< فهرست دروس

درس شوارق - استاد حشمت پور

91/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

أمّا بعد،([1] ) فهذا شرحٌ علی شوارق الإلهام للحکیم الإلهی المحقّق اللاهیجی (قدّس سرّه) فی تقریر مباحث الجواهر المجرّدة؛ و هذا تقریرٌ للدروس التی ألقاها الحکیم الإلهی سماحۀ الأستاذ الشیخ حشمت پور (دامت برکاته)، و المرجوّ من سماحته الکریم أن یغفر علیّ ما سهوت فیه و طغی فیه القلم، و نرجو من الوهّاب الفیّاض أن یتقبّله بأحسن قبولٍ و یجعله ذخراً لنا یوم القیامۀ، إنّه أرحم الراحمین.

الفصل الرّابع: فى الجواهر المجرّدة ([2] )

و فيه مسائل‌:

[المسئلة] الاولى فى تزييف ما قالوا فى اثبات العقل([3] )

على ما قال: «امّا العقل» اى قد سبق انّها عقل او نفس امّا العقل.([4] ) «فلم يثبت دليل على امتناعه».

و ما قيل: لو وجد لشارك البارى تعالى فى التجرّد و لزم تركّب البارى ممّا به الاشتراك و ما به الامتياز،([5] ) فغيرُ ملتفت اليه لظهور فساده، لانّ المشاركة فى العوارض لاسيّما السّلوب غير مستلزم للتّركيب. ([6] )

«و ادلّة وجوده مدخولة»:([7] ) استدلّوا على وجود العقل بوجوه قد زيّفها المصنف:

الاول: ([8] ) ان الصادر الاوّل لمّا وجب ان يكون واسطة فى ايجاد غيره وجب ان يكون مؤثراً مستقلّاً بالوجود و التاثير، فلايمكن ان يكون جسماً،([9] ) لتركّبه من امرين هما المادّة و الصورة، فلا يجوز صدوره اوّلا عن الواحد الحقيقى كما مرّ؛ و لا صورة او نفساً، لكون كلّ منهما مشروطاً فى التّاثير بالمادّة المتاخّرة عنه؛([10] ) و لا عرضاً، لكونه مشروطاً فى الوجود بالموضوع المتاخّر عنه على ذلك التقدير؛ و لا مادة، لانتفاء صلاحيّة التاثير عنها، لكونها قابلة محضة؛([11] ) فيجب ان يكون عقلاً، حيث لا مانع فيه، و هو المطلوب.

و هذا معنى قوله: «كقولهم([12] ) الواحد لايصدر عنه امران»([13] ) اشارة الى نفى كون المعلول الاول جسماً.

«و لا سَبقَ لمشروطٍ باللّاحق»([14] ) بما هو متاخّر عنه «فى تاثيره»([15] ) اشارة الى نفى كونه صورة او نفساً؛ «او وجودِهِ»([16] ) عطف على تاثيره اشارة الى نفى كونه عرضاً؛ «و لا لما انتفت صلاحيةُ التاثير عنه»([17] ) عطف على المشروط، اشارةٌ الى نفى كونه مادة.

ثم اشار الى تزييف هذا الوجه بقوله: «لانّ المؤثر مختار»([18] )- ([19] ) تعليل لكون هذا الوجه مدخولاً، يعنى امتناع صدور الكثير انما هو عن الواحد الّذى هو غير مختار بالاختيار الجزافى الزايد، كما فى الواجب تعالى عند الحكماء؛ و امّا عن المختار بالاختيار الزّايد كالواجب تعالى عند المتكلّمين فغير ممتنعٍ، لانه ليس واحداً حقيقيّاً بالمعنى المراد فى تلك المسئلة([20] ) كما مرّ هناك.

و هذا علی تقدير تسليم كون الجسم مركباً؛([21] ) و هو ممنوع عند المصنف كما مرّ.

الثّانى: ([22] ) ان الافلاك متحرّكة على الاستدارة و الدّوام:

امّا الاوّل فلما مرّ؛ و امّا الثّانى،([23] ) فلكونها فى الجملة حافظة للزّمان([24] ) الّذى لا نهاية لامتداده كما مرّ فى شبهة الزمان،([25] ) و سيأتى انّه مقدار غير قارٍّ، فيجب ان يكون محلّه هيئة غير قارة هى الحركة، و لا حركة يحتمل الدّوام سوى حركة الفلك، لكونه مصوناً عن الفساد كما مرّ، فهى محلّ للزّمان و حافظة له؛ و هذا و ان كان مختصّاً بواحد من الافلاك([26] ) و هو الفلك الاعظم لكن جميع الافلاك كذلك بالحدس.

 


[1] () کان الابتداء بکتابۀ هذه الحواشی التوضیحیّۀ علی شوارق الإلهام فی تاریخ 29/6/1391هـ الشمسیّۀ، مقارناً لأول السنۀ الدراسیّۀ؛ و نرجو من الوهّاب الفیّاض أن یوفّقنا لإتمام تعلّم الکتاب و کتابۀ الحواشی و أن یجعلنا مّمن ینتفع به انتفاعاً یکون ذریعۀ للإرتقاء الی السعادۀ الدنیویۀ و الأخرویۀ بحق سیّدنا محمّد و آله الطیبین الطاهرین المعصومین (علیهم صلوات الله اجمعین).
[2] () لیست الجواهر المجرّدۀ الا العقل و النفس، و أما الله تعالی فهو و إن کان مجرّداً الا أنّه لیس بجوهرٍ؛ و علیه فالسرّ فی الإتیان بصیغۀ الجمع إما لأنّ الجمع منطقیٌّ او باعتبار تعدّد أفرادهما. ثم لایخفی أنّ المقصود من العقل هنا إنّما هو العقل المنفصل دون العقل المتّصل بالنفس الإنسانیّۀ الذی هو من القوی الدرّاکۀ، فإنّه ممّا لا خلاف فی وجوده.
[3] () بیانه: هنا مسألتان: الأولی: هل العقل ممکن الوجود أو ممتنعٌ؟ الثانیۀ: اذا کان العقل ممکن الوجود فهل هو موجودٌ أم لا؟ و حاصل نظریّۀ المصنّف (قدس سره) أنّه ممکن الوجود و لکنّه مشکوک الوجود، اذ لم یقم دلیلٌ معتبرٌ علی وجود، فلابد أن نضعه فی بقعۀ الإمکان.
[4] () هذا التفسیر إشارۀ الی أنّ لفظ «أمّا» یؤتی للتفصیل، و لکن لایوجد فی کلام المصنّف (ره) مجملٌ حتی یأتی بتفصیله، و لذا قدّر الشارح (ره) هذه العبارۀ «قد سبق انّها عقل او نفس امّا العقل» کی یناسب الأتیان بهذا اللفظ.
[5] () و ذلک لأنّه إمّا أن لایوجد ما به الامتياز بینهما أو یوجد ذلک، فعلی الأول یلزم الشرک و علی الثانی یلزم ترکّب العقل و الباری معاً.
[6] () تقریر الجواب أنّ التجّرد أمرٌ عرضیٌّ خارج عن الذات، و الاشتراک فی الأمر العرضی لایوجب الترکیب؛ فالذی یستلزم الترکیب إنّما هو الاشتراک فی الأمر الذاتی. مضافاً الی أنّ التجرّد من الأمور السلبیّۀ، و الاشتراک فی السلوب لایستلزم الترکیب بالضرورۀ، کما لایخفی.إن قلت: لیس التجرّد الا مفهوماً حاکیاً عن الوجود المؤکّد، و المجرّد هو الوجود المؤکّد، و علیه فالتجرّد أمرٌ وجودیٌّ أولاً و ذاتیٌّ لیس بخارج عن الوجود ثانیاً؟!قلت: الفرق و الامتیاز بین الله تعالی و العقل محفوظٌ حینئذ، و ذلک لأنّ الوجود المؤکّد الإلهی یختلف عن الوجود المؤکّد العقلی إمّا باختلاف المراتب بناءاً علی نظریّۀ التشکیک فی الوجود و إمّا بتباینهما بناءاً علی نظریّۀ التباین فی الوجودات؛ و لمّا کان کلّ مرتبۀٍ وجودیّۀٍ مقوّمۀ لذلک الوجود فلایوجد ترکیبٌ فی المراتب الوجودیّۀ المترتّبۀ علی أساس التشکیک فی الوجود.إن قلت: الظاهر أنّ عدّ التجرّد من العوارض مبنیٌّ علی نظریّۀ أصالۀ الماهیّۀ، حیث یعدّ التجرّد الذی هو من الأوصاف المنتزعۀ من الوجود اعتباریّۀ خارجۀ عن حقیقۀ الموجود تبعاً لاعتباریّۀ الوجود نفسه؟!قلت: المقصود من العوارض هنا مطلق الأوصاف و إن کانت انتزاعیّۀ، فهی أعمّ من الأوصاف الماهویّۀ و المعقولات الثانیۀ، و من الواضح أنّ التجرّد وصفٌ انتزاعیٌّ سواء بنینا علی أصالۀ الوجود أو أصالۀ الماهیّۀ.أقول: توضیحه أنّ المقصود من التجرّد المشترک بین العقل و الواجب تعالی إمّا مفهومه أو محکیّه، أما مفهومه فهو من المعقولات الثانیۀ الفلسفیّۀ، و ذلک لأنّ هذا المفهوم مشترک بین جمیع المجرّدات فلایحکی عن المرتبۀ الوجودیّۀ حتی یعدّ من المفاهیم الماهویّۀ، فإن کان المقصود من التجرّد المشترک بینهما هذا المفهوم فهو من مطلق العوارض و الأوصاف، و من الواضح أنّ صدق المفاهیم الفلسفیّۀ المتعدّدۀ علی مصداقٍ واحدٍ لایستلزم تعدّد المصداق؛ و إن کان المقصود من التجرّد المشترک بینهما محکیّ هذا المفهوم و هو الوجود المؤکّد فالجواب أنّه بناءاً علی نظریّۀ تباین الوجود لاتوجد حقیقۀٌ مشترکۀٌ بین الوجودات و بالتالی لایوجد مفهومٌ یحکی عن حقیقۀٍ مشترکۀٍ بینها، و أمّا بناءاً علی نظریّۀ التشکیک فی حقیقۀ الوجود فالمراتب الوجودیّۀ یختلف بعضها عن البعض الآخر باختلاف المراتب، و لیست المرتبۀ أمراً غیر الوجود منضمّاً الی حقیقۀ الوجود حتی یلزم الترکیب فی المراتب الوجودیّۀ، بل المرتبۀ مقوّمۀ لنفس ذلک الوجود الواقع فی تلک المرتبۀ.و بهذا البیان یظهر أنّ التجرّد و إن کان مفهومه مشتملاً علی معنی سلبیٍّ و لکنّه یحکی معناً ثبوتیّاً، ألا و هو تأکّد الوجود، و من الواضح أنّ الکلام کلّه یدور مدار محکی هذا الوجود دون نفسه کما لایخفی لمن تأمّل.
[7] () الدَخَل هو الفساد و العیب؛ قال الراغب: «الدَّخَلُ: كنايةٌ عن الفساد و العداوة المستبطنة، كالدّغل، و عن الدّعوة في النّسب، يقال: دَخِلَ دَخَلًا.» (المفردات: 1/309).
[8] () تقریره: مقتضی قاعدۀ الواحد أنّ الکثیر لایصدر عن الواجب تعالی الذی هو واحد بسیطٌ من جمیع الوجود، فلایصدر عنه الا الواحد، و هذا ما یقتضیه العقل و النقل، فهو صادرٌ أولٌ و عقل أولٌ فی لسان الفلسفۀ و هو الملک فی لسان الروایات، و لکن وردت تعابیر مختلفۀ عن الصادر الأول فی جملۀ من الروایات، و لایخفی أنّ الملائکۀ منها موجودات جسمانیّۀٌ کالنفس الفلکیّۀ و الملائکۀ التی تقوم بحفظ الإنسان و بعض شؤونه کهضم الغذاء و غیره، فهناک عدّۀ ملائک تقوم بهضم الغذاء التی یأکله الإنسان، و هی سبعۀٌ عند صدر المتألهین (ره) فی المبدء و المعاد. و منها موجودات روحانیّۀٌ، و هی ما نعبّر عنها بالعقول دون القسم الأول، و هی محل البحث بینما القسم الأول لایحتاج وجودها الی الإثبات. ثم إنّ الصادر الأول له خصائص ثلاثۀ:الف) الوحدۀ، و هذا مقتضی قاعدۀ الواحد.ب) الاستقلال الوجودی، بمعنی أنّ وجوده فی نفسه لنفسه و لیس من قبیل الأعراض التی هی وجوداتٌ فی نفسه لغیره، و هذا هو ما نقصده من الاستقلال الوجودی هنا، و البرهان علی اشتراک هذه الخصیصۀ فی الصادر الأول أنّه لو کان الصادر الأول من قبیل الأعراض بأن یکون وجوده لغیره لیلزم أن یصدر ذلک الغیر (الموضوع) معه أو قبله، فیلزم خلف قاعدۀ الواحد.ج) الاستقلال فی التأثیر بمعنی أن یصحّ وقوعه واسطۀ فی التأثیر؛ توضیح ذلک أنّ الفرق بین الآلۀ و الواسطۀ یکمن فی أنّ الآلۀ ینحصر دورها فی إیصال فعل الفاعل الی المفعول، کالمنشار الذی یوصل أثر النجّار الی الخشب، فلیس له دورٌ آخر فی التأثیر؛ و هذا بخلاف الواسطۀ فی التأثیر، فإنّ لها دوراً فی التأثیر من دون الفاعل، فهو ینوب الفاعل فی تأثیره و مصدرٌ للتأثیر، و ذلک کتلمیذ النجّار فإنّه یؤثر فی الخشب مستقلاً و من دون ملاحظۀ النجّار. و علی ضوء هذا الفرق فالمدّعی أنّ الصادر الأول لیس من قبیل الآلۀ، فإنّها لیست مستقلۀ فی التأثیر بل من قبیل الواسطۀ التی لها استقلالٌ فی التأثیر. و بهذا التوضیح یظهر المقصود من الاستقلال فی التأثیر.اذا اتّضحت هذه الخصائص الثلاثۀ للصادر الأول فالمدّعی أنّ الصادر الأول لیس جسماً و لا صورۀ و لا نفساً و لا عرضاً و لا مادّۀ، فلایبقی الا أن یکون عقلاً:أما أنّه لیس جسماً، فلأنّ الجسم مرکّبٌ من المادّۀ و الصورۀ، و قد تقدّم فی الخصیصۀ الأولی أنّ الصادر الأول واحدٌ لیس بمرکّبٍ. هذا بناءاً علی أنّ الجسم مرکّبٌ من المادّۀ و الصورۀ أو من الأجزاء الصغار، فالحاصل أنّ ترکّب الجسم إمّا من المادّۀ و الصورۀ أو من الأجزاء الصغار یدلّ علی أنّ الصادر الأول لیس بجسمٍ؛ و أمّا بناءاً علی ما یذهب الیه شیخ الإشراق (ره) و کذا المحقّق الطوسی (ره) فی کتاب التجرید دون شرح الإشارات من أنّ الجسم صورۀ فقط فلما سیأتی من أنّ الصادر الأول لیس بصورۀٍ.و أمّا أنّه لیس صورۀ أو نفساً، فلأنّهما لیسا مستقلّین فی التأثیر، اذ الصورۀ لاتؤثّر الا مع المادّۀ و کذا النفس مع البدن؛ فلاتتوفّر فیهما الخصیصۀ الثالثۀ.و أمّا أنّه لیس عرضاً فلأنّه لیس مستقلاً فی الوجود، فلاتتوفّر فیه الخصیصۀ الثانیۀ.و أمّا أنّه لیس مادّۀ فلأنّ المادّۀ لاتؤثّر رأساً فضلاً عن استقلالها فی مقام التأثیر.فإذا ثبت أنّ الصادر الأول لیس جسماً و لا صورۀ و لا نفساً و لا عرضاً و لا مادّۀ، فلایبقی الا أن یکون عقلاً، و هو المطلوب.
[9] () لم یذکر الشارح (ره) الخصیصۀ الأولی، و ذلک لوضوحها؛ ثم إنّ قوله: «فلايمكن ان يكون جسماً» متفرّع علی الخصیصۀ الأولی التی لم یذکرها الشارح (ره).إن قلت: کما لاتتوفّر الخصیصۀ الأولی فی الجسم کذلک لاتتوفّر فیه الخصیصۀ الثالثۀ ایضاً، اذ لیس الجسم مستقلاً فی التأثیر؟قلت: قول الشارح فی مقام التعلیل: «لتركّبه من امرين...» یشهد علی أنّ المقصود هو النظر الی نفی الخصیصۀ الأولی فی الجسم، کما لایخفی.
[10] () اعلم أنّ الصورۀ شریکۀ العلّۀ للمادّۀ، و العلّۀ متقدمۀٌ علی المعلول؛ و المادّۀ علۀٌ قابلۀٌ للصورۀ، فلکلّ منهما تقدّمٌ علی الآخر من خلال حیثیۀٍ، فهما متلازمان فی الوجود؛ و علی هذا لیست المادّۀ متأخرۀ عن الصورۀ کما جاء فی تعبیر الشارح (ره)؛ و لکنّ الذی یحل المشکلۀ أنّ الوجه فی التعبیر بتأخّر المادّۀ هو أنّ المفروض فی العبارۀ کون الصادر الأول صورۀ، و علیه فالمادّۀ متأخرۀ عنها بناءاً علی هذا الافتراض، اذ الصادر الأول لیس الا واحداً، و یشهد علی ذلک قوله فی السطر الآتی: «علی ذلک التقدیر» ای علی تقدیر کون العرض صادراً أولاً، و هذا القید یأتی فی جانب الصورۀ و المادّۀ ایضاً.
[11] () القابل المحض لیس فاعلاً و الا یلزم أن لایکون محضاً فی القابلیّۀ، هذا خلفٌ.
[12] () ای کقول الحکماء فی إثبات وجود العقل.
[13] () ای لایصدر عنه مباشرۀ و بلا واسطۀٍ؛ ثم لایخفی أنّه اذا قلنا بکون الجسم مرکّباً من الأجزاء الصغار تکون أجزائه أکثر من أمرین، فهو مرکبٌ من أمرین بناءاً علی ترکّبه من المادّۀ و الصورۀ و من أمورٍ بناءاً علی ترکّبه من الأجزاء الصغار.
[14] () هذه الفقرۀ عطفٌ علی الفقرۀ السابقۀ و معناها أنّ الصادر الأول لیس من قبیل الموجودات التی یکون تأثیرها مشروطاً بما هو متأخرٌ عنها؛ و ذلک لأنّ الاشتراط فی مقام التأثیر یستلزم تقارن الشرط و المشروط اقتضاءاً للاشتراط بینما تأخّر المشروط یستلزم عدم التقارن اقتضاءاً لقاعدۀ الواحد، و من الواضح أنّ اجتماع التقارن و التأخّر یستلزم اجتماع النقیضین؛ ثم إنّ الموجودات التی یکون تأثیرها مشروطاً بما هو متأخرٌ عنها کالصورۀ و النفس، اذ الصورۀ لاتؤثّر الا مشروطۀ بالمادّۀ التی هی متأخرۀ عنها علی سبیل المفروض و کذا النفس لاتؤثر الا مشروطۀ بالبدن، اذ النفس مجردّۀ الذات مادیّۀ الفعل الا بالنسبۀ الی فعلٍ واحدٍ و هو التعقّل.و الحاصل أنّ قوله «و لا سَبقَ لمشروطٍ باللّاحق» معناه أنّ الموجود الذی یکون تأثیره مشروطاً بما هو لاحق و متأخر عنه لایکون سابقاً علی الموجودات الأخری حتی یکون صادراً أولاً.
[15] () أقول: قوله: «فی تأثیره» و قوله: «وجوده» متعلّقٌ بالمشروط، فالصورۀ مثلاً مشروطۀ فی مقام التأثیر بالمادّۀ المتأخرۀ عنها.
[16] () ای: و لا سَبقَ لمشروطٍ باللّاحق فی وجودِه، فالعرض مشروطٌ فی وجوده بالموضوع المتأخّر عنه.
[17] ()ای: و لا سَبقَ لما انتفت صلاحيةُ التاثير عنه، فالمادّۀ لا تأثیر لها فلیس صادراً أولاً، و ذلک لانتفاء الخصیصۀ الثالثۀ فیها.
[18] () توضیحه: هذا ردٌّ للدلیل السابق علی إثبات وجود العقل، و تقریره یتوقّف علی تقدیم مقدّمۀ، و هی کالتالی:یتّفق الحکیم و المتکلّم فی أنّ الواجب تعالی مختار، بمعنی أنّه تعالی یفعل ما یفعل بإرادته، و لکنّهما اختلفا فی تفسیر إرادته تعالی و بالتالی فی تفسیر اختیاره علی قولین:یذهب الحکیم الی أنّ إرادته تعالی عبارۀٌ عن العلم بالنظام الأحسن، و هذا العلم فعلیٌّ یکون منشئاً لوجود المعلوم کعلم المهندس بما یبنیه خلافاً للعلم الانفعالی الذی یتبع المعلوم؛ و حیث إنّ علمه تعالی عین ذاته فإرادته تعالی التی هی عین علمه تکون عین ذاته ایضاً، و بالتالی فذاته عین علمه و إرادته، فکما یصحّ أن یقال: «إرادته علۀ النظام الأحسن و خالقه» کذلک یصح أن یقال: «ذاته أو علمه علۀ النظام الأحسن و خالقه» و کذلک بالنسبۀ الی قدرته تعالی التی هی عین ذات تعالی. ثم إنّ إرادته تعالی عند الحکیم لیست إرادۀ جزافیّۀ، و ذلک لأنّ إرادته تعالی عند الحکیم لاتتعلّق بکل شیئٍ حیثما کان و إنّما تتعلّق بصدور الأشیاء علی ترتیب نظام الأسباب و المسبّبات و نظام العلّۀ و المعلول ترتیباً طولیّاً یقع کلّ معلول بعد علّته الخاصّۀ به، فلایصدر الشیئ الا بعد علّته و لا عن غیر علّته الخاصّۀ به، فیصدر کلّ شیئ حسب هذا النظام الطولی، فیصدر عالم العقل أولاً ثم عالم المثال ثم عالم المادّۀ، و کذا یصدر کلّ موجودٍ من موجودات عالم المادّۀ عن علّته الخاصّۀ به وجوداً و زماناً و مکاناً، فتلاحظ الشرائط الوجودیّۀ و الزمانیّۀ و المکانیّۀ؛ کما أنّ إرادته تعالی عند الحکیم لاتتعلّق بوجود الشیئ الا بمقدار قابلیّته و استعداده، فلاتتعلّق بإعطاء الوجود العقلانی (مرتبۀ وجود العقول) للوجود المادّی و هکذا؛ فالحاصل أنّ إرادته تعالی لیست جزافیّۀ و إنّما تلاحظ فی تعلّقها الشرائط و الاستعدادات؛ هذا کلّه حول إرادته تعالی عند الحکیم.و لکن یذهب المتکلّم الی أنّ إرادته تعالی لایصح تحدیدها بملاحظۀ الشرائط و الاستعدادات، و ذلک لأنّ ذلک یستلزم تحدید قدرته تعالی و إرادته الراجع الی تحدید ذاته تعالی، بل إرادته تعالی تتعلّق بلا ملاحظۀ هذه الأمور، فإرادته تعالی عند المتکلّم جزافیّۀٌ؛ و من جهۀٍ أخری تکون إرادته تعالی عند المتکلّم زائدۀ علی ذاته تعالی.اذا اتّضحت هذه المقدّمۀ فنقول:اتّضح أنّ إرادته تعالی عین ذاته عند الحکیم و زائدۀ علی ذاته عند المتکلّم کما تقدّم، فإن قلنا بمقالۀ الحکیم تکون ذاته تعالی واحدۀ لا ترکیب فیها، اذ المفروض عینیّۀ إرادته لذاته تعالی؛ و حینئذ تجری قاعدۀ الواحد بالنسبۀ الی ذاته تعالی، لتوفّر موضوعها؛ و أمّا إن قلنا بمقالۀ المتکلّم فذاته تعالی لیس واحداً حقیقیاً، و بالتالی لاتجری قاعدۀ الواحد بالنسبۀ الیه.والحاصل أنّ البرهان المتقدّم یتوقّف علی جریان قاعدۀ الواحد بالنسبۀ الی ذات الله تعالی، و هی لاتجری الا بناءاً علی مقالۀ الحکیم؛ و حیث إنّ المصنّف (ره) یذهب الی مقالۀ المتکلّم فی تفسیر إرادته تعالی فهی لاتجری بالنسبۀ الی ذات الله تعالی و بالتالی لایتمّ البرهان المتقدّم.تکملۀٌ:إن قلت: تعلّق إرادته تعالی بعد ملاحظۀ الشرائط و الاستعدادات ممّا لانتعقّله، و ذلک لأنّ نظام الأسباب و المسبّبات منتزع عن فعله تعالی، فلا معنی له الا بعد تعلّق إرادته تعالی بالأشیاء، اذ لا موجود قبل تعلّق إرادته تعالی، و أما بعد ما اذا تعلّقت إرادته تعالی بالأشیاء فینتزع عنها نظام الأسباب و المسبّبات من أنّ هذه علّۀ و ذاک معلولٌ؛ و هکذا الکلام بالنسبۀ الی ملاحظۀ الاستعدادات، اذ الاستعدادات مخلوقۀٌ لله تعالی فتتأخر عن مرتبۀ إرادته تعالی فلا معنی لملاحظتها عند تعلّق الإرادۀ الإلهیّۀ؟!قلت: أمّا بالنسبۀ الی نظام الأسباب و المسبّبات فالجواب أنّ إرادته تعالی تعلّقت بصدور الأشیاء علی نحو الترتیب الوجودی، فالأقوی وجوداً متقدّم و علّۀ لما هو أضعف وجوداً، فالله تعالی یخلق الأشیاء بهذا الترتیب، فتتعلّق إرادتع تعالی بها علی هذا النحو الوجودی؛ فالحاصل أنّ هذا الترتیب الوجودی متعلَّق الإرادۀ الإلهیّۀ، و لیس المقصود من ملاحظته هو ما نجده فی أنفسنا من معنی الملاحظۀ من التفکّر و التروّی.و أمّا بالنسبۀ الی الاستعدادات فالجواب أنّ الموجودات علی قسمین: قسمٌ منها ما لایوجد فیها استعداد و قوّۀ سابقۀ، و ذلک کالعقول و نفس الاستعداد، فإنّ العقول موجوداتٌ بالفعل من جمیع الجهات فلا استعداد لوجودها، و هکذا نفس استعدادات الأشیاء یخلقها الله تعالی فی عالمٍ متقدّمٍ علی وجود ذویها ثم یخلق الأشیاء مطابقاً لاستعدادتها، و لکن نفس هذه الاستعدادات لایسبقها استعدادٌ آخر، و الا لیلزم التسلسل المحال.ثم لایخفی أنّ تفسیر إرادته تعالی عند الحکیم لایوجب تحدید إرادته تعالی، و ذلک لأنّ الله تعالی هو الذی تعلّقت إرادته بالأشیاء علی النحو الخاص، فهذا التحدید ممّا تعلّقت به إرادته تعالی و لیس التحدید وارداً علیها من الخارج کما لایخفی.
[19] () إن قلت: قوله (ره) فی مقام الجواب: «لأنّ المؤثّر مختارٌ» یمکن تفسیره بوجهٍ آخر ایضاً، و هو أنّ الاختیار ینافی مقتضی قاعدۀ الواحد، و بالتالی فیرفض اختیار الواجب تعالی قاعدۀ الواحد؛ و لعل هذا التفسیر هو المقصود من عبارۀ العلامۀ الحلّی (ره) عند ما قال فی تفسیر الجواب: «إذا عرفت هذا الدليل فنقول بعد تسليم أصوله: إنه إنما يلزم لو كان المؤثر موجباً، أما إذا كان مختارا فلا، فإن المختار تتعدد آثاره و أفعاله؛ و سيأتي الدليل على أنه مختار.» (کشف المراد: 270 بتصحیح العلامۀ حسن زاده الآملی دام عزّه)؟!قال الاستاد (دام عزّه) فی مقام الإجابۀ: إنّ المحقّق الطوسی (ره) یقبل قاعدۀ الواحد، فلیس الجواب ناظراً الی ما ذکر، و إنّما هو ناظرٌ الی ما ذکره الشارح اللاهیجی (ره) من أنّ الواجب تعالی لیس واحداً بناءاً علی تفسیر المتکلّمین للإرادۀ.
[20] () ای قاعدۀ الواحد.
[21] () ای و هذا البرهان یتوقّف علی تسليم كون الجسم مركباً إمّا من الأجزاء الصغار أو من المادّۀ و الصورۀ.
[22] () توضیحه: هذا الدلیل یبتنی علی عدّۀ مقدّمات نذکرها أولاً ثم نقوم بشرحها تسهیلاً لتناولها، و هی کالتالی:الأولی) حرکۀ الأفلاک مستدیرۀٌ.الثانیۀ) حرکۀ الأفلاک دائمیّۀٌ.الثالثۀ) الحرکۀ المستدیرۀ للأفلاک إرادیّۀٌ.الرابعۀ) الحرکۀ المستدیرۀ الإرادیّۀ للأفلاک لها غایۀٌ عقلیّۀٌ.الخامسۀ) الحرکۀ الدائمیّۀ للأفلاک تستلزم طلباً دائمیّاً لمطلوبٍ معشوقٍ.السادسۀ) لیست غایۀ الحرکۀ الدائمیّۀ للأفلاک ذات المطلوب المعشوق و لا حالۀ من حالاته و إنّما هو التشبّه بذاته أو بحاله.السابعۀ) هذا التشبّه لیس مستقرّاً بل هو تشبّهٌ مستمرٌّ.الثامنۀ) المعشوق الذی ترید النفس الفلکیّۀ التشبّه به لیس واقعاً فی مرتبتها الوجودیّۀ و لا واقعاً دون مرتبتها الوجودیّۀ و إنّما هو فوق النفس الفلکیّۀ من حیث المرتبۀ الوجودیّۀ؛ و لیس فوق النفس الا العقل.و علی ضوء هذه المقدّمات یثبت وجود العقل کمعشوقٍ للنفس الفلکیّۀ؛ و هذه المقدّمات لابد من إثباتها فنتعرّض لها من خلال توضیح العبارات.
[23] () توضیحه: هذه هی المقدّمۀ الثانیۀ، و تقریرها أنّ الزمان قدیمٌ زمانیٌّ فهو دائمیٌّ، و ذلک لأنّ الزمان لو کان حادثاً زمانیّاً لیلزم أن یکون مسبوقاً بعدمٍ زمانیٍّ، فهناک زمانٌ قبله لایوجد فیه الزمان، فننقل الکلام الی الزمان الثانی فهو إمّا حادثٌ أو قدیم؟ فیلزم إمّا التسلسل أو قدم الزمان؛ فإذا ثبت قدم الزمان و دوامه فحیث إنّ الزمان مقدارٌ غیر قارٍّ، و المقدار عرضٌ یقتضی معروضاً یعرض علیه، و معروض الزمان هی الحرکۀ، فالزمان مقدار الحرکۀ؛ فإذا کان العارض قدیماً فالمعروض قدیمٌ ایضاً، و الا لیلزم وجود العارض مع فقدان المعروض و هذا خلف التلازم و العروض؛ فثبت قدم الحرکۀ و دوامها ایضاً؛ و هذه الحرکۀ القدیمۀ الدائمۀ لیست الا حرکۀ الفلک، و ذلک لأنّ الحرکات الأخری تقبل الفساد فتسکن و لاتدوم بینما حرکۀ الفلک لاتقبل الفساد؛ فتحصّل أنّ حرکۀ الفلک قدیمۀٌ دائمۀٌ، و هو المطلوب.
[24] () قوله «فلكونها فى الجملة حافظة للزّمان» إشارۀٌ الی أنّ الحرکۀ التی تحفظ الزمان إنّما هی حرکۀ الفلک الأطلس فقط دون حرکات الأفلاک الثمانیۀ الأخری؛ و توضیح ذلک أنّ الزمان مقدار الحرکۀ، فکلّ حرکۀٍ تحفظ الزمان الذی هو مقدارها، فلکل حرکۀٍ زمانٌ یخصّها، و لکن هناک زمانٌ عامٌّ مضبوط دائمیٌّ یقع معیاراً لتعیین جمیع الأزمنۀ کالدقائق و الساعات و الأیّام و الشهور و السنوات و القرون و غیرها، ألا و هو زمان حرکۀ الفلک الأطلس؛ و المقصود من کون الحرکۀ حافظۀ للزمان هو هذا الزمان المضبوط الدائم العامّ، و الحرکۀ التی تحفظه إنّما هی حرکۀ الفلک الأطلس؛ و أمّا حرکۀ الأفلاک الأخری فهی ممّا لایضعونها معاییر لتعیین الأزمنۀ. فقوله: «فی الجملۀ» إشارۀ الی أنّ خصوص حرکۀ الفلک الأطلس تحفظ الزمان دون حرکۀ الأفلاک الأخری.
[25] () قال الشارح (ره) فی تقریره: «الرابعة شبهة قدم الزّمان: و هى انّ الزّمان لو كان حادثا لكان عدمه قبل وجوده قبليّة لا تجامع القبل معها البعد و كلّ قبلته كذلك فهى زمانية فيلزم ان يكون قبل الزّمان زمان و هو زمان عدمه و هو محال‌.» (شوارق الإلهام: 3/407-408).
[26] () هذا توضیح لقوله «فی الجملۀ».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo