأداء، فلا يجب عليه الجمع، ولا تعين لأحدهما في قبال الآخر؛ لأنه بلا موجب؛ ولذا يكون مخيراً بينهما. وإن شئت قلت: إن الصور المحتملة ثبوتاً هي: إما يجب عليه قضاء كل من القصر والتمام، أو لا يجب عليه قضاء شيء منها، أو يجب عليه قضاء أحدهما تعينياً، إما القصر أو التمام، أو يجب عليه قضاء أحدهما تخييراً، ولا خامس.

والأول فرع وجود مصلحتين لزوميتين عرضيتين، لا ينفي استيفاء إحدى المصلحتين عن ثبوت الأخرى وتحصيلها، وهو غير ثابت، إذ لا دليل على وجود هكذا مصلحتين، والثاني فيه مخالفة واضحة لدليل وجوب القضاء، بعد ثبوت الموضوع، أعني فوت الفرض، والثالث فيه محذور الترجيح بلا مرجح، بعد اشتغال ذمته بكلٍ من التمام والقصر في الوقت، ولا تعين لأحدهما في قبال الآخر، وإن كلاً من خصوصية القصر والتمام على نحو واحد من حيث دخالتهما في المصلحة، وبانتفاء الصور الثلاثة تتعين الصورة الرابعة، وهي وجوب قضاء أحدهما تخييراً.

والحاصل: أن القول بالتخيير متوقف على كون الفرض الفائت هو الجامع ما بين القصر والتمام، فلذا يجب عليه قضاء أحدهما تخييراً بعد فرض أن الفائت هو الجامع بينهما.

وفيه: أن الصحيح هو القضاء قصراً فيما لو كان مسافراً آخر الوقت، والقضاء تماماً فيما لو كان آخر الوقت حاضراً، شرط أن يكون المبنى في المسألة السابقة، كما هو الصحيح المختار، أن الميزان بحال الأداء والامتثال، لا التعلق والوجوب. والحاصل: أن موضوع القضاء وهو الفوت، ينطبق على الفريضة المقررة حال خروج الوقت الذي هو زمان صدق الفوت، وأما ما ثبت أولاً، وقد جاز تركه بترخيص من الشارع في التأخير، والمفروض هو سقوط الخطاب به عنه بتبدل الموضوع وانقلاب الوظيفة من التمام إلى القصر، فلا فوت بالنسبة إليه ليشمله دليل القضاء، فليس الواجب على الحاضر أول الوقت هو التمام، وإلا لما جاز له تركه، مع وضوح جواز تركه، لأجل التوسعة المفروضة في الوقت، بل الواجب هو طبيعي الصلاة، والتمام إنما يكون شرطاً لصحة العمل الواقع في خصوص الظرف المعين، حيث لا تصح الصلاة منه في أول الوقت مع فرض كونه حاضراً إلا إذا أتى بها تامة. لا أن الصلاة التامة بخصوصها تعلق بها الوجوب في ذلك الحال، والمفروض أنه جاز له الترك فيه بإذن من الشارع، فلو لم يصلها لم يكن قد فاته شيء، وهذا بخلاف الصلاة في آخر الوقت، فإن الواجب خصوص القصر، ولا يجوز له تركه لأجل ضيق الوقت، وانحصار الطبيعة المأمور بها في هذا الفرد، بحيث لو ترك ذلك حتى خرج الوقت كان الفائت منه هذا الفرد، ولذا يختص الفوت به دون غيره، فلا يجب القضاء إلا قصراً.

هذا كله مضافاً إلى موثقة عمار عن المسافر يمرض ولا يقدر أن يصلي المكتوبة، قال: يقضي مثل صلاة المسافر بالتقصير، الشاملة بإطلاقها للمسافر الذي كان حاضراً أول الوقت، فيجب عليه القضاء قصراً. والنقض بشمول الاطلاق لمن كان مسافراً ثم بلغ أهله في آخر الوقت فيه: أنه خارج عن عنوان المسافر، وظاهر الموثقة فوت المكتوبة حال كونه مسافراً، فلا تشمل ذلك.

والوجه فيما ذكرنا أن موضوع القضاء، وإن كان هو الفوت، إلا أن قيده، أو فقل: موضوعه هو فوت الفرض، بحيث يكون هناك التقارن بين الفوت، وما هو فرضه، ولا إشكال في كون الفرض المقارن للفوت إنما يصدق على ما كان فرضه ووظيفته آخر الوقت، لأنه بعد تبدل الوظيفة، سواء من القصر إلى التمام فيمن كان مسافراً ودخل عليه القوت، ولم يصلِّ، ثم حضر، أو من التمام إلى القصر بالنسبة لمن دخل عليه الوقت هو حاضر ولم يُصلِّ، ثم سافر تكون وظيفته والواجب عليه تعييناً هو ما انتهى إليه من التمام، أو القصر، فلو تركه إلى أن خرج الوقت، كان هو الفرض المتعين عليه الفائت الذي لم يحصّله داخل الوقت، وهو الذي يتعين عليه تداركه خارج الوقت، المصطلح عليه بالقضاء؛ ولذا يجب عليه قضاؤه تعييناً. وأما ما وجب في أول الوقت من القصر، لكونه مسافراً، أو التمام لكونه حاضراً، فلم يكن هو الفائت في حقه؛ لوجود المتسع من الوقت الذي لا يصدق معه الفوت، وفي أن الفوت لم يكن هو فرضه، بل تبدل فرضه لكونه حاضراً - مثلاً – إلى القصر لصيروته مسافراً، حيث إن الميزان بزمان الأداء والامتثال، لا التعلق والوجوب، كما عرفت في المسألة السابقة.

والحاصل: أنه في حال الفوت ليس بفرض، لتبدله بفرض آخر، وفي حال كونه فرضاً ليس هو الفائت، لوجود مستع من الوقت، الذي لا يصدق معه الفوت.

ودعوى: أن الفرض الفائت هو الجامع بين القصر والتمام، إنتصاراً لما ذكره الماتن.

فيها: أن الجامع بين القصر والتمام لم يكن فرضه في تمام الوقت، لا في حال السفر، لكون فرضه القصر، ولا في حال الحضر، لكون فرضه التمام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo