< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: سورة الاسراء/ التفسير/ الآيتين الخيرتين من السورة

 

﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‌ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً﴾[1] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً﴾[2]

ذكر مجمع البيان في سبب نزولها أقوال:

( (أحدها) أن النبي ص كان ساجدا ذات ليلة بمكة يدعو يا رحمن يا رحيم فقال المشركون هذا يزعم أن له إلها واحدا وهو يدعو مثنى عن ابن عباس.)[3]

(وثانيها) أن المشركين قالوا أما الرحيم فنعرفه وأما الرحمن فلا نعرفه عن ميمون بن مهران. (وثالثها) أن اليهود قالوا إن ذكر الرحمن في القرآن قليل وهو في التوراة كثير عن الضحاك.)[4]

واما قوله: ﴿أَيًّا ما تَدْعُوا﴾ فهو جملة شرطية و "ما" صلة للتأكيد فلم يقل أيّا تدعوا ولم يقل ما تدعوا فجمع بينهما للتأكيد وقد ورد في القرآن موارد أخرى استعمل هذا الأسلوب كقوله: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لنت لَهُمْ﴾[5]

وقوله: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ﴾[6] : المؤمنون: 40. و «أَيًّا» من اداة الشرط و أيا ما مفعول مقدم و "تَدْعُوا" هو الفعل، والفاعل وقوله: ﴿فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾[7] جزاء الشرط.

ثم في ذيل قوله تعالى: ﴿فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾: قسّم في المجمع صفات الله الى ثلاثة أقسام فقال: (إن أسماءه تنبئ عن صفات حسنة وأفعال حسنة:

فأما أسماؤه المنبئة عن صفات ذاته فهو القادر العالم الحي السميع البصير القديم. وأما أسماؤه المنبئة عن صفات أفعاله الحسنة فنحو الخالق والرازق والعدل والمحسن والمجمل والمنعم والرحمن والرحيم

وأما ما أنبأ عن المعاني الحسنة فنحو الصمد فإنه يرجع إلى أفعال عباده وهو أنهم يصمدونه في الحوائج ونحو المعبود والمشكور ويمكن ان نجد لكل من هذه الأقسام الثلاثة نماذج أخرى).[8]

كما قال: (بيّن سبحانه في هذه الآية أنه شي‌ء واحد وإن اختلفت أسماؤه وصفاته وفي الآية دلالة على أن الاسم عين المسمى وعلى أن تقديم أسمائه الحسنى قبل الدعاء والمسألة مندوب إليه مستحب وفيها أيضا دلالة على أنه‌ سبحانه لا يفعل القبائح مثل الظلم وغيره لأن أسماءه حينئذ لا تكون حسنة فإن الأسماء قد تكون مشتقة من الأفعال فلو فعل الظلم لاشتق منه اسم الظالم كما اشتق من العدل العادل‌)[9]

أقول انه رضوان الله عليه أشار الى حقائق جميلة الا ان مراده من كون الاسم عين المسمى ان المحكي عنه الاسم هو عين المسمى الذي هو موصوف بتلك الصفات، والا ليس اللفظ المكتوب ولا المنطوق ولا ما في الذهن من المعنى عين المسمى فان الوجود الكتبي واللفظي والذهني لله ليست هي الله بل هي كلها حاك عن الله جل وعلا.

روى الصدوق رضوان الله عليه بسنده في كتاب التوحيد: )عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت: الله مما هو مشتق؟ قال يا هشام: الله مشتق من إله وإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد أ فهمت يا هشام؟

قال: فقلت: زدني فقال: إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما- فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها- ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره- يا هشام الخبز اسم المأكول والماء اسم المشروب- والثوب اسم الملبوس والنار اسم المحرق([10]

فقد وضح الامام عليه السلام أنه ليس فقط التغاير بين الاسم والمسمى في الله بل في غيره ايضا لا يتحد الاسم مع المسمى والذي يمايز الخالق عن مخلوق انه تعالى صفاته عين ذاته بخلاف المخلوقات فصفاتها غير ذواتها و عارضة عليها، ولذا لم يكن متصفا بها ثم اتصف، و في المستقبل يفقدها، فعلمنا غيرنا عرض علينا قدرتنا غيرنا عرضت علينا وها كذا جميع صفاتنا اعم مما في جسمنا او في روحنا، في ظاهرنا او في باطننا، زائد عن وجودنا و عارض علينا، وهذه الحقيقة سارية في جميع المخلوقات ولكن الله تعالى صفاته عين ذاته فانه واحد احد لا جزء له ولا كيف له ولا مكان له ولا زمان له بل هو خالق كل شيء و كل شيء مفتقر اليه في ذاته و صفاته في حدوثه وبقائه وسوف نتابع البحث في الأسبوع القادم ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo