< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/09/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية الاولى من سورة المائدة

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى‌ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ﴾[1]

قد فرغنا في الليلة الماضية عن البحث في قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ ونحن معكم في هذه الليلة في قوله تعالى: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ﴾

بما بینا فی لیلة الماضیة ان الاصح المراد من العقود التی امر الله المؤمنين بالوفاء بها جميع العهود التي تكون على عهدة الانسان منها احكام الله التي عهد من الله على عباده ان يطيعوه فيها فبدء الله ببيان حكم اللحوم فقال: ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ﴾ الإحلال هو الإباحة و اما البهيمة فقد ورد في معناه اختلاف كبير:

قال في المجمع: (اختلف في تأويله على أقوال:

(أحدها) أن المراد به الأنعام وإنما ذكر البهيمة للتأكيد كما يقال نفس الإنسان فمعناه أحلت لكم الأنعام الإبل والبقر والغنم عن الحسن وقتادة والسدي والربيع والضحاك

(وثانيها) أن المراد بذلك‌ أجنة الأنعام التي توجد في بطون أمهاتها إذا شعرت وقد ذكيت الأمهات وهي ميتة فذكاتها ذكاة أمهاتها عن ابن عباس وابن عمر وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع)

(وثالثها) أن بهيمة الأنعام وحشيها كالظباء وبقر الوحش وحمر الوحش عن الكلبي والفراء والأولى حمل الآية على الجميع)[2]

ومردة «الأنعام» صيغة جمع من «نعم» وتعني الإيل والبقر والغنم «كما ورد في مفردات الراغب».

و في الأمثل تحليل علمي للمراد من بهيمة الانعام نذكره هنا، قال: (أمّا كلمة «بهيمة» فهي مشتقة من المصدر «بهمة» على وزن «تهمة» وتعني في الأصل الحجر الصلب، ويقال لكل ما يعسر دركه «مبهما» وجميع الحيوانات التي لا تمتلك القدرة على النطق تسمى «بهيمة» لأنّ أصواتها تكون مبهمة للبشر، وقد جرت العادة على إطلاق كلمة «بهيمة» على المواشي من الحيوانات فقط، فأصبحت لا تشمل الحيوانات الوحشية والطيور. ومن جانب آخر فإن جنين المواشي يطلق عليه اسم «بهيمة» لأنّه يكون مبهما نوعا ما. وعلى الإساس المذكور فإنّ حكم حلية بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ يشمل إمّا جميع المواشي ما عدا التي استثنتها الآية فيما بعد، أو تكون الجملة بمعنى أجنة الحيوانات من ذوات اللحم الحلال (تلك الأجنة التي اكتمل نموها وهي في بطن أمّها، وكسى جلدها بالشعر أو الصوف) [3]

في حكم اللحوم اختلاف كبير وانما نشير الى مذهب المالكية في اللحوم:

ورد في كتاب الفقه وادلته (المحرم: ويحرم تناول النجس من جامد أو مائع، والخنزير البري، والبغل والفرس والحمار، ولو كان حمارا وحشياً تأنس. والأرجح تحريم أكل الطين والتراب والعظام والخبز المحروق بالنار، منعاً لأذى البدن.

المكروه: ويكره سبع وضبع وثعلب وذئب، وهر ولو كان وحشياً، وفيل وفهد ودب ونمر ونمسوتسمى كل تلك الحيوانات ما عدا الهر الوحوش المفترسة.)، وكلب إنسي على المعتمد. والأظهر كراهة أكل القرد والنسناس، والمشهور أن فأر البيوت الذي يصل إلى النجاسة يكره، فإن شك في وصوله لها، لم يكره، وإن لم يصل للنجاسة فهو مباح.

لحم الجلالة: الجلالة كما عرفها الحنفية: هي التي تعتاد أكل الجيف والنجاسات فقط، ولا تخلط معها طعاماً غيره ويكون لها ريح منتنة. وهي عند غير الحنفية: هي التى أكثر طعامها النجاسة، وقد اختلف الفقهاء في حكم أكل لحمها.

المباح: يباح حال الاختيار أكلاً أوشرباً كل طعام طاهر، والحيوان البحري، ولو آدميه وخنزيره، وإن كان البحري ميتاً، والطير بجميع أنواعه

فأباح المالكية أكل لحم الجلالة. وكرهها مالك، وأحمد في رواية عنه والحنفية والشافعية، وحرمها الحنابلة . وسبب اختلافهم معارضة القياس للأثر: أما الأثر فهو ما روى ابن عمر: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها» عمرو: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها، ولا يحمل عليها إلا الأدمُ (الجلود المدبوغة)، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة».

وأما القياس المعارض لهذا: فهو أن ما يرد جوف الحيوان ينقلب إلى لحم، فالمالكية القائلون بالحل نظروا إلى الانقلاب أو التحول إلى لحم، كانقلاب الدم لحماً). (الفقه وادلته للشيخ وهبة زحيلي)

وسائر المذاهب لا يعترفون بما عند المالكية بتمامها ولكن يقبلون البعض ولا نطيل الكلام بذكر تفاصيل الاحكام عند المذاهب المختلفة فعلى الراغبين مراجعة المصادر المناسبة

ثم استثنى من موارد الجواز موردين فقال: ﴿إِلاَّ ما يُتْلى‌ عَلَيْكُمْ﴾ وسوف يأتي بعضها كما قال: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ﴾ في هذه الآية المباركة أشار الى حرمة الصيد على محرم فان الصيد يزكى بالصيد بواسطة مسلم سمى اسم الله عند الرمي ولكن المحرم لا يجوز له الصيد ولا يحل اكل ما صاده وهذا الحكم كرامة و حرمة للحرم والاحرام وفي مختتم الآية قال: ﴿ان الله يحكم ما يريد﴾ لعل الله أراد ان ينبهنا بان وضع الاحكام بيد الله وليس لاحد ان يناقشه فيستفاد من هذه الجملة لزوم التعبد بحكم الله ومن ناحية أخرى نعرف ان جميع احكام الله فيها حكمة تعود الينا نفعه سواء علمنا حكمته او لم نعلم فامتثالنا لأوامر الله ونواهيه ليس تقليد اعمى بل العقل يحكم بوجوب طاعة المولى لانه تعالى مالكنا ومالك كل شيء، مضافا الى اننا نعرف بالإجمال نحن منتفعون بأحكامه وهو لا ينتفع بطاعتنا له ولا يتضرر بعصياننا عن احكامه ولتقريب الذهن نقول عندما نراجع الى طبيب حاذق فيصف لنا وصفة ونثق بعلمه و شطارته فأخذنا لدوائه ليس تقليدا اعمى عنه بل تقليد عن بصيرة وعلم. ومثله أخذنا لأحكام الله بل حتى أخذنا لفتاوي مراجعنا العظام اللذين يستنبطون الاحكام من خلال القران والسنة و العقل


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo