< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

42/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: استكمال مناقشة الرواية سنداً ومضموناً / المسألة 10/ القاطع الثالث/ قواطع السفر/ أحكام الوطن/ صلاة المسافر.

    1. شهادة صفوان بأن كتاب موسى بن بكر مما لا يختلف فيه أصحابنا، فقد روى الكليني أن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة، قال: دفع إليَّ صفوان كتاباً لموسى بن بكر فقال لي: هذا سماعي عن موسى بن بكر، وقرأته عليه، فإذا فيه هو حسن بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة قال صفوان: هذا مما ليس فيه اختلاف عند أصحابنا[1] .

ويؤكد ذلك أن جعفر بن سماعة قد اعتمد على رواية موسى بن بكر، أن المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة. فقد روى أيضاً الكليني عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة قال: وكان جعفر بن سماعة يقول يتبعهما (المختلعة) الطلاق في العدة، ويحتج برواية موسى بن بكر عن العبد الصالح.[2]

وشيء من الشهادتين لا يرجع إلى محصل، أما الأولى فلما مضى غير مرة: أن عبارة علي بن إبراهيم في مقدمة التفسير ليس النظر فيها إلى الشهادة بوثاقة من وقع في أسانيد التفسير، وإنما بصدد إعطاء قيمة علمية لتفسيره، وكذا الثانية، فإن شهادة صفوان بعدم اختلاف أصحابنا في كتاب موسى بن بكر، إنما يدل على موافقة مضمون كتابه للمذهب الحق، وهو أعم من وثاقته، مضافاً لعدم التلازم بين عدم اختلاف الأصحاب في مضمون كتاب موسى بن بكر، وبين وثاقته، لا سيما أن الشهادة بعدم الاختلاف بنحو القضية الخارجية، لا الحقيقية.

وأما بحسب الدلالة، فقد دلت على أن الميزان في القضاء هو حال الوجوب والتعلق، لا فوت الفرض، وهي وإن وردت بالنسبة للمسافر، إلا أن عموم التعليل، وهو قوله (ع): "يُصليها ركعتين، صلاة المسافر، لأن القوت دخل وهو مسافر، كان ينبغي له أن يُصلي عند ذلك" يقتضي التعميم لصورة ما لو كان حاضراً عند دخول الوقت، ثم سافر قبل أن يُصليها، بل يقتضي التعميم لصورة الوقت والأداء، وأن المعيار والميزان هو بزمان التعلق والتكليف، لا الأداء، ولذا تقدم أنها تصلح للمعارضة مع ما دل على أن الميزان بزمان الأداء لا التكليف.

نعم قد يُدعى أن نظر الرواية سؤالاً وجواباً إلى خصوص القضاء، ولا تعرض فيها للأداء، ونكتة ذلك لو صلى في الوقت في الحضر لصلاها رباعية، إذ لو اعتقد أنه يُصليها قصراً باعتبار زمان الوجوب، لم يكن لديه شك في وجوب القضاء قصراً، فلم يبقَ للسؤال عن القضاء، وإنما الذي حمله على السؤال، وكان موضع شك لديه هو توارد حالتين مختلفتين موضوعاً، وكذلك حكماً، داخل الوقت حيث إنه لو صلى أول الوقت لقصر، لمكان أنه مسافر، ولو صلَّى آخره لأتم، لمكان أنه حاضر، ولكن بخروج الوقت وفوت الفريضة شك في أن الميزان في القضاء، وهو أول الوقت؟ أو آخره؟ وقد أجابه (ع) بعد أن أقره على ما كان مغروساً لديه بأن الاعتبار بأول الوقت، وذلك خلال عدم الردع عما هو مغروس، وقد علل بأن الوقت دخل وهو مسافر، وكان ينبغي له أن يُصلي عند ذلك، أي أن دخول الوقت يستوجب استقرار وجوب الصلاة إن قصراً أو تماماً، ولا يسقط إلى أن يقضيه خارج الوقت.

وهذا بخلاف فهم جملة من الفقهاء، ومنهم صاحب الوسائل، الذي أورد هذه الرواية في باب أن الميزان والاعتبار هل هو بزمان الوجوب؟ أو الأداء؟ وكأن نظر الرواية سؤالاً وجواباً إلى الأداء لا القضاء. ولعل نكتة ذلك أنه فهم من الوقت أول القوت، الذي هو وقت الفضيلة، والذي أطلق عليه الوقت في كثير من الروايات، وأن من أخر الصلاة عنه، وعبَّر عنه بتضييع الوقت، حتى لو أتى بها أداءاً، وربما قيل بحرمته. وعليه: فتكون من روايات المسألة السابقة، وأن الاعتبار بحال أول الوقت وزمان التعلق لا الأداء، فتدخل في حلبة المعارضة مع روايات الطائفة الأولى، من تلك المسألة، وأن الاعتبار في القضاء بحال الفوت، الذي لا يتحقق إلا بلحاظ آخر الوقت، لا أوله، فإنه من باب تبدل الوظيفة بتبدل موضوعها، لا من باب فواتها، وفرق بين الأمرين. ومما يُعزِّز ذلك التعبير من الإمام (ع) بقوله: يُصليها دون يقضيها، الظاهر في أن المأتي به هو نفس الصلاة المأمور بها داخل الوقت.

وعلى كل حال لو حملت هذه الرواية على ظاهرها من إرادة القضاء من عبارة ذهاب الوقت، والتعبير بــ: يُصليها، وليس يقضيها للمشاكلة في الصورة، فتكون من روايات القضاء، ولا نظر فيها للأداء، وبالتالي تكون مخصصة لعموم ما دل على أن ما فات قصراً، أو ما فات تماماً، يُقضى كذلك. وعليه تُرفع اليد بهذه الرواية عن عموم ما دل على تبعية القضاء للفوت أداءاً، من حيث القصر والتمام.

وفي خاتمة المطاف اعترف بأن عموم التعليل لا يختص بصورة القضاء، بل ينسحب على الأداء، وإلا لم يكن معنى محصل له على تقدير اختصاصه بالقصاء، بل لا يصح ذلك، بل مفاد التعليل أن الميزان في الخروج عن الوظيفة داخل الوقت، وأداءاً، أو خارج الوقت وقضاءاً.

والحاصل: مقتضاه كون العبرة في الامتثال بزمان حدوث التكليف، وتعلقه المستلزم لكونه كذلك، سواء داخل الوقت أو خارجه، لا أنه كذلك خصوص خارج الوقت، دون داخله. وعليه: تدخل في حلبة المعارضة مع روايات الطائفة الدالة على أن الميزان بزمان الأداء الأولى التي سبقت في المسألة السابقة، وتسقط بالمعارضة.

 


[1] الكافي ج7، كتاب الميراث، باب2، باب ميراث الولد مع الزوج، ح3.
[2] الكافي ج6، كتاب الطلاق، باب الخل ع93، ح6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo