< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/تفسير الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية 94 من سورة النساء

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى‌ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْداللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرا﴾[1]

شان النزول: ورد في مجمع البيان: (قيل نزلت في أسامة بن زيد وأصحابه بعثهم النبي في سرية فلقوا رجلا قد انحاز بغنم له إلى جبل وكان قد أسلم فقال لهم السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فبدر إليه أسامة فقتله واستاقوا غنمه عن السدي وروي عن ابن عباس وقتادة أنه لما نزلت الآية حلف أسامة أن لايقتل رجلاً قال لا إله إلا الله، وبهذا اعتذر إلى علي لما تخلّف عنه، وإن كان عذره غير مقبول لأنه قد دل الدليل على وجوب طاعة الإمام في محاربة من حاربه من البغاة لا سيما وقد سمع النبي يقول: "حربك يا علي حربي وسلمك سلمي"‌.

وقيل نزلت في محلم بن جثامة الليثي وكان بعثه النبي (ص) في سرية فلقيه عامر بن الأضبط الأشجعي فحياه بتحية الإسلام وكان بينهما إحنة فرماه بسهم فقتله، فلما جاء إلى النبي جلس بين يديه وسأله أن يستغفر له، فقال (ص): "لا غفر الله لك" فانصرف باكياً فما مضت عليه سبعة أيام حتى هلك فدفن فلفظته الأرض‌، فقال (ص) لما أخبر به أن الأرض تقبل من هو شر من محلم صاحبكم، و لكن الله أراد أن يعظّم من حرمتكم‌، ثم طرحوه بين صدفي جبل و ألقوا عليه الحجارة فنزلت الآية عن الواقدي ومحمد بن إسحاق بن يسار روياه عن ابن عمر وابن مسعود وابن حدرد،

وقيل كان صاحب السرية المقداد عن سعيد بن جبير وقيل أبو الدرداء عن ابن زيد).[2]

ينبغي قبل الدخول في تفصيلات تفسير الآية، نقف وقفة عند بعض مفرداتها:

الضرب: قد يأتي بمعنى السفر فيقال ضرب في الأرض أي سافر فيها وقوله تعالى" ﴿إذا ضربتم في سبيل الله﴾ أي إذا سافرتم للجهاد المقدس في سبيل الله.

قوله تعالى: ﴿فتبيّنوا﴾ ورد في المجمع قراءة أخرى في مكان هذه المفردة فقال: (قرأ أهل الكوفة غير عاصم فتثبّتوا هنا في الموضعين بالثاء والتاء وفي الحجرات وقرأ الباقون ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ بالتاء والنون في الجميع‌)[3]

والتبيّن والتثبّت قريب المعنى فالتبيّن بمعنى طلب الوضوح والتثبّت بمعنى طلب الإثبات فلعلّ من قال تثبتوا أراد ان يترجم مفردة التبيّن.

وعند قوله تعالى: ﴿القى اليكم السلام﴾ ورد في المجمع: قرأ أهل المدينة والشام وحمزة وخلف السَلَم بغير ألف وقرئ في بعض الروايات عن عاصم السِلْم بكسر السين وسكون اللام وقرأ الباقون «السَّلامَ» بالألف. [4]

وفي المراد والمعنى لقوله: ﴿القى اليكم السَّلامَ﴾ يحتمل امران:

أحدهما: أن يكون بمعنى التحيّة أي ولا تقولوا لمن حيّاكم بتحيّة المسلمين، إنّما قالها تعوّذا وخوفاً، لتقتلوه وتنهبوا أمواله، بل بمجرد ما حيّاكم بتحية الإسلام ارفعوا عنه السيف واجتنبوا عن قتله.

وثانيهما: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن طلب منكم السلام ومتاركة الحرب وترك قتالكم: لست مؤمنا أي لست في امان، فان السلام ضد الحرب.

ومن قرأ السَلَمٌ بفتح السين واللام أراد الانقياد والاستسلام لإمام المسلمين ومنه قوله ﴿«وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ»﴾ أي استسلموا لأمره وما أراد منكم.

ومن قرأ السِلْم بكسر السين وسكون اللام فمعناه الإسلام والسِلْمُ مصدر لأسْلَمَ أي صار سٍلْماً وخرج عن أن يكون حرباً بإسلامه.

ومن قرأ مؤمناً بفتح الميم فإنّه من الأمان ومعناه لا تقولوا لمن استسلم لكم لسنا نؤمّنكم. وروى في المجمع: (عن أبي جعفر القارئ، من بعض الطرق لست مؤمَنا بفتح الميم الثانية وحكى أبو القاسم البلخي أنه قراءة محمد بن علي الباقر عليهما السلام).[5]

وقد ذكرنا هذه القراءات لزيادة المعلومات ولكن المتّبَع هو القراءة المشهورة ولو ان سائر القراءات أيضا من ناحية المعنى متقاربة مع قراءة المشهورة.

ثم ان قوله: "تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا" فيه احتمالان:

الأول: ان تكون هذه الجملة تكملة لقولهم مخاطبا لمن اظهر الإسلام أي لست مسلما بل تظهر الإسلام طمعاً لعرَض الدنيا.

الثاني: ان تكون جملة مستأنفة يخاطب الله المؤمنين ان لا ينكرون ايمانه طمعا لأمواله التي هي عرض الحياة الدنيا ﴿فعند الله مغانم كثيرة﴾.

اما قوله: ﴿فعند الله﴾ ما المراد منها؟ يحتمل ان يكون خصوص الآخرة ويسليهم بان اغماضكم عن نهب أمواله ليس خسارة لكم لان ثواب الله اكثر مما فقدتم ويمكن ان يكون المراد ان للحصول على مثل هذه الأموال ليس بعيدا فيمكن ان يرزقكم الله أموالا كثيرة من خزائنه ويمكن الجمع وهو الواقع فلا داعي لرفع اليد عن الجمع فانتم تنالون في الدنيا أموالا اكثر ما رفعتم اليد عنها وفي الآخرة اجركم أوسع واعلى مما خسرتم في دنياكم. ونتابع البحث في الأسابيع القادمة ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo