< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/05/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الين آمنوا /تفسير الآية 59 من سورة النساء

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [1]

قبل الورود في تفاصيل الآية نتقدم اليكم بأمور:

الامر الأول: قوله تعالى: ﴿أطيعوا الله﴾ لا يمكن ان يكون موجباً لطاعته لان هذا الأمر يجب ان يكون مسبوق بأمر اوجب طاعة هذا الأمر حتى يُلزم علينا ان نطيع هذا الأمر ولذا نقول ان هذا الأمر ارشاد وتنبيه الى حكم العقل، فالعقل يقول للإنسان: بما أنك مخلوق لله ومملوكه ومقهوره ومنعم عليه من قبله، فيجب ان تطيعه شكراً وأداء لحقه وحبّاً له وخوفاً منه وحاجتاً اليه فيجب عليك ان تطيعه. روي عن امير المؤمنين عليه السلام انشد هذا الشعر: تعصي الاله وانت تظهر حبّه - هذا لعمرك في الفعال بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته      ان المحب لمن أحب مطيع

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [2]

﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾[3]

الامر الثاني: ان طاعة الله ليس له موضوع مستقل عن طاعة أوامره ونواهيه في مفرداتها فأطيعوا الله منحل الى جميع أوامره ونواهيه أي صلوا وصوموا ولا تشربوا الخمر ولا تسرقوا وهكذا فليس ل ﴿أطيعوا الله﴾ موضوع الا تفصيلات أحكام الشريعة.

الامر الثالث: بما ان الله مالك لكل شيء فلا يجوز التصرف في شيء الا بإذنه فالأصل في كل شيء من الأفعال الاختيارية والتصرفات في عالم الكون حرمته، الا ما رخص الله فيه ولذلك لابد من قيام الدليل على أصالة البراءة واصالة الحل واصالة الاباحة، وأهم دليل على هذه الأمور هو الدليل العقلي: بان الله كريم رحيم غني لا يضره شيء ولا ينتفع بشيء فلا يناسب رحمته ان يخلق الانسان مكتوف الأيدي ويحرم عليه جميع الأمور الا ما على جوازه نص خاص به، فنعلم انه تعالى لا يريد منا الا ما فيه مصلحتنا ولا يمنعنا عن شيء الا ما فيه مفسدة ومضرة علينا. فالأصل حرية الانسان الا ما خرج بالدليل.

الامر الرابع: لا سلطنة لأحد على أحد الا بأمر الله وجعله فقوله اطيعوا الرسول هو احدى أوامره وفرع على طاعة الله. ولا يجوز لأحد ان يفرض شيئا على أحد الا بإذن الله فكل حاكم ليس من الله فهو طاغوت خرج عن حده.

الامر الرابع: ان الله كرر الاطاعة للرسول بعد الامر بطاعته ثم عطف أولى الامر على الرسول من دون تكرار اطيعوا. قيل في سر ذلك: ان اطاعة الله واجب بالذات واطاعة الرسول واجب بالعرض قال في الأمثل: (إنّ اللّه واجب الإطاعة بالذات والنّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم واجب الإطاعة بالعرض، ولعل تكرار «أطيعوا» في هذه الآية للإشارة إلى مثل هذا الفرق بين الطاعتين‌)[4]

أقول: لعل الأصح هو ان طاعة الله طاعته في الشريعة أي الاحكام الكلية التي وضعها للبشر وطاعة الرسول طاعته فيما يصدر منه من الامر والنهي والتقنين لإدارة الأمور يعني الأوامر الولائية والحكومية فللرسول شأنان: فهو كان مبلغاً عن الله بشريعته الى الامة ومبينا لهم تفاصيلها من هذه الناحية كما قال تعالى: ﴿مَا عَلَى الرّسُولِ اِلّا الْبَلاغُ﴾[5] في نفس الوقت هو امام الاُمّة والحاكم بينهم فيجب عليهم ان يسمعوا منه ويطيعوه وهذا هو ولاية الرسول على الاُمّة ويرثها اوصيائه عنه وينوب عنهم فيها علماء الاُمّة الذين هم أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. والنيابة كانت على نوعين النيابة الخاصة والنيابة العامة وكانت النيابة لجميع ائمتنا عليهم السلام فقد كانوا يختارون بعض الأشخاص ليكونوا وكيلاً عنهم ومضافا الى ذلك كانوا يسوقون الناس الى العلماء المتقين وقد أمروا المؤمنين من اصحابهم ان يختاروا العلماء الصالحين مرجعا لأمورهم أيضا بقولهم: (فانظروا الى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فاجعلوه بينكم حاكما فاني قد جعلته عليكم حاكما الخ). وغيرها من الروايات وهذا البحث يتطلب منا التوسع في الكلام وهو خارج عن حوصلة هذا البحث وبقي علينا الكلام حول اولي الامر فنكمل بحثنا في الجلسة القادمة ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo