< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /أقل عدد تنعقد به الجماعة/ روايات

كان بحثنا في المسألة الثامنة حيث قال السيد اليزدي: (مسألة 8: أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام سواء كان المأموم رجلًا أو امرأة بل و صبيّاً مميّزاً على الأقوى و أمّا في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلّا بخمسة أحدهم الإمام[1] ).

وقلنا ان انعقاد صلاة الجماعة باثنين فما فوقها من المسلمات عند الفريقين وذكرنا روايات صريحة في هذه المعنى وتلك الروايات التي ذكرناها في اليوم الماضي حيث جاء فيها رجلان تلغى الخصوصية عن الرجل فان المراد من الرجل هو فرد من الانسان كما هذا الامر جاري في كثير من الروايات في الابواب المختلفة و كذلك جاري في المحاورات العرفية فتكفينا ما ذكرنا من الروايات لتعميم الحكم الى المرأة ايضاً مضافا الى ان مرسلة الصدوق في العيون التي ذكرناها في اليوم الماضي ورد فيها : (عَنِ الرِّضَا ع عَنْ آبَائِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ[2] ). فالاثنان يشمل الجنسين قطعاً و كذلك هناك روايات تنص على كفاية المرأة لإكمال عدد الإثنين في تحقق الجماعة:

منها: صحيحة الفضيل التي رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الْمَرْأَةُ تُصَلِّي خَلْفَ زَوْجِهَا الْفَرِيضَةَ وَ التَّطَوُّعَ- وَ تَأْتَمُّ بِهِ فِي الصَّلَاةِ"[3] ) سنده صحيح و قوله: "و تأتم به في الصلاة" يفيد المقصود وما قبلها محمول على ان المراد بيان محل وقوف المرأة في الصلاة لا في الجماعة بقرينة التطوع. كما بينه في الوسائل ايضاً.

منها صحيحة الاخرى للفضيل: (وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ بِأُمِّ عَلِيٍّ- قَالَ نَعَمْ تَكُونُ عَنْ يَمِينِكَ- يَكُونُ سُجُودُهَا بِحِذَاءِ قَدَمَيْكَ[4] ).

ومنها: ما رواه الشيخَ (بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ‌ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْمَرْأَةَ قَالَ نَعَمْ تَكُونُ خَلْفَهُ الْحَدِيثَ)[5] . والسند موثقة لو لم يكن فيها ارسال ابن بكير عن ابي عبد الله عليه السلام ، والدلالة تامة على المقصود.

ومنها: ما رواه الشيخ عن: (مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْمَرْأَةَ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ تَقُومُ وَرَاءَهُ"[6] ). وفي سنده لا اشكال الا في محمد بن سنان. والدلالة صريحة على المقصود.

ومنها: ما ورد في حديث الجهني آنف الذكر عن النبي صلوات الله عليه حيث قال: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَإِنَّ وُلْدِي يَتَفَرَّقُونَ فِي الْمَاشِيَةِ- فَأَبْقَى أَنَا وَ أَهْلِي فَأُؤَذِّنُ وَ أُقِيمُ وَ أُصَلِّي بِهِمْ- أَ فَجَمَاعَةٌ نَحْنُ فَقَالَ نَعَمْ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ تَذْهَبُ فِي مَصْلَحَتِهَا- فَأَبْقَى أَنَا وَحْدِي الحديث)[7] فقوله ان المرأة تذهب في مصلحتها و ابقى انا وحدي دال على ان المراد من اهلي زوجته.

و منها ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الطَّائِيِّ عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ كَمْ أَقَلُّ مَا تَكُونُ الْجَمَاعَةُ قَالَ رَجُلٌ وَ امْرَأَة"[8] (المصدرباب4 ح7) ابي مسعود الطائي و الحسن الصيقل لم يرد لهما توثيق. ولكن الدلالة صريحة على المقصود. فجواز الجماعة برجل و امرأة لا اشكال فيه.

ثم انه قد طرح صاحب الجواهر شبهة وجوابها فقال:

(ثم إن المراد بأقلية الاثنين في النص و الفتوى من حيث العدد بمعنى أن لا مرتبة من العدد أقل منه تنعقد بها الجماعة، فلا ينافيه حينئذ تفاوت أفراد هذا الأقل في الفضل كما يومي اليه خبر الصيقل المشتمل على أن أقل ما يكون به الجماعة رجل و امرأة، ضرورة إرادة بيان اتصاف المرأة بالنقص عن الرجل منه، و عدم الترغيب في جماعة النساء، لكن قد يشكل بما في البيان من أن المرأتين بهذا الاعتبار أقل من الرجل و المرأة، و إن كان قد يدفع بأنه لا دليل عليه سوى مجرد اعتبار لا يصلح معارضا لما سمعت، فلعلهما حينئذ متساويان في نظر الشرع[9] )

اقول ان كون الامرأة نصف الرجل ما معناه هل في قيمتها عند الله او اي شيء؟

الظاهر ان الذي نشأ منه فكر المناصفة هو بعض التفارقات التي نراها في الاحكام الحقوقية للرجل والمرأة كالإرث و الدية بينما هذه الاحكام لا يرتبط بفضيلة او رذيلة بل ان الله بحكمته كلف كل من الرجل والمرأة بشيء و رفع عنه شيء للانسجام بينهما في الاُسرة و لخصوصيات تكون في كل من الجنسين غالبا فجعل ارث الاولاد من والديهم والزوج من زوجه للذكر مثل حظ انثيين من جانب آخر كلف الرجل مؤنة الاسرة من الزوجة والاولاد ، و رفع عن المرأة كلفة المؤونة فجعل حقها في الارث نصف الرجل.

كما في الدية جعل دية الرجل والمرأة سيان حتى الثلث، فاذا بلغ الثلث جعل دية المرأة نصف الرجل، و لعلّ السرّ في ذلك يعود الى ان الدية جبر و تعويض عن امرين: احدهما جبر اصطدام روحي اثر فقد عزيزهم فوجئوا بقتله في مورد القتل و فقد سلامة خسره المجروح في الديات التي فوق الثلث، و ثانيهما: جبر فقد المعيل الذي كان يتحمل مؤونة اهله في الموت و فقد سلامة لفقده قدرة تحصيل المعاش في الاعاقة فوق الثلث فالنصف الذي لجبر اصطدام نفسي يساوي فيه الرجل والمرأة، والنصف الآخر الذي في مقابل فقد المعيل او قدرة تحصيل المعاش خاص بدية الرجل. فهذا لا يعني فضيلة لاحدهما على الآخر عند الله بل الفضيلة عند الله تعود الى درجة التقوى في كل منهما. ففي امر العبادات لا يمكن القول بنصفية المرأة امام الرجل. بل قيمة كل منهما حسب تقواه وتخلقه بأخلاق حسنة و ساير كمالاته النفسية . قال تعالى: "﴿يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم"﴾


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo