< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

41/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: 12تتمة الإسراء

كان بحثنا في الاسبوع الماضي حول قوله تعالى: ﴿وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً﴾[1]

قد وقفنا في الاسبوع الماضي عند مفردات الآية الكريمة، واليوم نود ان نقف مع الآية المباركة في مضمونها فعند ما نتعمق في الآية نرى انها علّق الانتفاع من القرآن على الايمان، والخسارة منه على الظلم، وتعليق الحكم بالعنوان يفيد العلية فكلما زدنا ايمانا كلما زدنا انتفاعا من شفاء القرآن ورحمته والعكس صحيح. والقرآن نور وعلم وحكمة فمن تعلمه وتنور به وتحكمه في حياته فهو المنتفع به فهو له شفاء ورحمة والظالمون هم يتخذون موقف اللجاج والعناد فيزدادون كفرا وجحودا او يتعلمون لدنياهم فينافقون. او يواجهون المؤمنين الذين تمسكوا بتعاليم القرآن ففندوا مؤامراتهم وفشلوا فيها فيخسرون اموالهم التي انفقوا في سبيل محاربة الحق.

والعلم كذلك انما ينتفع منه فريق خاص قال امير المؤمنين عليه السلام لكميل:

«إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً بَلَى أُصِيبُ ، لَقِناً غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهِ مُسْتَعْمِلًا آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا وَ مُسْتَظْهِراً بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ بِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ ، أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ ، أَلَا لَا ذَا وَ لَا ذَاكَ ، أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّةِ سَلِسَ الْقِيَادِ لِلشَّهْوَةِ ، أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَ الِادِّخَارِ لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْ‌ءٍ، أَقْرَبُ شَيْ‌ءٍ شَبَهاً بِهِمَا الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ ، اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً وَ إِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ وَ بَيِّنَاتُهُ وَ كَمْ ذَا وَ أَيْنَ أُولَئِكَ وَ اللَّهِ الْأَقَلُّونَ عَدَداً وَ الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ‌ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ وَ بَاشَرُوا رَوْحَ الْيَقِينِ وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ انْصَرِفْ يَا كُمَيْلُ إِذَا شِئْتَ‌»

فالمولى عليه السلام يذكر خمسة اصناف لطالب العلم من يريد العلم للعنوان والسلطة، ومن لا يتحمل العلم لعدم بصيرته و غباوته فينحرف عن الحق في مسار العلم والفرقة الثالثة هؤلاء الذين يستخدمون في اشباع شهواتهم و ملذاتهم الدنيوية. والفرقة الرابعة هم الذين عندهم ولع نهمة في جمع المال فيتوسل بعلمه للحصول على الثروة فكل هؤلاء لا يستحقون العلم وانما الفرقة الخامسة الذين علمهم مقرون بالبصيرة "و بَاشَرُوا رَوْحَ الْيَقِينِ وَ اسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى"

نعم المستفيدون من العلم هذه الفرقة الخامسة الذين: "يَحْفَظُ اللَّهُ بِهِمْ‌ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ"...."أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ"

نعم نحن نعيش عصر الحضارة والعلم ولكن تأملوا فيما يجري من الجرائم والمظالم و نهب الاموال و هدم البيوت والبنى التحتية في البلاد كلها مستمدة من العلماء اعم من علماء علم السياسة او علم الاجتماع او علم الادارة او علم الصناعة و التكنولوجيا.

فهناك مؤسسات ومعاهد علمية و جامعات في العالم تبحث عن حقيقة الامراض وطرق علاجها و صناعة الاجهزة المتطورة والأدوية لمعالجة المرضى. و يبذلون مليارات في سبيل انجاز مشاريعهم العلاجية والصحية.

وفي نفس الوقت هناك معاهد وجامعات و مختبرات كثيرة تبحث لصناعة اسلحة فتاكة من النارية والليزرية والجرثومية والكيمياوية والذرية لقتل الناس بالآلاف والملايين والتي توجب الاعاقة والامراض المزمنة حتى في الاجيال القادمة، و هناك مراكز علمية تسعى وتشتغل وتخطت لإثارة الفتنة واشعال نار الحرب و رفع الامان عن البلاد و يستفيدون من المختصين في السياسة وعلم الاجتماع وغيرهم وحتى يستخدم رجال الدين والاخلاق في اثارة الفتنة ونشر الفساد والظلم نعم يثيرون الحرب لتسويق سلاحهم و ادويتهم و كذلك لإذلال الشعوب لنشر هيمنتهم و نهب خيرات هذه الشعوب المظلومة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo