< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تنفيذ بالفعل/شروط النهی عن المنکر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

كان بحثنا حول أقوال الفقهاء في جواز تنفيذ فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو بفعل ينتهي الى جرح او قتل فاعل المنكر او تارك المعروف ومنهم السيد المرتضى في بعض كتبه، و الشيخ في تبيانه، و ابي الصلاح الحلبي، و محمد بن ادريس العجلي في السرائر، و الفاضل المقداد في جملة من كتبه، و ابو ذكريا يحيى بن سعيد الهذلي في الجامع للشرائع، و الشهيد في نكت النهاية وذكرنا ادلتهم على هذا القول و الرد عليها من المحقق الاردبيلي و هناك اجوبة من بعض الفقهاء الآخرين قريب بما ذكرناه لا نطيل الكلام بذكرها ومناقشتها فنطل على سائر الاقوال في المسألة:

من الأقوال القول بلزوم الاذن من الامام ومن ينوبه في مطلق استعمال اليد فيهما كما دل على ذلك مقالة الشيخ في النهاية حيث قال:«الأمر بالمعروف يكون باليد و اللسان، فأما اليد فهو أن يفعل المعروف و يتجنب المنكر على وجه يتأسى به الناس، و أما باللسان فهو أن يدعو الناس إلى المعروف، و يعدهم على فعله المدح و الثواب، و يزجرهم و يحذرهم عن الإخلال به من العقاب، فإن لم يتمكن من هذين النوعين... اقتصر على اعتقاد وجوب الأمر بالمعروف بالقلب، و ليس عليه أكثر من ذلك، و قد يكون الأمر بالمعروف باليد بأن يحمل الناس على ذلك: بالتأديب و الردع و قتل النفوس و ضرب من الجراحات، إلا أن هذا الضرب لا يجب فعله إلا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرئاسة العامة، فإن فقد الإذن من جهته اقتصر على الأنواع التي ذكرناها، و إنكار المنكر يكون بالأنواع الثلاثة التي ذكرناها، فأما اليد فهو أن يؤدب فاعله بضرب من التأديب، إما الجراح أو الألم أو الضرب، غير أن ذلك مشروط بالإذن من جهة السلطان حسبما قدمناه»

و يستدل لهذا القول اولاً: بما يدل على حرمة ايذاء الغير والتصرف في جسمه وسلب حريته و ثانياً: ببعض الروايات :

منها: بعض النصوص الذي تدل على جواز الاكتفاء بالكلام، الواردة في تفسير قوله تعالى:

1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ‌ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً"- جَلَسَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْكِي- وَ قَالَ أَنَا عَجَزْتُ عَنْ نَفْسِي- كُلِّفْتُ أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص- حَسْبُكَ أَنْ تَأْمُرَهُمْ بِمَا تَأْمُرُ بِهِ نَفْسَكَ- وَ تَنْهَاهُمْ عَمَّا تَنْهَى عَنْهُ نَفْسَكَ". سنده لا بأس به الا ان عبد الاعلى لم يرد له توثيق.

2- وَ عَنْهُمْ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً" قُلْتُ كَيْفَ أَقِيهِمْ- قَالَ تَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ- وَ تَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ- فَإِنْ أَطَاعُوكَ كُنْتَ قَدْ وَقَيْتَهُمْ- وَ إِنْ عَصَوْكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ. وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ كَذَا الَّذِي قَبْلَهُ. عثمان بن عيسى لم يرد له توثيق وانما ورد كونه واقفيا وقال النجاشي فيه عثمان بن عيسى ابا عمر العامري الكلابي ثم من ولد عبيد بن رواس فتارة يقال الكلابي وتارة العامري وتارة الرواسي والصحيح انه مولى بني رُوّاس وكان شيخ الواقفة ووجهها واحد الوكلاء المستمدين بمال موسى بن جعفر عليهما السلام وذكر الكشي توبته واعادة المال الى امام الرضا عليه السلام و عده من رجال الرضا عليه السلام ولكن لم يرى له توثيق. وسماعة ايضا كان واقفياً وقد وثقه النجاشي.

3- وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً" كَيْفَ نَقِي أَهْلَنَا؟ قَالَ تَأْمُرُونَهُمْ وَ تَنْهَوْنَهُمْ. في سنده حفص بن عثمان ولم يرد له توثيق.

و ردّ على هذا القول صاحب الجواهر بقوله: (لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه من النصوص و غيرها أن المراد بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحمل على ذلك بإيجاد المعروف و التجنب من المنكر لا مجرد القول، و إن كان يقتضيه ظاهر لفظ الأمر و النهي...) ثم في معالجة النصوص التي وردت في تفسير الآية قال: (النصوص و الفتاوى الدالة على أنهما يكونان بالقلب و اللسان و اليد صريح في إرادة حمل الناس عليهما بذلك كله، بل هو معنى ‌قوله عليه السلام: «ما جعل اللّٰه بسط اللسان و كف اليد و لكن جعلهما يبسطان معا و يكفان معا»‌

فيمكن إرادة ما يشمل الضرب و نحوه من أمر الأهل و نهيهم، كما أنه صرح في النصوص أيضا بالهجر و تغير الوجه و غيرهما مما يراد منه الطلب بواسطة هذه الأمور لا مجرد القول كما هو واضح بأدنى تأمل و نظر، بل منه يعلم أن المراد حينئذ من إطلاق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في الكتاب و السنة حمل تارك المعروف و فاعل المنكر على الفعل و الترك بالقلب على الوجه الذي ذكرناه، و باللسان و باليد كذلك، بل قد سمعت دعوى الإجماع من الأردبيلي على الأخير فضلا عن الأولين).

وكلام الجواهر في غاية المتانة فلابد مضافا الى ضعف اسناد ما ورد في ذيل الآية من حملها علي الامر والنهي المقدور فان "قوا" امر بالوقاية فيفيد الوجوب ولكنهم عند ما اظهروا عجزهم عن الوقاية اراد الامام ان يبين لهم ان الله لم يكلف عباده فوق طاقتهم.

 

قال المرتضي في الاقتصاد: (الظاهر من شيوخنا الإماميّة أن هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلا للأئمة عليهم السلام أو لمن يأذن له الإمام عليه السلام فيه و هو الأظهر)

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo