< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

الطائفة الثالثة:- ما دل على صحة الفضولية في النكاح إذا تحققت الاجازة ، وهي عدة روايات ، ونحن نشير إلى روايتين ، وبضم الأولوية يثبت المطلوب ، يعني إذا صح عقد الفضولي في باب النكاح بالاجازة فبالأوى يصح في غيره كالبيع والاجارة وما شاكل ذلك لأن لك يرتبط بالفروج ومنه يكون الولد فإذا صح فيه صح في غيره بالأولوية.

وهذا الدليل يغاير ما سوف يأتي من التمسك بروايات ( إنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجاز جاز ) ، إنَّ هذا اللسان يرجع إلى التمسك بعموم التعليل فنستفيد من التعليل أنه كلما كان العصيان لغير الله فالعقد يقع صحيحاً وهذا ليس أولوية وإنما هو تمسك بعموم التعليل ، أما الآن في هذه الطائفة من الروايات نريد أن نتمسك بالأولوية فنقول إذا كان النكاح المهم الذي هو فرج ومنه الولد إذا صح عقد الفضولي فيه بالاجازة فبالأولى يصح في غيره.

الرواية الأولى:- ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى[1] عن أحمد بن محمد[2] عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري قال:- ( كتب بعض بني عمي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام:- ما تقول في صبية زوجها عمها فلما كبرت أبت التزويج فكتب لي: لا تكره على ذلك والأمر أمرها )[3] .

وتقريب الدلالة واضح حيث يقال:- إنه عليه السلام قال ( والأمر أمرها ) يعني ( فإذا اجازت جاز العقد ) ، فهي تدل على حصة عقد الفضولي بشكل واضح.

ويوجد شيئان:-

الأول:- من الذي كتب إلى الامام عليه السلام فهل هو محمد بن الحسن الأشعري أو ( بعض بني عمي ) ؟ إنه بعض بني عمه ، ثم قال ( فكتب لي ) والمفروض أن تكون العبارة ( فكتب لهم ) وهذه العبارة ملفتة للنظر ، ولا نريد أن نقول هذه العبارة خطأ ولكن مقصودي أنها تحتاج إلى توجيه ، ولكن إذا رجعنا إلى المصدر وجدنا العبارة هكذا ( فكتب بخطه )[4] [5] [6] وليس ( فكتب لي ).

الثاني:- إنَّ سند الرواية لا مشكلة فيه إلا محمد بن الحسن الأشعري وهو الملقب بـ( شمبولة ) أو ( سمبولة ) هو لم يذكر بمدح ولا بتوثيق ، نعم ذكر الوحيد البهبهاني أن سعد بن سعد القمّي قد جعله وصيّاً فإذا جعله وصياً فلابد أن يكون ثقة ، فإذاً هو محل تأمل لأنه لا يوجد توثيق رجالي في حقه ،، وإذا أردنا أن نثبت وثاقته فلابد أن تشبث بمثل ما أشرنا إليه أو بمثل هذه الأمور.

[الرواية الثانية:- وهي: وعن أبي علي الأشعري[7] عن محمد بن عبد الجبار عن اسماعيل بن سهل عن الحسن بن محمد الحضرمي عن الكاهلي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام:- ( أنه سأله عن رجل زوجته أمه وهو غائب ، قال: النكاح جائز إن شاء المتزوج قبل وإن شاء ترك ، فإن ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه )[8] ، وموضع الشاهد هو قوله ( زوجته أمه ) فهذا فضولي والامام عليه السلام قال ( إن شاء المتزوج قبل وإن شاء ترك ) ، فإذاً دلالتها واضحة على أنَّ نكاح الفضولي يمكن أن يقع صحيحاً بالاجازة.

ولكن تبقى المشكلة في السند ، فإن أبو علي الأشعري ومحمد بن عبد الجبار والحسن بن محمد الحضرمي ثقات ، وعبد الله بن يحيى الكاهلي يمكن توثيقه ، ولكن المشكلة في إسماعيل بن سهل فإنه لم يذكر بتوثيق ، بل قال عنه النجاشي ( ضعّفه أصحابنا )[9] ، ونحن يكفينا عدم التوثيق.

فإذاً الرواية قابلة للمناقشة من حيث السند.ولكن المهم أننا نريد أن نعرف هل أنَّ طريقة الاستدلال هذه تامة أو ليست بتامة ، فلنفترض أنَّ الرواية صحيحة السند ولو باعتبار أنا فحصنا وحصلنا على روايات أخرى صحيحة السند ، وإذا لم تكن صحيحة السند فنفس الكثرة قد توجب الاطمئنان فيحصل الوثوق بصدور هذا المضمون ، ولكن الآن نغض النظر من هذه الناحية فالرواية دلت على صحة نكاح الفضولي بالاجازة.

والنقطة المهمة أو الركيزة المهمة التي يعتمد عليها الاستدلال بهذه الروايات هي الأولوية ، يعني نقول: إذا ثبت صحة عقد الفضولي في باب النكاح ثبت بالأولوية صحته في باب البيع وسائر العقود. ][10]

وقد تمسك بهذه الأولوية بعض الأعلام كالشهيد الأول في غاية المراد[11] ، وهكذا صاحب الرياض حيث قال:- ( ولعمري أنها من أقوى الأدلة هنا )[12] .

وذكر الشيخ الأعظم(قده)[13] ما مضمونه:- إنَّ هذا استدلال جديد لولا أنه توجد رواية للعلاء بن سيابة يفهم منها أن الأولوية هي العكس ، يعني إذا صح العقد الفضولي بالاجازة في باب البيع فبالأولى يصح في النكاح وليس كما فهم العلمان ومضمون الرواية هو أن امرأة وكلت شخصاً في أن يزوجها من فلان فذهب إلى تزويجه بعد ذلك هذه المرأة تبدل رأيها وعزلته عن الوكالة وذلك الوكيل قبل أن يصله خبر العزل زوجها من ذلك الرجل فيسأل علاء بن سيابة الامام الصادق عليه السلام عن حكم هذه القضية فالإمام عليه السلام قال له ما رأي جماعتك في هذه القضية ؟ فقال إنهم يفصّلون بين البيع ونحوه من المعاملات وبين النكاح فإذا كانت الوكالة في البيع وأجرى الكيل العقد قبل أن يصله خبر العزل يحكمون بالصحة أما في باب النكاح يحكمون بالفساد إذا أجرى العقد قبل أن يصله العزل فالنكاح يكون فاسداً ويعللون بأنه في باب البيع المال له عوض فأمره سهل فإذا عزلته ولم يصله الخبر فحينئذٍ يكون البيع صحيحاً ، وذه بخلاف النكاح فإنه فرجٌ ومنه الولد فيحكمون بالفساد ، والامام عليه السلام قال ما أجور وأفسد هذا الحكم إنَّ النكاح أحرى وأحرى أن يحكم فيه بالصحة ، يعني أن الامام عليه السلام يريد اني قول مادام هو فرج ومنه الولد هذه النكتة تجعل أولوية عكسية لا كما فهمها الجماعة ، فإذاً هذه الرواية يفهم منها أنَّ صحة عقد الفضولي في باب البيع بالاجازة لا يلازم الصحة في باب النكاح كما ذهب إليه سيد الرياض والشهيد الأوّل فإنَّ هذه الرواية تدل على أنَّ هذه الأولوية باطلة بل الأولوية بالعكس.

وقد يقول قائل:- نحن في مسألة الفضولي وهذه الرواية ناظرة إلى مسألة الوكيل والوكالة فهي أجنبية عن المقام ؟

والجواب:- نحن نريد أن سنتفيد منها أنَّ الأولوية عكسية وليس كما فهمها العلماء ، فنحن نريد أن نستفيد هذا المقدار فقط ولا بأس باستفادته منها.

ونصّ رواية العلاء:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة وكّلت رجلاً بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك فهب الوكيل فزوّجها ثم إنها أنكرت ذلك الوكيل وزعمت أنها عزلته عن الوكالة فأقامت شاهدين أنها عزلته ، فقال:- ما يقول من قبلكم في ذلك ؟ قلت: يقولون ينظر في ذلك فإن كانت عزلته قبل أن يزوِّج فالوكالة باطلة والتزويج باطل ، وإن عزلته وقد زوّجها فالتزويج ثابت على ما زوّج الوكيل ...... ، قال: يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل ؟ قلت: نعم يزعمون أنها لو وكلّت رجلاً واشهد في الملأ وقال في الملأ اشهدوا أني عزلته أبطلت وكالته بلا أن يعلم بالعزل وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة وفي غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل ويقولون المال منه عوضٌ لصاحبه والفرج ليس منه عوض إذا وقع منه ولد ، فقال: سبحان الله ما أجور هذا الحكم وأفسده إنَّ النكاح احرى وأحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد إنَّ علياً عليه السلام أتته امرأة تستدعيه على أخيها فقالت: يا أمير المؤمنين إني وكلت اخي هذا بان يزوجني رجلاً وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب وزوجني ولي بيّنة اني قد عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البيّنة ، فقال الأخ: يا أمير المؤمنين إنها وكلتني ولم تُعلِمْني أنها عزلتني عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني ، فقال لها: ما تقولين ؟ قالت: قد أعلمته يا أمير المؤمنين ، فقال لها: ألك بيّنة بذلك ؟ فقالت: هؤلاء شهودي يشهدون ، قال لهم: ما تقوقون ؟ فقالوا: نشهد أنها قالت اشهدوا أني قد عزلت أخي فلاناً عن الوكالة بتزويجي فلاناً وأني مالكة لأمري قبل أن يزوجني ، فقال: أشهدتكم على ذلك بعلمٍ منه ومحضر ؟ فقالوا: لا ، فقال: تشهدون أنها أعلمته بالعزل كما أعلمته الكالة؟ قالوا: لا ، قال: أرى الوكالة ثابتة والنكاح ثابتاً ).

إذاً يستفاد من هذه الرواية أنَّ الأولوية بالعكس

[1] وهو الأشعري القمي شيخ الشيخ الكيني.
[2] وهو أحمد بن محمد بن عيسى أو بن خالد البرقي كلاهما ثقة.
[5] تهذيب الأحكام، الطوسي، ج7، ص386.
[7] وهو أحمد بن إدريس الأشعري شيخ الكليني.
[10] هذا ما استدركه سماحة الشيخ الاستاذ في المحاضرة التالية / المقرر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo