< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

الملحق الثاني: - إذا فرض أنَّ شخصاً اقترض من غيره مقداراً من المال وكنت له قوة شرائية معينة وبعد ذلك هبطت تلك القوة الشرائية حين ارادة التسديد فهل الضمان يتعلق بمقدار تلك الأوراق كأن اقترض منه ألف دينار سابقاً وكات قيمتها الشرائية قوية ولكن بعد ثلاث سنوات حينما أراد أن يسدد الألف دينار لا تسوى شيئاً فهل يلزمه أن يدفع له ما يعادل تلك الألف كان يكون مليون دينار حالياً فهل يلزمه ضمان المليون ودفعه إلى أن يقتصر على دفع تلك الألف لا أكثر؟

إنه قد يخطر إلى الذهن: - إنه قد يفصّل بين ما إذا جعل موعد معين للدفع كما لو اتفقا على أن فترة التسديد هي سنتان وبين ما إذا لم يحدد ذلك، فإن فرض وجود تحديد فقد يقال إنَّ نفس التحديد هو معناه الدائن يرضى بما دفعه إليه المدين إذا كان على رأس الموعد فالزيادة لا يحق له أن يطالب بها، وهذا بخلاف ما إذا فرض أنه لا يوجد تحديد فحينئذٍ يجوز له المطالبة بما يساوي تلك الألف فلو كان يساوي مليون فيطالب بالمليون.

والجواب: - إنَّ هذا وجيه فيما إذا فرض أنَّ المقرض والمقترض كانا ملتفتين إلى هذه القضية وأنه يحتمل أو حتماً سوف يحصل هبوط، أما لو فرض أنه لا التفات لهما إلى ذلك كما هو العادة فلا معنى لهذا التفصيل، إذ هو لم يقدم على أن يقبل بالألف حتى لو كانت قوته الشرائية لا تعادل شيئاً أو شيئاً قليلاً، فلا يوجد اتفاق ضمني أو اشتراط ضمني على ذلك مادام ليس لهما التفات إلى ذلك فهذا التفصيل لا وجه له.

والمناسب أن يقال: - نعم يضمن ما يقالب اللف وهو مقدار ليون كما ذكرنا.

ولا يشكل ويقال: - إنَّ هذا ربا، فإن الربا عبارة عن أخذ الزائد، فهو يدفع ألف دينار ويأخذ أكثر منه وهو عين الربا، فكيف يجوز؟

قلنا: - إنَّ اللازم في باب القرض بما يساوي ويماثل المال المقرَض، والمماثل يختلف باختلاف الزمان، فإذا كان التسديد في ذلك الزمن فنعم يكون تسديد الألف بالألف أما بلحاظ هذا الزمن المساوي للألف هو المليون فإذا دفع المليون لم يأخذ الدائن أزيد من ذلك، فعلى هذا الأساس يمكن ان تدعى هذه الدعوى وأن هذا ليس دفعاً للأكثر.

نعم إذا طالب بأكثر من المليون آنذاك يعدُّ ربا وطلبٌ للأزيد، أما إذا طالب بما يساويه غاية الأمر أنَّ تلك الوراق كانت قليلة وأما الآن فقد صارت كثيرة ولكنها كثرة شكلية أما واقعية فهما شيء واحد، فعلى هذا الأساس لا يعدُّ ذلك من الربا ولا محذور فيه.

وأما إذا فرض أنَّ العملة التي أخذها قرضاً قد سقطت وقت التسديد بحث لا اعتبار لها فهل يكون الدفع بالعملة الأولى؟ كلا، إذ المفروض أنَّ العملة الأولى قد سقطت عن الاعتبار، نعم قد يشتريها بعض الأشخاص كالذين يجمعون الطوابع والأشياء القدية لعله بعد مدة من السنين تصير له قيمة لأجل قدمه أما من حيث القيمة السوقية فهو ساقط عن الاعتبار، فهنا يكون المدار على العملة الجديدة، وذلك لوجوه ثلاثة: -

الأول: - الاشتراط الضمني، فإنه يوجد اشتراط ضمني بين المتعاقدين ولا يبين لوضوحه، وهو أنَّ العملة لو سقطت تعطيني بالعملة الجديدة بما يساويه، وهذا لا يذكر لوضوح المطلب.

الثاني: - إنه إذا لم يدفع من العلمة الجديدة فهذا معناه أنه لم يسدد الدين، فإنَّ الدفع بالعملة السابقة هو دفع بأوراق خالية عن الاعتبار، وهي كدفع قرطاس الدفتر، وهذا لا يُعَدُّ أداءً، فدفع العملة الساقطة لا يُعَدُّ أداءً، فيبقي الدين بلا تسديد.

الثالث:- وجود رواية أو أكثر - تدل على ذلك - وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس، والسند معتبر، قال:- ( كتبت إلى الرضا عليه السلام إنَّ لي على رجل ثلاثة آلاف درهم كانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها؟ قال:- ما ينفق اليوم بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس )[1] ، وعلى منوالها توجد رواية ثانية.

ونلفت النظر على قضية: - وهي أنَّ الدراهم في ذلك الزمان حتى لو أبطلت العملة لكنها تبقى قوية الاعتبار باعتبار انها من الفضة فباعتبار أنها فضة لا يلزم من ذلك سقوطها عن الاعتبار بشكل كلي وإن كان هناك سقوط فهو سقوط جزئي وليس سقوطاً كلياً.

فالإمام عليه السلام في هذه الرواية يقول إنَّ المدار على ما ينفق اليوم، فكيف الأمر حينئذٍ في زماننا الذي صارت فيه العملة أوراقاً، فهذه العملة إذا سقطت عن الاعتبار فلا تسوى شيئاً، فلابد أن يكون التسديد من العملة الجديدة.

 

مسألة (73): - المنافع المستوفاة مضمونة وللمالك الرجوع بها على من استوفاها وكذا الزيادات العينية مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها مما كانت له مالية فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال والضمان أظهر.

.............................................................................................

تشتمل هذه المسالة على أربعة أحكام: -

الحكم الأول: - المنافع المستوفاة مضمونة مادامت قبوضة بالعقد الفاسد الذي هو في محل كلامنا هو بيع الفضولي من دون إجازة المالك، والمقصود من المنافع المستوفاة مثل ركوبه على الدابة أو شرب اللبن.

الحكم الثاني: - إنَّ ضمان هذه المنافع يختص بمن استوفاها.

الحكم الثالث: - إنَّ الزيادات العينية مضمون على من استولى عليها، مثل الصوف إذا جزّه وانتفع منه.

الحكم الرابع: - ضمان المنافع غير المستوفاة محل إشكال والضمان أظهر، والمقصود من المنافع غير المستوفاة ما لو فرض أن العين كانت دابة صالحة للركوب لكنه لم يركبها، فهل يضمن المشتري هذه المنفعة التي لم يستوفِها، فإنها منافع وقد فاتت؟ وقع فيها كلام بين الفقهاء، والسيد الماتن حكم بأنَّ الضمان أظهر.

وكان من المناسب الإشارة إلى أحكام ثلاثة أخرى ضمن هذه المسألة أو قبلها: -

الأول: - وجوب الرد.

الثاني: - جواز التصرف، فأصل جواز تكليفاً هل يجوز التصرف أو لا ؟، وسيأتي أن بعض الفقهاء قال يمكن ان نحكم بجواز التصرف.

الثالث: - ضمان العين، فما هو الحكم بالنسبة إلى العين، فإنَّ التعرض الآن كله للمنافع أما نفس العين لو تلتف فهل هي مضمونة أو ليست بمضمونة؟، وإن كان السيد الماتن قد أشار إلى هذا ولكن من دون تسليط الأضواء عليه كان اللازم أن يسلط الأضواء عليه لا الإشارة العابرة فإنها لا تكفي، قال: -( وكذا الزيادات العينين مثل البن ..... فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين )، فإن قوله(كالعين) يفهم منه أنَّ العين مضمونة، ولكنه بيّن هذا الحكم من دون أن يسلّط الأضواء عليه.

فإذاً كان من المناسب أن يبيّن هذه الأحكام في ضمن هذه المسألة، ونحن نشير أولاً إلى هذه الأحكام الثلاثة ثم ندخل في أحكام المسألة: -

أما بالنسبة إلى الحكم الأول - وهو أنه بالنسبة إلى هذه العين هل يجب ردها أو لا: - أما بالنسبة إلى مسألة وجوب الرد وأنَّ المشتري بعدما أخذ العين ثم الطلع عن هذا البيع فضولي هل يجب عليه رد السلعة إلى المالك فوراً أو يمكنه أن ينتظر مجيء المالك ليأخذها؟ إنَّ هذه المسألة قد تعرض إليها السيد الماتن في مسألة ( 57 ) حيث تعرض هناك إلى المقبوض بالعقد الفاسد وكان فيها إشارة إلى قضية وجوب الرد، ونحن لا نريد بحث هذه المسألة هنا وإنما نذكر ملخص ما ذكرناه هناك، فإنَّ وجوب الرد هل يقصد منه التخلية بين العين وبين المالك فهذا واجب جزماً فإذا جاء المالك فأنا لا بد وأن أخلي بينه وبين العين وهذا مسلّم ولا كلام فيه لأنه مالك وهذا هو مقتضى ملكيته، وأما إذا كان المقصود منه وجوب الرد أي بمعنى أني يجب علي أن أذهب إليه وأرد العين إليه فقد ذكرنا في تلك المسألة أربعة وجوه لإثبات وجوب الرد ولكن ناقشنا في الجميع وانتهينا إلى أنَّ الرد ليس بواجب لعدم الدليل بل متى ما جاء المالك ادفع إليه العين.

وأما بالنسبة إلى الحكم الثاني - أعني جواز التصرف -: - فالمناسب عدم جواز التصرف، لأنَّ هذا ملكٌ للغير، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه، ولكن مع احراز رضا المالك بالتصرف رغم عدم تحقق الانتقال فيجوز التصرف حينئذٍ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo