< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

44/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإشكالات /اتحاد المالك وتعدد العامل / المسألة 27/ أحكام المضاربة/ مضاربة/ فقه

أما بالنسبة للصورة الأولى من هذا الفرض: فإن صحة المضاربة إما على القاعدة، وأن المضاربة القائمة بالإثنين كالقائمة بالواحد مشمولة لعمومات الصحة، أو بمقتضى الروايات، لو كانت القاعدة الفساد فإن روايات باب المضاربة دلت على الصحة في مثل هذا الفرض بالإطلاق، مع إلغاء خصوصية الواحد.

وأما بالنسبة للصورة الثانية – فرض الاستقلالية – فإنه يوجد إشكالان:

الأول: أنه حتى في فرض التساوي بينهما في العمل، فضلاً عن التغاير في كمية العمل، فإن مآل هذه الصورة إلى اشتراكهما في الناتج من الربح الذي يحصلان عليه معاً، ولربما يحصل أحدهما بعمل أقل من عمل الآخر على ربح أزيد من ربح الثاني، وبالتالي سوف يتم توزيع النسبة من الربح بينهما بالمناصفة أو المفاضلة، فيكون فيه شبهة الشركة في الأبدان، والتي قد أجمع فقهنا على بطلانها، كما لو اتفق طبيبان على أن يعمل كل منهما بمهنة الطبابة، والناتج يكون بينهما بالمناصفة أو المفاضلة، ويكون مقامنا نظيره، بفارق أنه في باب الشركة في الأبدان تكون الأجرة مقطوعة بخلافه هنا.

وقد أجاب الماتن عن ذلك بأن: التنصيف بينهما لم يكن من قبلهما، حتى يشكل بأنه من الشركة في الأبدان، إذ لا يتفق العاملان مع بعضهما البعض، وإنما الاتفاق مع المالك الذي جعل سهم كل منهما بالمناصفة أو التفاضل، سواء تساوت في ذلك كمية العمل، أو كانت بنحو التفاضل.

وفيه: إن المحذور يبقى قائماً؛ لأن ما ذكره يشمل صورة ما لو كان لأحدهما من الحصة أكثر مما ربحه من المال الذي اتجر به، كما لو كان ربحه بمقدار 20 ديناراً وكانت النسبة من الربح التي جعلت له بلحاظ مجموع ربح المال 30 ديناراً، فإن هذا أجنبي عن المضاربة، فقد أخذ 30 ديناراً وهو مقدار زائد على نسبة الربح التي حصل عليها نتيجة مضاربته، وبالتالي لا يمكن تخريج المقدار المعطى له على ضوء المضاربة؛ لأنه استوعب كل الربح وزيادة، وبالتالي سوف تنشأ مشكلة أخرى وحاصلها: أنه سيكون تمام الربح له ولا شيء منه للمالك، مضافاً إلى أن قسماً من الحصة من الربح المعطاة له من ربحه، والقسم الآخر من ربح الثاني.

وهذا المقدار قد يُجاب عنه: بأنه من باب المضاربة، واشتراط حصة من الربح لشخص ثالث، لا سيما إذا كان له مساهمة في المضاربة والاسترباح.

إلاّ أن هنا مشكلة ثانية لا يمكن التغلب عليها وحاصلها:

هي مشكلة الغرر وهي مستفحلة، التي لا يتغلب عليها، لا بالأدلة الخاصة ولا العامة، إذ روايات المضاربة لا تفي بحل مشكلة الغررية التي هي من هذا القبيل، التي هي أشبه بالغررية في باب شركة الأبدان. لما في هذه الصورة من روح الغرر والمخاطرة إذ الغرر بمقدار أصل ظهور الربح مغفور، وأما الغرر بمقدار مجموع الربح فلا، إذ لا يُعلم المقدار الذي سوف يربحه العامل الآخر حتى تكون الحصة من الربح بينهما بالمناصفة أو التفاضل.

وقد تحصّل من مجموع ما تقدم أن هناك فروضاً ثلاثة: 1- أن يكون لكل واحد من العاملين كسر مشاع من ربح عمله بالخصوص، لكل واحد نصف ما يربح من عمله وهو صحيح بلا محذور.

2- أن يكون المقصود نصف الربح الحاصل من مجموع عملهما. وهذا تارة بنحو أن عملهما معاً يحقق التجارة والاسترباح، وأخرى بنحو أن كلاً من العملين بنحو مستقل عن الآخر يحقق الاسترباح، إلاّ أنهما يجمعان الأرباح، فيكون للمالك النصف ولهما النصف. والأول لا محذور فيه وإنما المحذور في الثاني لإشكالين أجبنا عن أولهما، واستفحل الثاني كما ظهر.

ثم إن الإشكالين يتأتيان فيما لو كان المالك متعدداً والعامل واحداً، فالإشكال الأول يرد مع جوابه.

وأما الإشكال الثاني: من عدم تحديد حصة المالك، فباعتبار أن المال واحد بعد الاشتراك، وبنفس تلك النسبة يكون مقدار من الربح لكل منهما، وتكون النسبة التي يبين فيها مقدار العامل متعينة في الربح؛ لأن المال بعد اشتراكه يكون ربحه ربح المال الواحد، ويكون الربح موزعاً على المالين بنحو النسبة، ولا يكون فيه إبهام ولا جهل فلا غرر، لنكتة أن الاقتراح بين المالين موجود مع انخفاض نسبة كل منهما بالنسبة لرأس المال، بخلافه هناك إلا على نحو الشركة في الأبدان، وفي ملك نتائج الأعمال وقد عرفت بطلانها للغرر.

والحاصل: أن أي نسبة تفرض وتكون متعينة بلحاظ مجموع المالين، سوف تكون متعينة بلحاظ ربح كل منهما.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo