< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

وهناك سؤال يرتبط برواية العلاء بن سيابة:- وهو أنَّ الامام عليه السلام جعل النكاح أحرى وأحرى بالاحتياط ، يعني الحكم بصحته رغم عزل الوكيل وقبل أن يصل إليه خبر العزل ، فقبل أن يصل إلى الوكيل خبر عزله زوّجها والامام عليه السلام قال إنَّ الحكم بصحة الزواج أحرى وأحرى أن يحتاط له ، يعني الحكم بصحته في حالة العزل والمفروض أنه لم يصله خبر العزل هو أحرى بالاحتياط ، يعني الحكم بالصحة هو الأولى من الحكم بالصحة في البيع إذا عزلته عن الوكالة في البيع.

والآن نسأل ونقول:- لماذا كان الحكم بصحة النكاح رغم العزل أحرى وأولى بالاحتياط ؟

حاول الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب أن يبيّن وجه هذه الأحوطية وحاصل ما ذكره:- إنه عليه السلام يريد أن يقول للمخالف إنَّ المحذور الذي يترتب لو حكمنا بصحة النكاح الذي فرض فيه عزل الوكيل يدور أمره بين احتمالين ، فإما أن يكون صحيحاً واقعاً أو يكون فاسداً واقعاً ، فإذا حكمنا بفساده والمفروض أنه يحتمل أن يكون صحيحاً واقعاً فسوف تكون هذه المرأة ذات بعل ، فإذا حكمنا لها بفساد هذا العقد فلها أن تتزوج ، وحينئذٍ يصير المورد من الزواج بذات البعل ، فالمحذور الذي يترتب هو الزواج بذات البعل ، وأما إذا حكمنا بصحة زواجها الذي فرض فيه أن الوكيل قد عزل عن الوكالة وفي الواقع هو فاسد فأقصى ما يلزم أنها خليّة من الزوج ، وبالتالي ذاك الرجل الآخر سوف يتزوج من الخليّة من البعل ، وهذا محذوره أقل من الزواج بذات البعل ، والامام عليه السلام حينما قال النكاح أحرى وأحرى بالاحتياط مقصوده أنَّ الحكم بالصحة هو أقل محذوراً من الحكم بالفساد ، فالذي هو أكثر احتياطاً وأقل محذوراً هو الحكم بصحة النكاح لا الحكم بفساده وفي الواقع هو فاسد ، فغاية ما يلزم هو وطئ الخليّة من البعل وهذا محذوره أقل مما لو حكم بالفساد ، فإنه لو حكم بالفساد وفي الواقع كان العقد صحيحاً فهي ذات بعلٍ وسوف تذهب وتتزوج بإنسانٍ آخر فيلزم محذور وطئ ذات البعل ، فعلى هذا الأساس الذي هو أقل محذوراً والأكثر احتياطاً هو الحكم بالصحة والأقل احتياطاً هو الحكم بالفساد ، هكذا فسّر الشيخ الأعظم(قده) هذه العبارة ووجّه المقصود بهذا البيان[1] .

وبالتالي أنَّ الشيخ الأعظم(قده) يرى أنَّ التمسك بروايات صحة نكاح الفضولي بالاجازة ممكن والاستدلال بها تام لولا راية العلاء بن سيابة ، وبذلك يوافق صاحب الرياض والشهيد الأول ، ولكن لأجل رواية العلاء بن سيابة رفع اليد عن الأولوية وبالتالي لا يكون الاستدلال بهذه الروايات على صحة بيع الفضولي تاماً ، لأنَّ رواية العلاء بن سيابة أبطلت الأولوية وحوّلتها إلى العكس.وفي التعليق نقول:-

أولاً:- إنه حتى لو لم تكن رواية العلاء بن سيابة موجودة لا يتم الاستدلال أيضاً ، وذلك لإمكان أن نفسّر عبارة ( النكاح أحرى وأحرى أن يحتاط له ) بتفسير آخر لا تكون نتيجته بطلان الأولوية ، بل نتيجته بيان مطلب آخر لا ربط له بمسألة صحة الأولوية أو بطلانها ، وبذلك سوف تكون الرواية أجنبية عن مسألة الأولوية صحةً وبطلاناً ، وذلك بأن يقال: إنَّ المخالف تمسّك لإبطال نكاح الوكيل المعزول بالأهمية وأنه فرجٌ وأنه منه يكون الولد والشارع يهتم بهذه القضية فحكم ببطلان الزواج الصادر من الوكيل المعزول مادام قد أجرى عقد النكاح قبل أن يصله خبر العزل ، والامام عليه السلام يريد أن يبيّن هذا المطلب وهو أنَّ الشرع المقدَّس مادام يهتم بمسألة النكاح فنقول إنَّ الاهتمام بالشيء يستدعي التسهيل والتيسير في أسبابه وعوامل حصوله لا التشديد ، وهذه قضية عقلائية ، فإنَّ المطلب المهم عقلائياً يتساهل في عوامل حصوله وتحصيله ، والزواج حيث إنَّ الشرع المقدّس يهتم به لأنَّ نظام الوجود عليه فإنَّ منه الولد وغير ذلك فلابد من التساهل في أسباب حصوله ، وعليه إذا لزم التساهل فالمناسب أنَّ الموكّل إذا عزل الوكيل ولم يصله خبر العزل وزوّج الوكيل المرأة فالمناسب للتساهل الحكم بصحة النكاح ، لأنَّ الشرع يهتم بمسألة النكاح ، والاهتمام به يقتضي التساهل في أسباب حصوله ، فعلى هذا الأساس لماذا حكمتم ببطلان النكاح والحال أنه أجدر بالاحتياط له ؟!! والاحتياط له يكون بالحكم بصحة سببه ، والسبب هنا يراد منه الزواج الصادر من الوكيل المعزول ، فالأجدر الحكم بالصحة لا أن تحكموا بالفساد ، فالإمام عليه السلام في صدد بيان هذا المطلب وليس في صدد بيان إبطال الأولوية بالشكل الذي فهمه الشيخ الأعظم(قده).

وبناءً على ما ذكرناه تكون رواية العلاء بن سيابة أجنبية عن المقام ، وبالتالي لا تثبت الأولوية سلباً ولا إيجاباً ، بل غاية ما يفهم منها أنَّ اهتمام الشرع بقضيةٍ يستدعي التساهل في عوامل حصولها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo